تحدث وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مرة عن"حصيلة" العمل الحكومي وزعم أنها "إيجابية" متعللا بأن "مؤسسات دولية" ذات مصداقية أشادت ب "التقدم" الذي حققه الاقتصاد المغربي في مجال التنافسية بخمس مراتب. واعتبر أن هذه الشهادة من هذه المؤسسة وغيرها، كافية لبيان أن الاداء الحكومي، كان ناجحا بالنظر إلى تقييم بعض تلك المؤسسات الدولية كمؤسسة " موديز "لأداء الاقتصاد الوطني" من سلبي إلى مستقر، وتقلص عجز الميزانية وبالتالي ينبغي وضع الأداء الحكومي ضمن سياق تفاعل المغرب مع الربيع العربي باعتماد خيار الإصلاح في ظل الاستقرار، مشيرا إلى أن الحكومة "تشكلت في ظل إمكانات جديدة يتيحها النص الدستوري، وحققت خطوات معتبرة في بعض القضايا، رغم أن هذا لا ينفي أن قضايا لم يتحقق فيها التقدم المأمول مثل ملف محاربة الرشوة". مضيفا أنه " ليس هناك تراجع عن محاربة الفساد، مستطردا بالقول "نحن بصدد اعتماد استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد والرشوة، وقد عززنا دور القضاء في مكافحة الرشوة والفساد، وصادقت الحكومة على قانون الهيئة المركزية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومع ذلك، نحن واعون بأن حصيلتنا في هذا المجال لا ترقى للمطلوب". كلام جميل لن يختلف عليه اثنان، لكن الواقع يعكس غير ذلك، وبالتالي تظل هذه المحاولة أو المناورة الجديدة من قبل الحكومة لتلميع صورتها أمام الرأي العام الوطني، غير مجدية، لأن الجميع أصبح مقتنعا بمن فيهم حتى أولئك الذين ظلوا يدافعون عن الطرح الشعبوي لرئيس الحكومة، أن ما كان مطلوبا من الحكومة باعتبارها ثمرة عملية إصلاحية دستورية، في ضوء مقتضيات الدستور الجديد، بقي في معظمه مجرد شعارات وحبرا على ورق، ومزايدات سياسية ومصادرة مكشوفة لحق المعارضة في انتقاد نهجهاالنكوصي وما تسببت فيه قراراتها الانفرادية واللاشعبية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي من أزمات وكوارث وإحباط واحتقان داخل الشارع المغربي. إن الاعتماد على بعض الشهادات الدولية الصادرة عن مؤسسات مثل مؤسسة " موديز" و التي هي قليلة بطبيعة الحال مقارنة مع ما تضمنته تقارير أخرى وهي بالعشرات صادرة عن مؤسسات دولية محترمة وذات مصداقية، للادعاء أن الحكومة حققت شيئا ما للمغاربة، ما هو إلا مجرد مصادرة على المطلوب، ومحاولة يائسة لتبرير الفشل الكبير في تدبير معظم الملفات الكبرى المتعلقة بأوراش الإصلاح الهيكلية والمؤسساتية والقانونية، حيث لا زلنا ننتظر متى سيتم استكمال التنزيل الديمقراطي والسليم للدستور والتفعيل الحقيقي لمقتضياته ونصوصه على أرض الواقع، ومتى سنتتقل إلى مرحلة استكمال البناء المؤسساتي للديمقراطية، بعد مرحلة الانتقال الديمقراطي التي لا زلنا لم نخرج منها بعد؟. فالمراهنة على تقرير أو تقريرين أو ثلاثة، لتسويغ الفشل الحكومي والتغطية على حجم الارتباك والتخبط والبطء في التسيير والتدبير، وغياب النجاعة والفعالية، وتفشي منطق التحكم والهيمنة والإقصاء داخل الحكومة تجاه باقي الفرقاء الحكوميين، ناهيك عن أحزاب المعارضة والمركزيات النقابية والمجتمع المدني، يظل رهانا خاسرا بامتياز، لأن كل إشادة بما حققه المغرب أو قد يحققه من قبل المؤسسات الدولية لا يعود الفضل فيه للحكومة قطعا، بعد أن كشف الخطاب الملكي ل 20 غشت الماضي، عن أن البلاد تسير بوتيرتين وتيرة سريعة وأخرى بطيئة. وتيرة مغرب الأوراش التنموية الكبرى ووتيرة مغرب الركود الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي بسبب سياسات الحكومة الفاشلة. إننا نقول للحكومة ليس بهذا المنطق يمكن إقناع المغاربة بشيء لم يتحقق بعد ولن يتحقق إذا ما استمرت في مقاربة الملفات الاقتصادية والاجتماعية بمنظور مالي ومحاسباتي ضيق، على حساب المعالجة الشمولية المتكاملة، المبنية على رؤية استراتيجية واضحة في الشكل والمضمون، لأنه منطق الفاشلين وهواة السياسة، والطامحين إلى الوصول إلى الكراسي على حساب تطلعات وانتظارات المغاربة، الذين منحوهم أصواتهم نظير ما رفعوه من شعارات تبين في الأخير أنها كانت زائفة. فعن أي حصيلة إيجابية إذن يمكن الحديث، في ظل هذا التراجع الخطير في تدبير الوضع المالي للبلاد، الذي أصبحت معه الزيادة في الأسعار خاصة المحروقات السبيل الوحيد للحكومة؟ وأي خلوة هاته التي ستحقق المعجزات كما يتوهم رئيس الحكومة ومن معه، في "بدعة جديدة" ليست إلا وسيلة للتعتيم والتغطية على عجزه في مقاربة الملفات الراهنة بكل شفافية ووضوح ومصداقية؟. فيكفي اليوم ومرة أخرى أن رئيس الحكومة ماض في نهجه التفقيري تجاه المغاربة من خلال زيادات جديدة في أسعار المحروقات، التي ولا شك ستكون مربكة للموزعين والمستهلكين وستشكل ضربة جديدة لقطاع النقل، حيث إن المواطن هو من سيؤدي الثمن في نهاية المطاف، في ظرفية صعبة تتزامن والدخول المدرسي وعيد الأضحى.