بقلم : أحمد رباص من المعلوم لدى كل مهتم بمشهدنا الإعلامي العربي أن السيدعبد الباري الباري عطوان هجر منذ شهور جريدة “القدس العربي” التي تصدر من عاصمة الضباب دون أن نعرف سبب ذلك وأصبح ينشر مقالاته/آراءه في جريدة إلكترونية اسمها “رأي اليوم”. في هذا المنبر الأخير، كتب عطوان مقالا تطرق فيه لجانب واحد من الأزمة السياسية بين العراق وإيران. هذا وقد جاء عنوان المقال على شكل فقرة فيما يلي نصها: “بغداد لن تكون عاصمة الإمبراطورية الإيرانية كما صرح نائب رئيسها…والشعب العراقي سيقاوم أي استعمار إيراني مثلما قاوم الاحتلال الأمريكي وانتصر عليه…واستنكار الخارجية العراقية لهذه التصريحات الاستفزازية لايكفي..” لاحظت منذ فترة القدس العربي أن االسيد عبد الباري عطوان متخصص في الأخبار المتعلقة بالأحداث الدولية ووما يتصل بها من تصريحات كبار قادة العالم السياسيين خصوصا تلك التي تمس في الصميم مصالح الدول االمشكلة لمحور الممانعة..تحليلاته تكون دائما مطابقة لعين العقل، غير أن انصبابها على أحداث وأقوال سياسية عابرة يجعلعا قابلة لأن يرمى بها في القمامة بعد قراءتها؛ بمعنى أنها فاقدة لأي قيمة علمية تحتم على القارئ الحفاظ عليها في أرشيفه. إن السيد عطوان ليس سوى (كرونيكور)، ديدنه التقاط أحداث والتعليق عليها مباشرة بعد خروجها من فرن التاريخ اليومي الذي علمتنا التجربة أنه زئبقي لا يستقر على حال. فمثلا، من غير المستبعد أن تتحول تصريحات رئيس الوزراء الإيراني موضوع المقال إلى فقاقيع صابونية بألوان قوس قزح كما قد تصير تداعياتها وما قد ينتج عنها من ردود أفعال مجرد سحابات صيف..وليس من المستبعد أن تدخل السلطة الدبلواسية الإيرانية أداة نفي على تل القضية اتي ضمنها الكاتب عنوان مقاله بتفصيل كاد – إن لم أقل كان مملا… على خلاف التسرع الذي عادة ما يمتطي جناحه الصحافي الكرونيكور، لابد للمفكر المختص من التريث والانتظار حتى تكتمل الصورة، لأن الجزئيات لاتهمه بقدر ما تهمه الكليات الأساسية. انظروا، مثلا، إلى ميشال مافيزولي السوسيولوجي الغني عن التعريف الذي لم يدل لموقع أطلنتيكو برأيه حول مذبحة شارلي إيبدو ومذبحة فالسان إلا بعد أن مر عليهما ما يزيد عن شهر ..ربما كان هذا التسرع هو ما حذا بالمرحوم محمد عزيز الحبابي إلى نعت الصحافيين بأنهم يهتمون بأشياء سرعان ما يتم نسيانها.. تقتضي الموضوعية الاعتراف للرجل بميزة الشجاعة الأدبية التي يتحلى بها دوما كلما حدث طارئ يستشف منه ضرب المصالح العربية_الإسلامية من قبل القوى الغربية المساندة لإسرائيل وعلى رأسها أمريكا الشمالية و تقوم هذه باعتداء دموي وتخريبي على تلك. كما لا أجحد كون الرجل ذا أسلوب في الكتابة يتميز بالسلاسة والبساطة ما يوسع قاعدة قرائه. وقد تكون لصاحبنا مزايا وخصال حميدة أخرى أقصاهاالنسيان أو أن المجال لا يتسع لذكرهها بالتفصيل المواتي. لكن، في مقابل تلك الحسنات التي تحسب له هناك هنات وسلبيات تحسب عليه سوف أكتفي بذكر البعض منها على سبيل المثال. من خلال مقالات الرأي التي كتبها ع.الباري عطوان والتي نشرها سابقا في “القدس العربي” أو حاليا في موقعه الإلكتروني “رأي اليوم”، يبدو أن صاحبها ينطلق من أخبار معزولة تتناول قضايا تهم العرب المسلمين من منطلق يتحيز فيه للتيار الإسلامي وكأن العرب قاطبة أو كأن أغلبهم متسيسون بالطريقة الإسلامية. هكذا نجده ينحاز لحماس ويطبل ويزمر لكونها تقاوم الاستعمار الإسرائيلي مع أن العقل السليم لن يسلم بقدرة حماس لوحدها، حتى ولو كانت مدعومة بأجنحتتها العسكرية، على تحرير فلسطين. وإذا ما تعلق الأمر بما يجري في مصر حاليا،نجد السيد عطوان يميل بكل جوارحه إلى “الإخوان المسلمون” واصفا إياهم بأنهم ضحايا انقلاب عسكري تزعمه السيسي دون أن يلتزم الحياد بين الطرفين ودون ذكر أخطاء هؤلاء ومزالق أولئك. باختصار شديد، إن الشيء الأساسي الذي يمكن أن نفسر به الانحياز السافر لع. الباري عطوان لجهة الإسلاميين على حساب جهة العلمانيين (قوميين، اشتراكيين وليبراليين…) هو رهانه على الوصول إلى أعلى رقم مبيعات أوزيارات لعنوانه الإعلامي على اعتبار أنالأوائل يشكلون السواد الأعظم في حين الأواخر قليلو العدد وبالتالي فإن إيراداتهم هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع ويكاد يكون خط تحرير ع0 الباري عطوان مماثلا لخط تحرير قناة الجزيرة القطرية0 ومن الشعبوية ما أغنى و”رفح” (بتشديد الفاء وتسكين الحاء).