عبد الله جعفري، أول صحفي رياضي في العالم يتوج بجائزة خاصة من الاتحاد الدولي لتأريخ وإحصاءات كرة القدم (IFFHS)    مصرع عامل بشركة "صوميكوتراد" في حادث شغل مأساوي بطنجة (صور)    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    الرباط.. وزير الدفاع الهندي يزور ضريح محمد الخامس    سفينة مغربية ترسو بإيطاليا في انتظار استكمال الإبحار نحو قطاع غزة    السيسي يصدر عفوا عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح    المغرب والهند يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الدفاعية والأمن السيبراني    هشام العلوي يرفع دعوى قضائية ضد يوتيوبر رضا الطاوجني    ملف "الراعي الصغير".. قاضي التحقيق يأمر بإخراج الجثة وإعادة التشريح    "مولاي هشام" يرفع دعوى قضائية    المثقف المغربي والوعي النقدي    الكتابة والمشاركة في زمن الرقمنة: تأملات حول المعنى والتلقي..!    من غرفة مغلقة بتيزنيت..."أفراك ⴰⴼⵔⴰⴳ" أو حينما يكشف العبث المسرحي عن قسوة السلطة ومصير الإنسان    هيئة نصرة قضايا الأمة تستنكر منع الوقفات التضامنية مع غزة    بوريطة يلتقي مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن في نيويورك        الإعلام الإيطالي: طنجة المتوسط.. الميناء المغربي الذي أعاد رسم خريطة التجارة العالمية        بوعياش: أي سياسة عمومية لا تنطلق من مقاربة حقوقية ستظل غير مجدية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    عدة بلديات ترفع العلم الفلسطيني تزامنا مع اعتراف باريس بدولة فلسطين في الأمم المتحدة    رسميا.. أشرف حكيمي يغيب عن حفل الكرة الذهبية بسبب مباراة الكلاسيكو الفرنسي    بن غفير: لو كنت رئيسا للوزراء لاعتقلت عباس الآن    زعيم كوريا الشمالية يعلن حصوله على أسلحة سرية    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مهرجان الدوحة للأفلام 2025 يفتتح فعالياته بفيلم "صوت هند رجب".. تحية مؤثرة للصمود وقوة السينما    التكريس التشريعي للمرصد الوطني للإجرام في قانون المسطرة الجنائية الجديد يضع المغرب ضمن الدول التي تتبنى أفضل الممارسات في مجال الحكامة الجنائية    توقيف مواطنين أجنبيين بمطار أكادير المسيرة متورطين في تهريب المخدرات    هلال الناظور مهدد بخسارة نقاط مباراته أمام شباب الريف الحسيمي بسبب اعتراض تقني    الذهب عند مستوى قياسي جديد مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مندوبية التخطيط: تباطؤ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 0.3% في غشت    "فيدرالية اليسار" يدين منع وقمع المحتجين بمختلف المدن ويرفض تحويل الشارع إلى مسرح للترهيب    وجدة تحتضن النسخة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    استمرار الاضطرابات في مطارات أوروبية بعد هجوم إلكتروني        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    قيوح يتجه إلى مغربة الأسطول البحري وتعزيز السيادة في القطاع        المغرب ينهزم أمام الأرجنتين في نهائي الدوري الدولي للفوتسال    الحزب المغربي الحر يستنكر الغياب الملحوظ بجماعة تطوان ويطالب بالمساءلة القانونية        هزة أرضية بقوة 3.5 درجاتتضرب سواحل مدينة الحسيمة    دي ‬ميستورا ‬بمخيمات ‬تندوف ‬بعد ‬مشاورات ‬بموسكو ‬    ترحيب عربي باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين    مدينة يابانية توصي باستخدام الأجهزة الرقمية ساعتين فقط يوميا    غوارديولا يشكو من الإرهاق البدني بعد التعادل أمام أرسنال    ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)        مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الدفاع الجديدي يوضح حادثة القميص    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    الرسالة الملكية في المولد النبوي        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يتحول الاستغلال المفرط لحطب الوقود إلى باعث على مصالحة الإنسان مع البيئة في ورزازات وتنغير

كان حطب الوقود و لازال بالنسبة للساكنة القروية والجبلية في مناطق شتى من المغرب يشكل مادة أساسية تسخر من أجل تلبية مجموعة من الحاجيات داخل البيوت بشكل يومي، لدرجة أصبح معها التزود بالحطب شأنا حاضرا بقوة ضمن الانشغالات اليومية للعديد من الأسر المغربية التي تتخذ من القرى والأرياف مجالا للعيش.
