الأميرة للا أسماء تزور جامعة غالوديت    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    قادمة من أوروبا.. تنسيق أمني يحبط محاولة تهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    رئيس البرلمان الأنديني: المغرب عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    "ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غار زعبل" نبش في التاريخ والذاكرة."
نشر في بوابة إقليم ميدلت يوم 30 - 09 - 2013


نبش في التاريخ والذاكرة.
قبل الحديث عن هذا النفق واهميته التاريخية خلال العصر الوسيط والحديث
لابد من القاء نظرة تاريخية وجيزة عن الخوانق؛ فاذا كانت المضايق البحرية
تلعب ادورا كبير في اختزال المسافات بين القارات لما توفره من ممرات
وقنوات تسهل عملية عبور السفن والبواخر؛ فان الخوانق والفجج ومختلف
المسالك الجبلية تساهم في توفير ارضية مناسبة لمرور القوافل التجارية
المشكلة من الجمال والبغال والخيول ؛وذلك حسب الطبيعة الطبوغرافية
للمناطق التي تجتازها تلك القوافل ؛ودرجة تكيف الدواب والمناخات فاذا
كان الجمل يتحمل مشاق ومصاعب السفر عبر الفيافي والصحاري فان البغال
والخيول تشكل وسائل نقل أساسية في مخارم وأدغال الجبال وكل التضاريس
الوعرة عبر سفوح الجبال ؛وضفاف الأودية ومختلف الخوانق والجبال.وتتميز
جبال الأطلس الكبير الشرقي بفجج ومسالك ضيقة تسمى محليا "تاغشت" جمع"
توغاش"أو" تاغيا "جمع" تاغيوين" وهي عبارة عن خوانق طبيعة التي هي في
الأصل أاشكال تضاريسية ناتجة عن التعرية النهرية
وباستقراء الطوبونيميا بالمنطقة نجد الكثير من القرى تحمل هذه الأسماء
بأعالي الأودية الكبيرة با لمنطقةخاصة زيز وغريس والامثلة في هذا الشأن
كثيرة حيث نجد قريةتوغاش" التي تقع في خانق أحد روافد زيز ؛وكذلك" تاغشت
نايت بوعربي"وقرية"تاغيا بأعالي غريس.
ويشكل "خنك الغربان" او" تاغشت ن اهقارن" (غارزعبل حاليا) من أهم وأشهر
الخوانق بالاطلس الكبير الشرقي نظرا لوجوده ضمن أكبر طريق تجاري خلال
العصر الوسيط والحديث؛الذي يربط فاس أهم حاضرة مغربية انذاك وتومبوكتو
عاصمة السودان الغربي عبر سجلماسة. ويمتد على مسافة طويلة تبلغ30كلم
تقريبا من مدخل الغار الحالى الى سد الحسن الداخل؛وقد ذكر الحسن الوزان
في كتابه و"صف افريقيا"في اطار حديثه عن اقليم سجلماسة 'انه يستمد اسمه
من المدينة الرئيسية فيه ويمتد على طول واد زيز ويبتديء من الخنك المضيق
القريب من غرسلوين' وتنتشر على جوانبه مجموعة من القرى منها ايت
عثمان؛تمراكشت؛ افري....؛زيادة الى مجموعة من القصور التي غمرتها مياه سد
الحسن الداخل بعد تشييده نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن
الماضي؛ وأسماء تلك القصور تعد حاليا من بين احياء مدينة الرشيدية منها
بالخصوص "أمجوج" "أيت باموحى؛بني امحمد....وغيرها؛.بالاضافة الى القصور
التاريخية التي تقع اسفل السد التي لعبت ادوار مهمة عبر القرون من اجل
حماية الخانق وتسهيل عملية المرور للقوافل التجارية وتزويدها بكل
الحاجيات واللوازم لضمان راحة وأمن المسافرين. وقد احتفظت هذه الناحية
بالاسم القديم " الخنك " وهو اسم اداري لجماعة قروية بأحواز الرشيدية تضم
قصور وقرى مدخل الخانق من الناحية الجنوبية نذكر منها :موش قلال وهو مركز
تجاري مهم يقع في الضفة اليسرى لواد زيزقدوما من الجهة الجنوبية؛ ويضم
خلال العصر الوسيط والحديث جالية يهودية مغربية مهمة من التجاروالصناع
ارتبط وجودها بالقوافل التجارية التي تمر بالمنطقة ؛والقيام بكل الأعمال
والأشغال الصناعية والتجارية لتلبية حاجياتها من صناعة الصفائح التى تقي
حوافر البغال والخيول من احجار الطريق؛والسروج ؛والبرادع ؛الشكائم
؛اللجامات؛زيادة على مواد أخرى تهم التجار وحراس القوافل والمرشدين من
ملابس ونعال جلدية ؛ومأكل و غيرها .
