قال نزار بركة الأمين العام لحزب “الاستقلال” إنه إذا كان المغرب قد قطع مع عهد التزوير الانتخابي، وحققت تراكما إيجابيا فيما يتعلق بشفافية الاقتراع، يُلاحظ أنه ما زالت هناك ممارسات تمس بحرية ونزاهة العملية الانتخابية فيما يتعلق بالترشيح والتصويت معا. وأضاف بركة في المهرجان الذي نظمه حزبه، يوم أمس الجمعة، بمدينة فاس تخليدا لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، أن هناك العديد من الممارسات المشينة للمنافسة الشريفة، واستفحال استعمال المال، وبروز ثنائية قطبية مصطنعة للمشهد السياسي بما لا يتناسب مع خيار التعددية والتنوع في المجتمع المغربي؛ وهو الأمر الذي يزيد في تعميق الهوة بين المواطنين والحياة السياسية، وبالتالي في تفاقم أزمة الوساطة الحزبية. وأوضح بركة أن المواطن في مناسبات كثيرة يقف على أن الوعود التي تم التبشير بها بخصوص آثار الصلاحيات التنفيذية الواسعة التي منحها الدستور للحكومة، لم يتم تحقيقها بعد، كما هو الحال بالنسبة لتسريع إنتاج القوانين والنصوص التنظيمية، والرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتحسين الحكامة ومكافحة الفساد. وأكد بركة أن هذا التراخي المتسم بهدر زمن الإصلاح وعدم تفعيل القوانين وتعطيل الإدارة، وتشجيع الممارسات الموازية غير النظامية وغيرها، ساهم في أن يتلاشى بالتدريج أملُ المواطن في التغيير والارتقاء اللذين وعدتْ بهما تعاقدات ما بعد 2011. وأبرز الأمين العام لحزب “الاستقلال” أن إنتاج القوانين أصبح هو الاختصاص الوحيد الذي تمارسه الحكومة، في غياب الفعل الميداني والسياسات العمومية ذات الأثر الملموس على حياة المواطن، رغم التنصيص الدستوري، ورغم توسيع مجال القانون لصالح البرلمان، إلا أن مساهمة المنتخبين محدودةً للغاية، على غرار كما كانت عليه في الماضي، سواء في تعديل مشاريع القوانين أو عبر تقديم مقترحات القوانين. وأشار بركة أن ملستمات التشريع المتاحة للمواطنين معطلة لأجل مجهول، ناهيك عن بطء وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتعليق إنفاذ القوانين نظرا للفارق الزمني بينها وبين مراسيمها التطبيقية. وشدد بركة على أن الطبقة المتوسطة أصبحت تعيشُ على محك التقهقر والانحدار والتفقير الوشيك بالنسبة إليها ولأبنائها، ولا سيما وأن العرض العمومي لم يعد قادرا على توفير التعليم الجيد المجاني، والخدمات الصحية الكافية والمجانية، والسكن اللائق، والتقاعد الكريم، فضلا عن الإحساس بالأمن والأمان. وذلك أمام التوجه التوجه نيو-ليبرالي غير المتوازن للحكومة، الذي يوسع من فجوة الفوارق الاجتماعية والمجالية بتركيز الثروة في يد الفئات والمناطق الغنية، وتدبير خصاص الشرائح والمجالات الفقيرة بالمنطق الإحساني الذي يعيد إنتاج أسباب الفقر الجيلي ولا يُمكن من تحقيق الارتقاء. وتابع بركة كلامه قائلا: ” يحدونا الأمل في أن تتجاوز بلادُنا، بتضافر جهود الجميع، خيباتِ المواطنات والمواطنين، والأعطاب التي حالت دون تحقيق الوعود التي التزم بها تعاقد ما بعد 2011، وأن تكون محطةُ الحوار الوطني حول النموذج التنموي الجديد فرصة لا ينبغي إهدارها، على غرار فرصٍ سابقة من أجل إبرام تعاقدات مجتمعية جديدة وفق مقومات المشروع المشترك كما حددها الدستور، والتي تجعل من المدخل الديمقراطي أرضية لباقي التعاقدات، لأنه لا تنمية بدون ديمقراطية، ولا جدوى من الديمقراطية إذا لم تكن دافعة للنمو والثقة”. ودعا بركة الحكومة بعد أن وصفها أنها تواصل عنادها، إلى جعل سنة 2019، سنةً لتقييم كل الاستراتيجيات القطاعية التي وضعتها الحكومات السابقة للوقوف على حصيلة ما تحقق من نتائج إيجابية وسلبية، خاصة وأن السقف الزمني لمعظم هذه المخططات سينتهي في سنة 2020، إن لم يكن قد انتهى فعلا بالنسبة لمخططات أخرى في السنوات الثلاث الأخيرة. وبناء على هذا التقييم أن تقوم بمراجعة برنامجها الحكومي بمناسبة تقديم حصيلة منتصف الولاية، وأن تضع سياسة مندمجة جديدة للشباب، ومراجعة هيكلية لمخططات وبرامج التشغيل والتكوين المهني، وتطوير السياسة المائية في مواجهة تحديات الخصاص، وإصلاح السياسة الفلاحية.