ويزداد هذا الانشغال حدة لدى الساكنة القروية المتواجدة في المجالات الغابوية حيث تنتشر الأشجار والنباتات التي يعتبرها السكان ملكا مشاعا يحق لأي أحد استغلاله. وفي غياب أي تقنين حقيقي لهذا الاستغلال غدت العديد من المناطق الغابوية كأنها بيادي جرداء بفعل سيادة منطق الأنانية الضيقة، الذي تحول معه حق الانتفاع من الملك الغابوي إلى استنزاف مفرط للموارد الطبيعية.
وقد باتت هذه الوضعية تهدد بشكل جلي التوازنات البيئية في جهات مختلفة من المغرب، لاسيما في المناطق النائية والمعزولة التي تعرف قساوة في الظروف المناخية أثناء موسمي الخريف والشتاء، حيث يكثر الإقبال على استهلاك حطب الوقود في التدفئة، إلى جانب استعماله في أغراض منزلية أخرى كالطهي والاستحمام، فضلا عن استغلال هذا المورد الطبيعي في أغراض البناء والأشغال الفلاحية وإنتاج الفحم الخشبي بالنسبة لبعض المناطق.
ويعتبر جمع الحطب في المناطق المنتشرة على امتداد السفح الجنوبي للأطلس الكبير في إقليمي ورزازات وتنغير نشاطا يوميا تتعاطى له الفتيات والنساء من مختلف الأعمار، حيث لا يتوقف هذا العمل عند حدود ضمان التزود بالحاجيات اليومية من الحطب، وإنما يتعدى ذلك إلى تكوين مخزون احتياطي يمكن اللجوء إليه عند الحاجة القصوى.
ومن المألوف أن يصادف المرء أثناء تجوله بهذه المناطق مجموعات صغيرة من النساء أو الفتيات،أو هما معا، يحملن على ظهورهن التي تقوست من شدة الشقاء حزمات من الحطب خاصة عند أوقات المغيب، حيث تكون هذه المجموعات من النسوة والفتيات قد اجتزن مسافات طويلة مشيا على الأقدام لجمع ما تيسر من الأغصان والنباتات اليابسة القابلة لأن تصلح كمادة للوقود، وقد يلجأن في كثير من الأحيان إلى تسلق الأشجار، وقطع الأغصان لإتمام كمية الحمولة الحطب التي اعتدن العودة بها إلى منازلهن كل مساء.
ونظرا لكون جمع حطب الوقود في هذه المناطق يتم بطريقة عشوائية طابعها الأساسي هو الاستنزاف، بادر المسؤولون عن "مشروع الحفاظ على التنوع البيولوجي باعتماد الترحال في السفح الجنوبي للأطلس الكبير" الذي انطلق منذ سنة 2001، إلى إدراج هذا الشق من النشاط البشري في هذه الربوع ضمن أجندة القضايا التي يعمل عليها المشروع قصد حماية الثروات الطبيعية في المنطقة، وتوفير الشروط المساعدة على استدامتها.
ويقول السيد عزيز رحو المنسق الوطني للمشروع أنه أثناء الجولات الميدانية التي يتم القيام بها في المجال الترابي المشمول ببرنامج عمل هذا المشروع والذي يمتد على حوالي مليون هكتار، لوحظ تواجد أكوام ضخمة من حطب الوقود تسمى باللهجة المحلية "أسراس" بالقرب من بعض التجمعات السكانية، ويعود تاريخ تجميعها أحيانا إلى ثلاث أو أربع سنوات.
