فتح بحث قضائي مع ضابط شرطة بمراكش بعد تداول فيديو يوثق شبهة رشوة    الصحافة الفرنسية تفتح ملف رئيس مسجد باريس وعلاقاته المريبة بالنظام العسكري الجزائري    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    الحرب في أوكرانيا.. ترامب سيلتقي بوتين في 15 غشت في ألاسكا    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة    تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت        المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    سعر الدرهم يرتفع أمام الدولار الأمريكي    أربع أولويات كبرى ضمن مشروع قانون المالية 2026    رئيس جنوب إفريقيا الأسبق يدافع عن زيارته للمغرب        الشان يؤخر صافرة بداية البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني            حرائق كاليفورنيا .. 2000 هكتار في ساعات وأوامر إخلاء عاجلة للسكان    فتح تحقيق مع ضابط أمن للاشتباه في تورطه في طلب رشوة من سائق سيارة    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    مشروع قانون مالية 2026.. 60% من الاستثمارات للمناطق القروية والجبلية وبرامج اجتماعية لتعزيز العدالة المجالية    قانون مالية 2026.. مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على التوازنات المالية    أسود البطولة يرفعون التحدي قبل مواجهة كينيا    فرنسا تندد ب"شدة" بخطة الحكومة الإسرائيلية لاحتلال غزة بالكامل    شيخ الطريقة القادرية البودشيشية في ذمة الله    موجة حر مع درجات حرارة تصل الى 48 بعدد من مناطق المغرب    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    واشنطن توضح سياسة "رسوم الذهب"    وقفات مغربية تواصل مناصرة غزة    الحضري: بونو يستحق الأفضل في العالم    "أولمبياد تيفيناغ" .. احتفاء بالهوية عبر منافسات تربوية في الحرف واللغة    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    المغرب يحتفي بأبنائه في المهجر ببرامج صيفية تعزز الانتماء للوطن وتواكب ورش الرقمنة (صور)    عيطة الحال ... صرخة فنية من قلب البرنوصي ضد الاستبداد والعبث    الرباط تحتضن النسخة الأولى من «سهرة الجالية» بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر    المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات يتوج نسخته الثانية في مدينة خنيفرة بندوة علمية حول تاريخ النقود والبريد    بطولة إسبانيا.. مهاجم برشلونة ليفاندوفسكي يتعرض للإصابة    مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز في طريقه إلى النصر السعودي    الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية    المغرب في قائمة الوجهات الأكثر تفضيلا لدى الإسبان في 2025    بطولة أمم إفريقيا للمحليين.. بوابة اللاعبين المحليين صوب العالمية    مقاييس الأمطار المسجَّلة بطنجة ومناطق أخرى خلال ال24 ساعة الماضية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    المغرب يصدّر أول شحنة من القنب الهندي الطبي نحو أستراليا    لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"        العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    مسؤول أممي يرفض "احتلال غزة"    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ينتظر الشارع المغربي من حكومة بنكيران...؟!
نشر في محمدية بريس يوم 21 - 01 - 2012

في أول إطلالتها أكدت الحكومة عبر رئيس مجلس الوزراء '' عبد الإله بنكيران'' أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة عمل بامتياز عنوانها المواطن، إذ تمّ ربط عمل برنامج الحكومة بأولويات المواطنين. وأن المرحلة القادمة ستتميز بالشفافية والوضوح والمراقبة والمحاسبة. وما من شك من أن أمام الحكومة وفي أجندتها الكثير من القضايا التي على جدول أعمالها سواء على صعيد تحقيق النمو الاقتصادي المرغوب والتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المتوازنة وتأمين فرص عمل للأعداد الهائلة من العاطلين عن العمل وتحريك الركود الاقتصادي والاستفادة من الموارد المتاحة هذا من جانب، ومن جانب آخر ضرورة العمل على تحسين القوة الشرائية من خلال ضبط الأسعار. إضافة إلى معالجة حالات الهدر والفساد على اعتبار أن للفساد تكاليف اقتصادية واجتماعية مرتفعة جداً وينطوي على مجموعة من المخاطر التي تعرقل عملية التنمية كما أنه يؤثر تأثيراً مباشراً على الكفاءة والفعالية على أداء الجهاز الإداري ويساهم في تكوين قيماً سلبية كالاستهانة بالمصالح العامة وتبديد الموارد واتخاذ القرار الإداري وفقاً لعوامل شخصية تؤدي إلى تسرب الدخل من خزائن الدولة إلى جيوب خاصة واستخدامها خارج نطاق الأهداف التي رصدت من أجلها.
