بقلم: محمد الفرسيوي عاش حياته لفن الكاريكاتور والصحافةِ والكلمةِ النبيلة، وها هو بلا تغطيةٍ صحيةٍ، مع قلةِ ذاتِ اليدِ، يتجرعُ الوجعَ وأَلَمَ المرضِ اللعينِ القاسي، يموتُ مرضاً لعجزِهِ وأسرتِهِ عن ولوجِ العلاج. عبد السلام المريني؛ هل هو فعلاً، في ما يُعانيه اليوم، تعبيرٌ عن "ذاكرةِ الحبرِ المنشودِ والجحود"، مثلما دونتْ سعاد مصباحي في الواجهة…؟ أين حملةُ الأقلامِ وجمعياتُ الكتابِ والصحافةِ ووزارةُ الثقافةِ وجهةُ طنجة و"راميد" ومؤسسةُ للا سلمى والوطن…؟؟؟ تقول سعاد مصباحي: "كان الرجل الصبور والطيب الذي تفانى في عمله ورفع بفن القلم والصحافة وأعطى للكاريكاتير حقه وجعل منه باحة يلتقي فيها جميع الباحثين عن قيمة الإنسان وعن قيمة الوجود... الرسام عبد السلام المريني الذي أُلقبه بالأب الروحي للرسم الكاريكاتيري حاز العديد من الجوائز الوطنية والدولية نذكر منها جائزة برلين، كما حاز الجائزة الدولية للشرق الأوسط سنة 1988، وغيرها من الجوائز، وشغل مناصب عدةّ منها رئيس تحرير بجريدة الوشاية الساخرة، كاريكلام، الشمال الضاحك…". "رسامنا اليوم يعاني من مرض عطّل مسيرته الفنية، ولكنه لم يشتك يوما من مرضه أو تذمّر، بالعكس هو يحاول دوما تجاوز المرض والاندماج وسط رسوماته وذكرياته الجميلة بين مكتبه العتيق بمدينة يسكنها وتسكنه طنجة، وكذا كراساته البيضاء التي يخطّ بها كل مرة خطوطا منكسرة وأحيانا مستقيمة وأحيانا أخرى يحافظ على بياضها... الرسام اليوم يعاني نسيان المسؤولين، ومن منا غير مسؤول تجاه التنكر للرسام والرسم عموما؟". وحدها صفحاتُ التواصل الاجتماعي تُؤازرُ الرجل في ألمه اليومي والليلي مع المرض، تتأسى لهذا الجحودِ الكبير، وتلتمس من المسؤولين التدخل لإحالته على العلاج. منذ يومين، وبنتُه متوجهةً به إلى الرباط، لعله يجد منفذاً لإيقاف الألم الذي يعتصر جسده وروحه، هاجمه الألم في الطريق، فأعيد إلى بيته بطنجة فريسةً للألم والمواتِ الموجعِ القاسي. وتساءلتُ: أليس لكل طنجة، وزارة صحة وجهة وجماعات (…)، سيارة إسعاف تحمل الرجل إلى الرباط؟ ويتساءلُ أخريات وآخرون قبلي: "اليوم نرى واحداً من رموز الفن، رفع راية المغرب عالياً، ولم يطالب بتعويض أو مقابل، يتمدد على فراش المرض مع تناسي وجهل السلطات الفنية والجهويّة، فأين وزارة الثقافة وأين المكلف الثقافي وأين والي طنجة وأين وأين…؟" بكل أملٍ أختمُ مقالتي، حتى لا أقول ندائي أو صرختي، لِنلتفت إلى سّي عبد السلام المريني قبل فواتِ الأوان. .. والله المستعان.