.
نظرا لموقعه الاستراتيجي المهم عبر التاريخ فقد شكل "خنك الغربان" محطة
أساسية ونقطة جغرافية اهتمت بها جميع الدول التي حكمت المغرب منذ تأ سيس
مدينة سجلماسة لأن التحكم في مسار التجارة الصحراوية هي التحكم في المغرب
كله؛ لهذا نجد كتب المسالك والممالك وكتب الرحلات الجغرافية تتجدث عن هذه
المنطقة باشارات غير مباشرة مرتبطة بالحملات العسكرية للسلاطين لاخضاع
القبائل المتمردة خصوصا في بداية تشكل الدول.كما كان محطة صراع ونزاع
وتطاحن بين مختلف القبائل من أجل السيطرة على الخانق بهدف الاستفادة من
الرسوم الجمركية التي يدفعها أمناء القوافل لحماة المسلك مقابل تأمين أمن
وسلامة القوافل المستهدفة بشكل دائم من طرف الصعاليك وقطاع الطرق؛من
القبائل المنتفضة لاسيما في فترات الفوضى وعدم الانضباط التي تواكب
الأزمات السياسية؛والكوارث الطبيعية مثل الجفاف والأوبئة خاصة مرض
الطاعون الذي يؤدي بحياة المئات من المغاربة في ظرف وجيز في البوادي
والمدن ويشمل جميع الفئات من الأعيان والعوام وحاشية السلاطين؛ وجحافل
الجراد التي تاتي على الاخضر واليابس.
وقد خضعت المطقة لقبائل كثيرة خاصة الصنهاجية منها منذ سيطرة المرابطين
عن المنطقة واجلاء عنها زناتة. فقد كانت تحت حماية ايت ادراسن ؛وأيت
تايرات منذ العصر المرابطي وكلها اتحاديات قبلية صنهاجية؛وخلال أيام
الدولة الموحدية تم بناء قلاع وتخصيص وحدات عسكرية لحماية الخانق الى
جانب المراكز التجارية التي تشكل نوازل استراحة للقوافل التجارية مثل
مركز"كرسلوين"كما تذكره المصادر التاريخية على ضفاف وادي زيز والمعروف
حاليا ب"الكرس"و يشمل قرى وقصور "أمالو" جبل "بوحميد" الذي تخترقه "تيزي
ن الجير"معبر الراجلين فقط لصعوبة مرور الدواب المظل على منطقة سدور .
لكن وصول عرب بني معقل الى سجلماسة ادى الى تغيير الخريطة القبلية بمنطقة
تافيلالت والأطلس الكبير الشرقي بصفة عامة حيث ظهور منافس جديد للساكنة
الصنهاجية مما ساهم في ظهور احلاف قبلية من اجل المحافظة وحماية
المجالات الوظيفية لمختلف الفروع الصنهاجية بالاقليم منها حلف ايت عطا
الذي يضم ايضا مجموعة قبلية معقلية الى جانب حلف أيت يفلمان الذي تكون
منذ النصف الثاني من القرن16م حسب بعض التقديرات التاريخية؛ ومنذ ذلك
الزمن وقبائل ايت يفلمان تتحكم فى" خنق الغربان" الى أيام الحماية
الفرنسية .