فالذين يحملون أعباء الوزارات المختلفة، وأقول أعباء: لأنّ الحمل ثقيل، والفترة صعبة، والتحديات كثيرة، ومن يستلم منصباً عاماً تحت الظروف العالمية والوطنية الاقتصادية السائدة فهو مناضلٌ حقيقي، وهنا أقول لا لزوم للتذكير بأن المواطن المغربي لا تعنيه الأرقام ''أعطي مثالاً، سمعنا سابقاً عن أرقام أسطورية بشأن السياحة، ولو كانت دقيقة لوجدنا سياحتنا مثل فرنسا وإيطاليا، أو على أضعف الإيمان مثل تركيا أو الشقيقة مصر، في حين الحقيقة تختلف!!''، فماذا تفيد المواطن أرقام عن انخفاض المديونية، وارتفاع الدخل الوطني وهو يلمس أسعار الخضر في ارتفاع، والحفرة أمام بيته في تزايد، هموم المواطن المغربي سهلة وبسيطة: تعليم أولاده، صحة عائلته، مستقبل عمله وراتبه، وأولاً وأخيراً الأمن والأمان.
فالحكومة الجديدة أداة لتنفيذ سياسة الدولة، وأهم لحمة لها هي العمل كفريق: تكامل الخبرات، وتضافر الإمكانيات، وتكافل الجهود، فأهم مركب كيماوي نستعمله في الحياة ''ملح الطعام'' هو مزيج لسمّين قاتلين، وأفضل السبائك هي من معادن مختلفة تأخذ السبيكة كل مزاياها، ولا ننسى ضمن تعريف فريق العمل: مجموعة من الناس، يعملون لتحقيق هدف واحد، ضمن سياسة معروفة، وهنالك تقييم للأداء، وهم يقدّرون الاختلافات ما بين بعضهم البعض، والنقطة التي تليها من حيث الأهمية أن الوقت لا يسمح بترف الفرص الضائعة، فالحلول إسعافية والشعب المغربي في حالة ترقب وانتظار، وثالث الموضوعات: الفساد فهو عيب، وعار، وبمثابة خيانة للوطن، يجب عدم الاقتراب من شبهاته، ومحاربته لدى كافة المؤسسات، وآخرها: الصناعة قاطرة الاقتصاد حيث يجب إيلاء المزيد من الاهتمام لها، والتركيز على البنى التي تدعمها من نقل، ومواصلات، وكهرباء، ومن مؤسسات، فإذا كانت الصناعة بخير فالاقتصاد المغربي بألف خير.
