محمد إنفي الإعلام الجزائري – بكل منابره الرسمية وغير الرسمية وبكل أنواعه (المكتوب والمسموع والمرئي) وبكل صحفه الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، باستثناء بعض المنابر التي تبث برامجها من خارج الجزائر- يغرق إراديا في بحر من القذارة ويغوص في محيط من الوحل والانحطاط الأخلاقي والفكري وينغمس في مستنقعات الحقارة والخسة والنذالة، في كل خرجة له للتحدث عن المغرب. وما أكثر خرجات هذا الإعلام الدنيء الذي يستهدف رموز بلادنا ومؤسساتها، ويستهدف أخلاقنا وأعراضنا، ويتطاول على حضارتنا وتراثنا…لعل الإعلام المغربي ينزل إلى مستواه فيرد عليه بنفس الأسلوب المنحط!!! لكن المغرب لا يرد على هذه الإساءات وهذه الحماقات لا مؤسساتيا ولا إعلاميا. فلا وكالة المغرب العربي للأنباء (La MAP) ولا أي تلفزيون رسمي أو خاص يرد على قذارات ودناءة الإعلام الرسمي الجزائري بكل مؤسساته ومنابره؛ فقط بعض نشطاء التواصل الاجتماعي، هم من يتولون الرد على الهجمات القدرة لإعلام المجاري (égouts les) الرسمي الذي يتعمد الإساءة لرموز بلادنا ومؤسساتها؛ ويتهجم على المغرب والمغاربة بوقاحة وجرأة قل نظيرها. لقد سبق لهذا الإعلام القذر أن وصف المغرب بمملكة الرذيلة، مع العلم أن الجزائر مشتل لكل الرذائل والخبائث ومستنقع لكل القذارات الأخلاقية والسياسية وغيرها. فالتاجرة في المخدرات الصلبة يتعاطى لها علية القوم (الجنرالات وأبناء الذوات: فابن تبون ضبط بسبعة قناطر من الكوكايين؛ لكن أباه أخرجه من السجن؛ والجنرالات لا يتورعون عن المتاجرة في كل الممنوعات). والفساد الأخلاقي في الجزائر يزكم الأنوف؛ فحسب الشيخ الجزائري، شمس الدين، فإن الجزائر العاصمة وحدها بها ثمانية آلاف بيت دعارة؛ بمعنى أن العاصمة الجزائرية ماخور كبير ومصدر لكل الأمراض الفتاكة المعدية. وليس العاصمة وحدها التي تعاني من كل أنواع الفساد؛ ففي وهران، مثلا، خرجت بعض الشابات تستنجدن برئيس الجمهورية من أجل إنقاذ المدينة من آفة السيدا التي تفتك بالرجال والنساء بسبب انتشارها الواسع بين السكان. ودائما، حسب شهادة الشيخ الوقور، شمس الدين، فإن المزابل الجزائرية، يلقى فيها بالعديد من الأطفال حديثي الولادة، وأعينهم تشي باختلاط الأجناس في بلاد "الشهداء". وفي محاولة للتغطية على ما في الجزائر من كوارث أخلاقية واجتماعية واقتصادية وسياسية وحقوقية…، يسعى الإعلام الرسمي وغير الرسمي إلى وصف المغرب بكل الكوارث الموجودة في "القوة الضاربة"، من جهة، بهدف تشويه صورة المغرب؛ ومن جهة أخرى، لإيهام الجزائريين بأنهم ليسوا وحدهم من يعانون من الاضطهاد ومن الفقر والعوز. وبهذا الافتراء والكذب، فقد استحق هذا الإعلام وَسْمَه من قبل بعض الجزائريين أنفسهم بإعلام "الزيكوا" (égouts les إعلام المجاري) لأنه يعتمد على قاموس يمتح من كل أصناف القذارات، لا فرق في ذلك بين وكالة الأنباء الجزائرية والتلفزيون الرسمي وباقي وسائل الإعلام والتواصل. وحتى الإعلام الرياضي لا يسلم من هذا الانحطاط وهذه القذارة. فهجومهم على السيد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، واتهامهم