لمح لإجرائه بعد مؤتمر الاستقلال..أخنوش: التعديل الحكومي يخضع للدستور وسنحدد أولويات جديدة    جلالة الملك يهنىء عاهل مملكة الأراضي المنخفضة وصاحبة الجلالة الملكة ماكسيما بمناسبة العيد الوطني لبلادهما    CDG Invest..تحفز تحول اللوجستيات الحضرية نحو حلول خالية من الكربون    من بينهم الرجاء والوداد.. "الفيفا" تمنع 12 فريقا مغربيا من التعاقدات    بنموسى يكشف عن نسبة التلاميذ المدخنين ويتجه نحو منع الظاهرة في المدارس    طلبة الطب يقررون تعليق كل الخطوات الاحتجاجية وفسح المجال للحوار    درنا الرقمنة بكري.. الوزيرة مزور فتحات كونكور مدير التحول الرقمي ومن الشروط تجيب خمس نسخ ورقية من الضوسي باش دفع للمنصب    حزب الاستقلال يعقد مؤتمره محسوم النتيجة    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    أخنوش: رفع الدعم على "البوطا" مرتبط بالحوار الاجتماعي وملف "أساتذة التعاقد" تم حسمه    أسعار النفط ترتفع وتتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    "مكتب الفوسفاط" يجمع ملياري دولار من طرح سندات لتمويل خطته للتحول الأخضر    أخنوش.. هذا ما يمنع الزيادة في أسعار "البوطاغاز"    رغم القمع والاعتقالات.. التظاهرات الداعمة لفلسطين تتواصل في العالم    الصين تتعبأ لمواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالفيضانات    السعودية قد تمثَل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    أخنوش: لا سنة بيضاء في كليات الطب ونهدف إلى إصلاح شامل لمنظومة الصحة    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    الجو غيتقلب.. غيام وشتا رعدية فأقصى جنوب بلادنا ومتفرقة فمرتفعات الأطلس الكبير والصغير    انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا" بالعرائش    جمع أزيد من 80 كيس دم في حملة للتبرع بجرسيف    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    قفروها الكابرانات على لالجيري: القضية ما فيهاش غير 3 لزيرو.. خطية قاصحة كتسناهم بسبب ماتش بركان والمنتخبات والأندية الجزائرية مهددة ما تلعبش عامين    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    الأمثال العامية بتطوان... (582)    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمادي في الابتزاز
نشر في رسالة الأمة يوم 22 - 07 - 2020

ليس النزاع بين منظمة العفو الدولية المعروفة اختصارا ب"أمنستي"، والمغرب، حول تقريرها الأخير الذي اتهم المغرب بالتجسس على هاتف صحفي، نزاعا بين منظمة حقوقية ودولة متهمة بانتهاكات، بل بين هذه المنظمة والحقيقة التي تفتري عليها، وذاك أن منازعة المغرب لم تكن حول استهدافه أو التدخل في شؤونه الداخلية، بل حول الدلائل التي تملكها المنظمة لإصدار الحكم الذي أصدرته، ولإقرار واقعة الانتهاك، وإلا بطلت الدعوى، وتحولت إلى استهداف للحق في الخبر، وللحق في المعلومة من مصادرها المؤكدة.
وهذا الذي ذكرناه هو ما تحاول العديد من التدخلات المحلية والدولية لهذه المنظمة الالتفاف عليه، في إجاباتها عن سؤال الدليل، وفي دعوتها إلى تقبل الانتقاد والعمل على إصلاح الخطأ والانتهاك من قبل الدولة المتهَمة، وليس هذا جوابا بقدر ما هو تمادٍ في الاعتزاز بالأخطاء الأخلاقية والمنهجية التي انتهكت بها المنظمة الدولية قيم الحياد والتجرد والموضوعية والمصداقية، وحقوق الإنسان والدول والشعوب في معرفة الحقيقة، وفي الدفاع عن أخلاق النقد والتحقيق النزيه والمجرد من الأغراض المبطنة والمبيتة.
كان بإمكان المغرب أن يصمت ولا يرد على هذا التقرير، أو يعلن باختصار رفضه له، كما تفعل العديد من الدول التي تستقبل تقارير هذه المنظمة بلا مبالاة وبتجاهل تام، لولا أن المغرب منخرط جذريا في تحسين أدائه الحقوقي وفي توفيق جهوده في مجال دعم حقوق الإنسان وتوسيعها، وطي صفحات انتهاكها، مع القوانين الدولية، ويحسب أن مثل هذه المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية، شريك استراتيجي في رصد الانتهاكات وإرساء السلوكات الحقوقية وتنميتها على الصعيدين المؤسساتي والمجتمعي، ولهذا السبب لم تتجاهل الدولة ولا الحكومة تقرير منظمة "أمنستي" وعملت على ربط الاتصال بها عن طريق مراسلات رسمية تلتمس من المنظمة مدها بأدلة الانتهاك التجسسي الذي زعمت رصدته، فقابلت المنظمة المذكورة هذا الطلب الطبيعي والمشروع سواء من المغرب، أو من أي بلد ديموقراطي وحقوقي متعاون مع المنظمة، بكثير من التجاهل والتطاول، وبمزيد من الاستفزاز، وإرسال عبارات توبيخية شديدة اللهجة لا تليق بمعاملة دولة وشعب، تخلصا من سياسة الوصاية والحماية، منذ زمان، واسترجعا سيادة البلد على أرضه وعلى اختياراته الديموقراطية والحقوقية، قبل أن ترى هذه المنظمة النور.