والسؤال: ماذا ينتظر الشارع المغربي من الحكومة الجديدة؟ بالتأكيد لا يريد منها أن تحقق المعجزات، إنما يطالبها بالوفاء بالاستحقاقات الداخلية والخارجية على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية والعربية والتعاطي بمرونة وواقعية مع متغيرات العصر الذي نعيش. وحتى تنهض الحكومة الجديدة بالأعباء الملقاة على عاتقها، وحتى تُعلي ما تم البناء عليه، وحتى تتجاوز كل العقبات التي اعترضت مسيرة التطوير والتحديث في عهد عباس الفاسي، فالدستور الجديد أعطاها من الثقة والصلاحية ما يؤهلها لإخراج البلاد من حالة الركود الاقتصادي إلى مرحلة الانتعاش الاقتصادي، وبما يمكنها من تحقيق حراك اجتماعي محكوم بثقافة المواطنة والتفاني في خدمة الوطن. فالناس على اختلاف مشاربهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية ينتظرون حلولاً لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية ويطمحون لقليل من القول ولكثير من الفعل، وهذا لن يتحقق إلا بحكومة مسكونة بالهم الوطني، ومستوعبة لكل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه البلاد، حكومة إقلاع وطني، بل حكومة إعلان حرب على الفساد والفوضى والتسيب واللامبالاة والرشوة، حكومة عنوانها ترسيخ سيادة القانون وبناء دولة المؤسسات من خلال ما يلي:
أولاً: أن يكون مشروع برنامج الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي مرجعية لعملها ونشاطها، وأن تعتمد الحكومة هذا البرنامج بمنطلقاته وأهدافه وآلياته، وأن تتغلب على التحديات المرتبطة بالتنزيل التشاركي للدستور الجديد.
ثانياً: أن تعنى الحكومة بالقضايا المعيشية للناس، لاسيّما ما يتعلق منها بالصحة من خلال شمولية مظلة التأمين الصحي وتحسين الخدمات الصحية لاسيّما في المستشفيات الحكومية ومراقبة أداء المستشفيات الخاصة التي تحوّل بعضها إلى حيتان ضخمة، والتعليم الذي يحتاج إلى عملية جراحية تستأصل أورامها السرطانية بطريقة تعاطيها مع انتشار الخدمات التربوية التعليمية وتنافسيتها وتعليمات وإجراءات الترخيص للمؤسسات التعليمية الخاصة.
ثالثاً: إعادة النظر في طريقة توزيع الدخل الوطني، وإعادة توزيعه توزيعاً عادلاً بين المواطنين من خلال تبني سياسة ضريبية عادلة، و جسر الفجوة بين الأسعار والأجور، عبر اعتماد سلم متحرك يحقق التوازن بين الدخل والإنفاق، وأن تعمد الحكومة إلى تطبيق سياسة اقتصادية فعّالة للسيطرة على التضخم الذي ينهش اقتصاد البلاد، ويهدر مدخرات المواطنين.
رابعاً: أن تستأصل الحكومة الجديدة الفساد من جذوره الذي اتسعت مساحته في ظل الحكومة السابقة، ومكافحة الفساد، وليس بالمعجزة بل من السهولة بمكان التصدي له إذا ما أحسنت الحكومة الجديدة استثمار الموارد الطبيعية والطاقات البشرية على نحو أمثل ووضعت الشخص المناسب في المكان المناسب وشجعت العناصر الكفأة وخلقت لهم المناخ المناسب للإبداع والتميز لا محاربتهم وتثبيطهم وتنفيرهم والقضاء عليهم وعلى إمكانياتهم، فضلاً عن تبني الشفافية والمكاشفة والمصارحة وممارسة نشاطها من فوق الطاولة وليس من تحتها، وتطبيق بحزم المحاسبة الصارمة والعقوبة الزاجرة بحق كل من ينتهك القوانين المعمول بها في البلاد.
خامساً: إنجاح ما بين أيدينا من مؤسسات عامة تطويراً وتحديثاً، على قاعدة عقلنة الاقتصاد المغربي، ومعالجة الاختلالات البنيوية التي تُملي على الحكومة الجديدة ضرورات التوجه إلى تحقيق التوازن الاقتصادي بين الإنتاج والاستهلاك وبين الادخار والاستثمار وبين الصادرات والواردات، وذلك من خلال إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وترتيب أولويات التنمية المستدامة.