له بالكولسة وشراء الحكام واختطاف "الكاف" وغير ذلك من السفاسف والسخافات التي لا تليق إلا بهم والتي لا تصدر إلا عن الفاشلين ومرضى النفوس. فما يمارسونه فعليا أو يحلمون بممارسته، يتهمون به فوزي لقجع. وهذا دليل على ضعفهم وفشلهم في منافسة هذا الأخير الذي وضعهم في حجمهم الحقيقي ونجح في نيل احترام الأفارقة الذين يرون فيه نموذجا يحتذى. هذا الإعلام القذر الذي نتحدث عنه (ويعلم الله ما يُدرَّس في المدارس الجزائرية، وما يُلَقَّنُ للأجيال) قد ربى أجيالا من الجزائريين على الأساليب القذرة بحيث لا يعرفون معنى لقواعد الحوار ولا يدركون قيمة الكلمة ولا يتقنون سوى السب والشتم والكلام النابي. وهكذا جعلوهم مُغَيَّبين عن الواقع، ويعيشون في الوهم، لكون إعلامهم أفهمهم بأنهم الأفضل في كل شيء وأنهم أحفاد الشهداء وأن بلدهم قوة ضاربة وأن…وأن…، وهم يعيشون في الحضيض اجتماعيا واقتصاديا (رغم البترول والغاز والمعادن النفيسة) وثقافيا (استشراء الجهل حتى بين المتعلمين؛ فكم من محلل لما تسمعه تصاب بالغثيان) وحقوقيا (تكفي تدوينة في الفايسبوك تنتقد الحكومة لتجد نفسك في سجن الحراش؛ وليس للجزائريين حق التظاهر تضامنا مع الشعب الفلسطيني)…؛ أما سياسيا وديبلوماسيا، فقد نجح النظام الجزائري في جعل حدود الجزائر كلها ملتهبة وأصبحت البلاد في عزلة قاتلة. كما أنه نجح في جعل الجزائر أضحوكة أمام العالم بفعل هرطقات تبون؛ ومن هذه الهرطقات، إعلانه في الأممالمتحدة أن الجزائر ستصل في نهاية 2024 إلى تحلية مليار وثلاث مائة مليون مترا مكعبا من مياه البحر؛ وزعم أن الجزائر لها أحسن منظومة صحية في إفريقيا، وبأنها ثالث اقتصاد في العالم؛ بينما الجزائيون يعانون من الجوع والعطش وتردي الأوضاع الصحية. وبالرغم من كل البؤس الذي تغرق فيه الجزائر (باستثناء سكان نادي الصنوبر وسكان المرادية)، وربما بسبب هذا البؤس، يستمر الإعلام الجزائري في بردعة الشعب المغلوب على أمره، والذي يقضي سواد يومه في الطوابير لعله يحصل على شيء مما يحتاجه المطبخ من أجل تحضير ما يسد الرمق. ومع ذلك، فالجزائري لا يمل من ترديد كلمة النيف كتعبير عن النخوة والأنفة؛ بينما، في الواقع، أنفه ممرغ في التراب. فلا نخوة ولا أنفة ولا عزة أو كرامة؛ والزلط والتفرعين، كما قال الراحل بوتفليقة، هي الصفة الوحيدة الثابتة في الجزائر. خلاصة القول، الإعلام الجزائري يقدم أسوأ مثال عن دور الإعلام في الإخبار والتثقيف والتربية؛ فهو بعيد كل البعد عن المهنية وعن أخلاق المهنة. لقد فضل الوضاعة والحقارة عن رفعة الأخلاق وعزة النفس. وكان يعتقد أنه باختيار هذا الأسلوب الحقير (وصف المغرب والمغاربة بأوصاف قدحية وألفاظ نابية) سينجح في تشويه صورة المغرب (العقدة الأبدية للنظام الجزائري) إرضاء لهذا النظام الجاثم على أنفاس الجزائريين؛ لكنه، في النهاية، سقط في شر أعماله؛ فبدل أن يشوه صورة المغرب، فقد شوه صورة الجزائر أمام العالم؛ وذلك لغبائه وحقده الدفين الذي غرسه النظام العسكري في أجيال من الجزائريين. مكناس في 9 شتنبر 2025