منذ تأسيس الدولة العلوية ازدادت أهمية هذه الخانف المعروف حاليا بزعبل
باعتبار تافيلالت مهد الأسرة الحاكمة؛ وأصبحت تجوبه يوميا قوافل تجارية
ووحدات عسكرية للسلاطين الذين تربطهم علاقات القرابة مع ساكنة تافيلالت
الشيء الذي جعل الملوك العلويين يتدخلون من حين لآخر قصد تشكيل وترتيب
البنية القبلية للمنطقة وذلك بابعاد الكثير من القبائل الثائرة والمتمردة
؛الناهبة للقوافل وذلك بابعاد "جروان" "وفرع متمرد من"ايت عياش "ونقلهم
الى أحواز العواصم فاس؛ مكناس، مراكش.لاخضاعهم للمراقبة المستمرة.وقد تمت
آخر عملية ابعاد القبائل في عهد السلطان المولى عبد الرحمان ومنذ ذلك
التاريخ استوطنت قبيلة ايت "ازدك" بالمنطقة وفرضت سيطرتها على" خنك
الغربان"في اطار حلف ايت يفلمان المهدد بالتفكك بعض صراعات جانبية
للقبائل المكونة للحلف خلال القرن 18م وبداية القرن 19م؛لكن زحف ايت عطا
نحو الشمال وطموحها للسيطرة على الواحات الغريسية ؛نتيجة الضغوطات
الاستعمارية الفرنسية التي تقود بشكل يومي حملات عسكرية من اجل الأستيلاء
على الواحات الشرقية تواة تيكورارين ؛الى بوذنيب بعد استعمار الجزائر سنة
1930م وقد ازدادت شراهة الأطماع الاستعمارية في احتلال الجنوب الشرقي
المغربى بعد معركة اسلي 1944م التي ابانت الضعف العسكري المغربي وازالت
حجاب الهيبة عنه على حد تعبير ابو العباس احمد خالد الناصري في كتابه
الاستقصاء.مما خلق بلبلة وفوضى سياسية قبلية بتافيلالت و ساهمت هذ
الأوضاع في احياء حلف ايت يفلمان لأن المنطقة فى حاجة الى الوحدة وجمع
الشمل ونبذ التشتت والصراع والتأهب لمواجهة الاستعمار الذي يتربص
بالواحات الشرقية بايعاز من الزاوية الدرقاوية بقيادة الشيخ محمد العربي
الدرقاوي المزداد عام 1801م. كان مقر هذه الزاوية بأكاوزبرحمة الله قرب
قصر تنغراس التاريخي وامتد نفوذها الروحي واشعاعها الديني الى زيز الاعلى
والأوسط والذاكرة المحلية تحتفظ بروايات شفوية مفيدة جدا تهم علاقة هذه
الزاوية بقبائل ايت يفلمان ؛لهذ عملت هذه الأخيرة بحماية ممر الخنق
التجاري في شخص قبيلة ايت ازدك التي اخذت الزعامة السياسية للحلف في شخص"
ابراهيم اوسموراليزدكي "وابنه محمد ن ابراهيم "من بعده والذي تمكن بفضل
موارد تأمين مسالك الطريق من توزيع وتوسيع المجال الوظيفي لقبائل ايت
"ازدك"ليشمل منطقة" اوطاط" وبعض قرى بناحية " كير"؛مما يتضح بان القبيلة
القوية هي التي تحتفظ بحق امتلاك ذلك المجال. وقوة القبائل تكمن انذاك في
عدد خيولها ومايناسبها من رجال وأجود الرماة الذين يصيبون الهدف.خاصة وأن
منطقة تافيلالت عرفت خلال العقود الأخيرة من القرن 19م مجموعة من الأحداث
المتسلسلة بدءا بمعركة" تولوين "1883م آخر وأعنف معركة بين الأحلاف
القبلية بالمنطقة ؛ثم فيضان واد زيز1886م الذي غمر العديد من القصور
وادى الى انجراف مسالك الخنك؛وتعرضت المنطقة بعد ذلك لموجة جراد التي أتت
على الأخضر واليابس ونتج كل تلك المحن مسغبات وأوبئة عملت الزاوية
الدرقاوية لمعالجتها لتفادي الفوضى والاضطربات لكن ذلك لم يحد من فورة
السكان خاصة بعد وفاة الشيخ سيدي محمد العربي 1992م مما عجل بزيارة
سلطانية الى المنطقة قام بها الحسن الأول عام 1894م لتهدئة المنطقة التي
عرفت غليان نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.
