بثّ التلفزيون الرسمي الجزائري مقطع فيديو يدّعي فيه اكتشاف "نفق سري" يربط بين المغرب والجزائر، زاعماً أنه يُستخدم في أنشطة مشبوهة عبر الحدود. غير أن ما لم تعلنه القناة هو أن المشاهد المعروضة لا علاقة لها بالمنطقة المغاربية، بل تم اقتباسها من تقرير بثّته قناة إسبانية حول عملية أمنية لجهاز الامن الاسباني. الواقعة تحوّلت خلال ساعات قليلة إلى مادة للسخرية على نطاق واسع، خاصة بعد أن تم التأكد من أن الفيديو الأصلي يعود لوزارة الداخلية الإسبانية، ويعرض مشاهد لنفق مخصص لتهريب البشر تم اكتشافه سابقاً بجيب سبتة. ولم تقدم السلطات الجزائرية منذ ذلك الحين أي أدلة ميدانية حقيقية أو صور تثبت وجود نفق فعلي على حدودها مع المغرب، رغم مرور أكثر من ثلاثة أيام على الإعلان المثير. هذا السلوك الإعلامي أعاد تسليط الضوء على حجم التخبط الذي تعيشه المنظومة الرسمية الجزائرية، سواء على المستوى الأمني أو الإعلامي، إذ بدلاً من تقديم معطيات دقيقة وموثقة، تم اللجوء إلى فيديو أجنبي من أجل دعم رواية باطلة. مثل هذا الأسلوب يعكس هشاشة في التعاطي مع الملفات، ويطرح علامات استفهام كبرى حول مدى المهنية والجدية داخل القنوات الرسمية الجزائرية. ما زاد من وطأة الفضيحة أن السلطات الجزائرية كان بإمكانها، إن كانت تمتلك فعلاً دلائل على وجود هذا النفق، أن تنشر صوراً ميدانية توثق الاكتشاف في اليوم الأول للإعلان عنه. إلا أن اللجوء إلى سرقة محتوى من بلد أوروبي، دون التأكد من تبعات ذلك، يكشف فشلاً ذريعاً في إدارة الرسائل الإعلامية، ويؤكد وجود خلل بنيوي في طريقة التعامل مع قضايا الحدود والأمن الوطني. هذه الواقعة، التي تتجاوز حدود الإعلام لتصل إلى مستوى الدعاية السياسية، تبرز مجدداً أن بعض الأطراف في الجزائر تسعى إلى اختلاق أزمات وهمية مع المغرب، ربما بهدف صرف الأنظار عن التحديات الداخلية المتفاقمة. غير أن مثل هذه المحاولات كثيراً ما تأتي بنتائج عكسية، إذ تنال من مصداقية النظام الجزائري أمام الرأي العام.