كما عمدت المنظمة المعنية إلى تحريك طوابير ممن يدينون بالولاء لعقيدة الهجوم الدائم على المغرب، والتربص به في منعطفات حاسمة من تاريخ نهضته.
لقد تساءلنا في مقال سابق عن المشكل والضرر في أن تجيب منظمة "أمنستي" الحكومة المغربية عن الذي طلبته من الأدلة عن انتهاكاتها الحقوقية، فتقدمها وتبسطها، وتسألها عن ماذا ستفعل لوقف هذا النزيف الحقوقي. فتبين أن المنظمة لا تملك فحسب هذه الأدلة الدامغة المطلوبة، وأنها لا تنطلق أصلا من أدلة ووقائع مؤكدة ومتحققة ومحقق فيها، بل من أهداف محددة ومدروسة، بسطها خبراء أجانب في نقدهم لعمل المنظمة الدولية، ولانحيازاتها التاريخية المعروفة، وللوبيات المتحكمة في دواليبها وقراراتها، وآخر هؤلاء الخبراء والمحققين والمحللين، الخبير الفرنسي في الذكاء الاقتصادي، كريستيان هاربورو، الذي صرح بشأن الاتهامات الأخيرة الصادرة عن منظمة "أمنستي" ضد المغرب، أن "ممارسات هذه المنظمة ضد المملكة تندرج في إطار استراتيجية هدامة واسعة النطاق تطال أوروبا، ولا تستثني إفريقيا، وتهم المغرب العربي، والتي تشكل المنظمة غير الحكومية حلقتها الداعمة".
إنا نعلم بالخبرة وبالتراكم التاريخي، أن ملفات حقوق الإنسان ودرجة الحساسية الإنسانية الكبيرة والشديدة لانتهاكاتها، يعتبر من أهم المداخل، بل الآليات التي تستخدم في الخصومات السياسية، وفي إسقاط الدول أو هدم المؤسسات أو الإضرار بمصالح الشعوب، فكم دولة سقطت في فتن هذا الاستغلال البشع لملف حقوق الإنسان، ودخلت عليها الفتن والمحن من كل الأبواب وارتكبت في حق أفرادها وشعوبها أعتى الجرائم والمجازر، دون أن يسمع بعدها كلمة حق لهذه المنظمة التي أركبت الساسة والجيوش ودباباتهم الثقيلة على ظهورها. تنتهي اللعبة الحقوقية بسقوط من أريدَ إسقاطه، وهدم ما خطط لهدمه، ويترك للطابور الخامس أن يكمل المهمة. من غير سؤال حقوقي ولا هم يحزنون.
الذي نؤمن به كغيرنا من الأحرار في كل العالم، أن منظمة "أمنستي" ليست مؤسسة فوق المساءلة والمحاسبة على انتهاكاتها للحقوق وللمسؤوليات وللحقيقة المفترى عليها، وليست فوق السؤال نفسه عن تقديم أدلة أو عن مدى إصلاح خطأ.
لقد وَضَع السؤال المغربي: شكرا على رصد انتهاكاتنا الحقوقية، لكن أين الدليل؟ منظمة أمنستي في موقف أخلاقي أمام ضميرها وأمام التاريخ، للجواب عنه، وتأكيد مصداقيتها، أو الاعتراف بالخطأ، مع تصحيحه والاعتذار عنه، وتبديد كل الشكوك في النوايا، وعدم التمادي في الاعتزاز بما ثبت لديها من خطأ. وما لم تفعل ذلك واكتفت بمثل خرجاتها الاستكبارية والاستعلائية والترهيبية، فضلا عن إرسال رسائل مشفرة ومبطنة للتخويف، أو لصب مزيد من النار على نزاع المغرب معها، وإمعانها في رفض الرد على مطالبه وأسئلته، فإن سؤال مصداقية دعاوى النزاهة والحياد والاستقلالية والموضوعية، هو الذي سيطرح نفسه بحدة على هذه المنظمة الحقوقية لتواجهه إن عاجلا أو آجلا، وسينخر الكذب والزيف والتهم المرسَلة بدون دليل، آخِرَ قواعدها ويدك معاقلها وتحالفاتها، إلى أن ينكشف ما خفي منها أمام العالمين، وتسقط وتذهب من تلقاء نفسها، أو تصلح من حالها: "كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.