ومع بداية القرن 20م فقدت منطقة الخنك(زعبل حاليا) مكانتها المتميزة عبر
التاريخ بفعل المستجدات الطارئة با الاطلس الكبير الشرقي حيث ذروة السيبة
بانهيار الاحلاف والأنظمة القبلية بعد معركة بوذنيب ساهم المستعمر في
افلاس الطريق التجاري الهام الذي يشكل اهم محور اقتصادي تتحكم فيه
المنطقة. بعد توقيع معاهدة الحمايةاصبحت المدن المغربية الكبيرة خاصة فاس
ومكناس تعتمد على تجارة السواحل والموانيء بفعل دخول وسائل النقل
الحديثة التي تربط تلك المدن بنظيرتها الساحلية.وأصبح هم الساكنة المحلية
هو مقاومة الاستعمار في معارك تاريخية عظيمة بتافيلالت وأيت يعقوب بأعالي
زيز وبادو وصاغرو.
ومنذ سنة 1935م تم احتلال المنطقة كلها واخضاع آخر النقط النائية
بالأطلس الكبير الشرقي. تفرغت السلطات الاستعمارية لبناء الطرق وتشييد
القناطر ومد الجسور بهدف ربط منطقة تافيلالت بغيرها من الاقاليم المغربية
؛وبعد تمرير الطريق عبر "تيزي ن تلغمت" اصعب مسلك جبلي المؤدي الى
تافيلالت بقي الخنك من المعيقات الطبيعية الصعبة ضمن الطريق الرابطة بين
مكناس وتافيلالت التي كانت تعرف بالطريق الوطنيةرقم 21سابقا والطريق
الوطنية رقم13 حاليا.لهذا تم التفكير فى حفر النفق المعروف حاليا "بزعبل"
نسبة الى الفرنسي "ازابيل" مدير المشروع وقد استغرقت الأشغال مدة طويلة
؛على يد الأسرى الألمان بعد الحرب العلمية الثانية حيث تسخيرهم في أعمال
شاقة نكاية من هتلر ومافعله بالفرنسيين .ومنذ ذلك التاريخ اصبحت المنطقة
تعرف بزعبل حيث النصف الشمالي للخنك أما النصف الجنوبي فيعرف "بالبراج "
نسبة الى سد الحسن الداخل الذي تم تشييده اوخر الستينات وبداية السبعينات
من القرن الماضي بعد فيضان 1965م الذي يعد في تاريخ المنطقة بمثابة كارثة
طبيعية حيث غمرت المياه الواحات والقصور بتافيلالت.لهذا فقد تغيرت
الأسماء بالمنطقة بتغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي عمت كل
البوادي المغربية ؛بعد الحماية الفرنسية واصبح اسم الخنك يقتصر على جماعة
قروية اسفل سد الحسن الداخل تشمل قصور: موش قلال؛ تاكنيت ؛تسيدلت
؛تازوكا......وتختفي التسمية القديمة من القاموس المحلي ويختفي معها
تاريخ المنطقة المجيد والعريق .ليبقى ماضي المنطقة مجهول المعالم عند
أجيال مابعد الاستقلال .