سادساً: تسببت الحكومة السابقة في تعميق ظاهرة الاستقطاب الاجتماعي بصعود شرائح اجتماعية أثرت بطرق غير مشروعة وهبوط الطبقة الوسطى إلى الأسفل، فأضحت الندرة من نصيب الفقراء والوفرة من نصيب الأغنياء والعدالة تفترض إما أن يتساوى الناس في المظالم، وإما أن يتساوى الناس في المغانم، ومسؤولية الحكومة الجديدة أن تحقق العدالة على قاعدة الحقوق والواجبات.
سابعاً: في الوقت الذي أخفقت فيه الحكومة السابقة في تفكيك البيروقراطية التي استفحلت في مؤسسات الدولة وأعاقت الحركة إلى الأمام، فإن الحكومة الجديدة مطالبة وعلى عجل أن تطبق ما ورد في برنامجها الإصلاحي الاقتصادي والاجتماعي والإداري، سواء من حيث رفع مشاريع قوانين إلى السلطة التشريعية لتحديث وتطوير الأداء الإداري، أو من حيث إعادة هيكلة المؤسسات والوزارات ودمجها وبما يؤدي إلى إنهاء تعددية الجهات الوصائية وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والتوجه نحو ابتكار آليات جديدة تتكامل في إطارها الرقابة الوقائية مع الرقابة اللاحقة.
ثامناً: تطوير التشريع الضريبي المعمول به حالياً في البلاد، بما يستجيب لاستحقاقات الدورة الاقتصادية، وتحويله إلى أداة مالية فعالة بيد الحكومة، فعندما تستشعر أن اقتصاد البلاد يعاني من الركود الاقتصادي، فإن بوسعها أن تلجأ إلى تخفيف العبء الضريبي على المكلفين من جهة وترفع من معدلات الإنفاق الحكومي من جهة أخرى وإذا ما وجدت الحكومة أن اقتصاد البلاد في حالة انتعاش فإن بإمكانها أن تعتمد سياسة ضريبة مغايرة للأولى.
تاسعاً: على الحكومة الجديدة حسم خياراتها فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي بالمفاضلة بين السياسة الانكماشية والسياسة التوسعية وفقاً للمصلحة الوطنية في معالجة الظروف الاقتصادية الراهنة، فلكل منهما ايجابياته وسلبياته وآلياته ومخاطره.
عاشراً: تطوير وخلق صناعة مصرفية مغربية حديثة مواكبة لمثيلاتها في الدول العربية المجاورة وفي العالم.
باختصار، وللحقيقة فلابد أن ننظر بتفاؤل إلى المستقبل، وإلى حزمة الإجراءات والقرارات التي تصب في مصلحة المواطن... لكن لابد أيضاً من التأكيد على أن المطلوب أن تكون سياسة الحكومة الجديدة متكاملة وتعكس برنامج الإصلاح الذي ينتظره الشعب المغربي قاطبة، والذي سيشكل بوصلة الأداء في المرحلة القادمة، لتحديد السياسة الاقتصادية للدولة والتوجهات الأساسية، ولهذا لابد من التركيز على القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية والاقتصادية وفقاً للإمكانات المتاحة وتأمين فرص العمل. فأمام حكومة بنكيران، مهام ثقيلة للغاية على صعيد تنفيذ المشروعات الضرورية واللازمة واتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تؤدي إلى تخفيف نسبة العجز عن طريق زيادة الموارد المحلية إلى الناتج المحلي من دون أن يكون ذلك على حساب المواطن الكادح الذي أثقلته وأرهقته المتطلبات المعيشية والحياتية. فالمطلوب رسم سياسة اقتصادية رشيدة تردم الفجوات بين الموارد والنفقات لأن ذلك يشكل البوصلة والمؤشر الحقيقي للمرحلة القادمة حيث أن التعامل مع الأرقام تحقيقاً وتحصيلاً يشكل أرضية هامة من الشفافية لرؤية الواقع... وهذا ما نأمل أن يكون في إطار برنامج الإصلاح الذي يهدف إلى تعزيز بناء الديمقراطية وتوسيع دائرة مشاركة المواطن في عملية البناء والتطوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.