وأضاف السيد عزيز رحو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه لوحظ بأن الساكنة المحلية غالبا ما تلجأ إلى اقتلاع النباتات من الجذور للحصول على الحطب، وهذا ما ساعد على تدهور الغطاء النباتي في المنطقة تدريجيا وبشكل أصبح مثيرا للقلق، مشيرا إلى أن عملية جمع الحطب في المنطقة تتم خلال الفترة الممتدة من أكتوبر حتى شهر مارس، وذلك بمعدل 5 أيام في الأسبوع.
وتقدر مصالح المشروع الوطني للحفاظ على التنوع البيولوجي في السفح الجنوبي للأطلس الكبير احتياطي كميات حطب الوقود بالنسبة لكل دوار في المنطقة بحولي 700 طن، وهو ما يمكن اعتباره إسراف واستنزاف حقيقي للموارد الطبيعية في هذه المنطقة.
وعلاوة عن حطب الوقود المستعمل في الطبخ والتدفئة وغيرها من الأغراض المنزلية الأخرى، فإن سكان المنطقة ، دأبوا منذ عقود خلت على قطع الأشجار من أجل استعمال جذوعها وأغصانها في أغراض البناء التقليدي، أو تسييج بعض الفضاءات والاستغلاليات الزراعية، إلى جانب صنع الفحم الخشبي الذي يشكل مصدر رزق بالنسبة لبعض الأسر، مع ما يترتب عن ذلك من مخاطر على التوازنات البيئية، وعلى نمط الحياة المحلي الذي يتشكل في جزء منه من الترحال.
وإزاء هذه الوضعية المقلقة التي تنذر ، في حال استمرارها، بكارثة بيئية في هذه المنطقة من الجنوب الشرقي للمملكة، لجأ المشروع الوطني للحفاظ على التنوع البيولوجي إلى إجراء تشخيص ميداني لهذه الظاهرة قصد الوقوف على مسبباتها الحقيقية، حيث اتضح أن هناك عدة عوامل تدفع بالساكنة المحلية إلى الاستغلال العشوائي للثروة النباتية من ضمنها على الخصوص محدودية الموارد المادية للأسر، وغياب وسائل طاقية بديلة، وانعدام الوعي بالقضايا البيئية، بالموازاة مع استمرار الطرق العتيقة في استغلال الموارد الطبيعية وغيرها.
ومن أجل التصدي لمزيد من الإخلال بالتوازنات البيئية في المنطقة، بادر المشرفون على تنفيذ المشروع الوطني للحفاظ على التنوع البيولوجي في السفح الجنوبي للأطلس الكبير، باتخاذ بعض الإجراءات العملية التي جعلت من العنصر النسائي قطب الرحى في خلق صيرورة جديدة ومغايرة للتنمية البيئية في المنطقة.
ومن جملة هذه الإجراءات تزويد بعض جمعيات السكان ب"أفران جماعية" لطهي الخبز تشتغل بالغاز، وخلق بعض المشاريع المدرة للدخل والمثمنة للمنتجات المحلية، إلى جانب القيام بحملات للتوعية بالتدبير العقلاني والمستدام للموارد الطبيعية في صفوف الساكنة المحلية، وغيرها من الإجراءات الأخرى.
وقد أمكن بفضل هذه المبادرات إحداث تغيير محسوس في بعض السلوكات السلبية التي كانت سائدة في أوساط الساكنة القروية والجبلية في هذه المنطقة إزاء محيطهم البيئي، وأصبح مفهوم الاستدامة يجد مكانا له بالتدريج في هذا المحيط الاجتماعي، بذل مفهوم الاستنزاف الذي خيم على عقول وسلوكات السكان فيما مضى من الزمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.