قال تعالى : ” من ذَا الذي يقرض الله قرضا حسنا ، فيضاعفه له وله أجر كريم ” صدق الله العظيم . الإسلام دين الإنسانية، يحثنا على العمل الإنساني للبشرية جمعاء ، دون أن يقتصر عمل الخير عند المسلم على الأخوّة في الإسلام ، ليتعدّاها إلى الأخوّة الإنسانية، فالمسلم حين يتعامل مع غيره، فهو يتعامل معه ظاهراً، لكنه في الحقيقة يتعامل مع الله. إن مفهوم العمل الإنساني أو الخيري في أوقات الكوارث والأوبئة، يتحدى دائرة الإسلام إلى دائرة الإنسانية ويتعدى الدائرة الإنسانية، ليشمل دائرة الحيوان والجماد والنبات. فالعمل الإنساني قد يكون واجبا مفروضا، وقد يكون مستحباً أو مباحاً ، بل تتسع دائرة العمل الإنساني لتشمل المسلم وغير المسلم معاً، لأنهما يعيشان في ظروف صعبة، مقدمتها الغربة ونهايتها فيروس كورونا. إن العمل الإنساني هو من المقاصد الكبرى التي خلق من أجلها الإنسان، وهنا نقف على حديث رسول الله “ص ” : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه… ” . هنا يتبين لنا أن العمل الإنساني إخاءٌ وتراحمٌ ومحبةٌ و وفاءٌ وعطاءٌ ، و إستدرار لفضل الرحمان الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، إننا اليوم نعيش وضعا يهدد بتصفية الإنسانية، بصمتٍ مخيف ورهيب، أمام الصدمة التي يعيشها العالم في غياب الحل، باستثناء التشبت بالوقاية والمكوث في المنزل ، على أمل إيجاد الدواء و المصل الطبي سيقضي على الوباء و يحد من إنتشاره السريع و المخيف. مما يتطلب من الإنسانية جمعاء، الحشد و الدعم المعنوي والمادي ، للضعفاء والمهاجرين وأسرٍ من لا مأوى ولا طعام لهم ، وهم يعيشون بيننا في صمتٍ وحزنٍ عميقين. مما لا يختلف فيه إثنان ولا يتناطح فيه عنزان أن زمن وباء كورونا مخيفٌ وقاتل ، ليس له مكان ولا زمان ، ولا يختار فقيرا او غنيا ، إن المشروع الإنساني الصادق النوايا دون الشهرة والمحاباة ، هو وضع إدارة ولجانٍ وأرقام هواتف ، المنهج الأول التوعية والإلتزام بأساليب الوقاية والإمتثال لكل قرارات الدولة إتجاه سلامتك ، مع المنهج الثاني و الذي هو الإتصال المباشر والبحث عن الإنسان المهاجر الضعيف لأننا نعرف عددا كبيرا ممن هم في وضعية صعبة ، ضاقت بهم سبل الحياة عندما فرض على الجميع (الحجر الصحي ) . إن منبر الإنسانية هو قلبها الصامت و ليس عقلها وفهمها الثرثار ، إن الأزمة الإنسانية الآن وفي كل زمان هي أن تتقدم في وسائل قدرتها ، أسرع مما مما تتقدم في وسائل حكمتها ، وهو مما سيدفعنا وبوعي جاد وفعل صادقٍ ونية حسنةٍ ، لإعادة النظر في أساليب المشروع الإنساني إنطلاقاً من أبوابه الأتية : 1/ الإتصال المباشر ، الابتسامة الصادقة في وجه الإنسان المهاجر الضعيف ، مما سيذيب الجليد ، ويحل كل الخلافات ، و يداوي الجراح ، إنه مفتاح العلاقات الإنسانية الصادقة من جديد . 2/ من له القدرة المالية وجب عليه التكلف بعدد محدد من المهاجرين الذين يعرفهم في وضعية صعبة من شتى النواحي ، رغم كل إختلاف، لأن الإنسانية تنبث بذور المحبة والتسامح والتواصل من جديد . 3/ تقديم المساعدات الإنسانية بفعلِ الكثمان دون التشهير ، ليكون جوهر العمل الإنساني محمود ، ونفسية المستفيد مع فرحتهِ ، يحس بالراحة والدفء الأخويُّ والطمأنينة ، كما تحس بها وأنتَ في حضن عائلتك . 4/ المواكبة الدائمة للمهاجر المستفيد ، لأن هذا -الوباء فيروس كورنا- لا زلنا في عتباتهِ الأولى و هي ” الحجر الصحي ” ، لكن لا نعرف متى ، وكيف ، سينتهي هذا الوباء . خلاصة ما أصف به المشروع الإنساني، أن من يظن أن العلاقات الإنسانية ، فصلٌ في كتاب تنظيم العمل الإنساني ، هو مخطئ في ذلك ، فالعلاقات الإنسانية هي كل الكتب ، كما نطلب السلامة والنجاة للمغرب وإسبانيا ، و رفع هذا الوباء عن كل بقاع العالم ، والشفاء لكل المرضى و كل إنسان في العالم . الفنان المسرحي عبد المطلب النحيلي إبن القصر الكبير بمدينة طراسة