وقدر لنفق زعبل ان يكون في يومنا هذا الحد الفاصل بين جهتين ضمن مشروع
التقسيم الجهوي الجديد .وانصافا للتاريخ وسيرا على منطق الجغرافيا نقول
ان هذا التقسيم تطبعه العشوائية فقد شكلت أعالي زيز عبر القرون والأجيال
بمثابة القاعدة الخلفية لسجلماسة وصلة وصل بينها وأزغار ؛كما شكلت صحراء
تافيلالت المتنفس الطبيعي لقرى منابع زيز لهذا كون هذين النطاقين
الجغرافيين المختلفان مناخيا؛ اقليما متكاملاتفرقة الطبيعة الجغرافية
والطبوغرافية وتجمعه الحضارة والتاريخ. فتمور سجلماسة قديما تقايض بجوز
أعالي زيز؛والحناء يستبدل بالذرة ؛والتوابل يقابلها "رب"العرعار وغيرها
من المتوجات ؛لهذا فان اقصاء الجغرافية والتاريخ ضمن معايير التقسيمات
الجهوية يعد حيفا في حق الانسان والمجال.
ان منطقة "زعبل" منطقة سياحية بفعل طبيعتها الطبوغرافية المتميزة ؛لماذا
لايتم انشاء متاحف محلية لتشجيع السياحة الاستجمامية بالمنطقة ؛وتزويدها
بمرشدين سياحيين لهم دراية بالتاريخ ؛فرغم عدم وجود المآثر التاريخية
فان الخنك يعد شاهدا على ماض عريق موغل في القدم وفي أعماق التاريخ ؛فقد
عبرته قديما عدد لايحصى من القوافل التجارية وملايير من حوافر البغال
والخيول والجمال وطئت أرضية االممر ؛ومعظم الشخصيات التاريخية من
السلاطين والأمراء والفقهاء والمتصوفة قد عبرت هذا المضيق.ابتداءا من
الأمراء المغراويين والمدراريين حكام سجلماسة الأوائل الى يوسف بن تاشفين
وعبد المؤمن بن علي الكومي ؛وأمراء بني مرين وأحمد المنصور الذهبي
والسلاطين العلويين .
نافلة القول :لقد لعب" نفق زعبل "حاليا و"خنق الغربان" قديما ادورا
تاريخية مهمة في تاريخ المغرب الوسيط والحديث بفضل موقعه الاستراتيجي على
اهم طريق تجاري وأهم محور اقتصادي بافريقيا؛وكان محطة نزاع بين مختلف
الدول التي تولت حكم المغرب وبين كل القبائل القوية بتافيلالت لأن التحكم
في مجال هذا المضيق يعني امتلاك أغلى شرايين التجارة بالمغرب ؛وخلال
العصر الوسيط كان يسمى"تاغشت ن اهقارن" وفي العصر الحديث بعد اختلال
البنية القبلية باقليم سجلماسة بدخول العنصر العربي المتمثل في عرب بني
معقل تمت الترجمة الحرفية للاسم ويعرف ب"خنك الغربان".لكن منذ
الأربعينات من القرن الماضي بعد حفر النفق من طرف السلطة الاستعمارية
استعانة بالأسرى الألمان بعد الحرب العالمية الثانية عرف ب"زعبل " ومع
بداية السبعينات عرف الجزء الجنوبي من الخنك باسم"البراج" بعد تشييد سد
الحسن الداخل بالمنطقة .وبعد انشاء اقليم ميدلت شكل زعبل الحد الفاصل
بينها وبين اقليم الرشيدية؛ومن ثمة منطقة حدودية بين جهتين من جهات
المملكةضمن التقسيم الجهوي الجديد.
حررب 30شتنبر2013.
و بقلم: عدي الراضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.