أكد الصحافي الإسباني خافيير فرنانديز أريباس، المتعاون مع كبريات الصحف الدولية، اليوم الجمعة بالداخلة، أن فهم الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة "يقتضي المجيء إلى عين المكان، والتحدث إلى السكان، والوقوف على الحقائق، بدل الاكتفاء بالكتابة عن بعد". وأبرز أريباس، في مداخلة خلال الندوة الدولية حول "التكامل بين صحافة الجودة والتربية على الإعلام"، التي ينظمها المجلس الوطني للصحافة، أن "العمل الصحافي الحقيقي لا يمكن أن يقوم على المقالات الجاهزة أو المقاربات الإيديولوجية المسبقة"، بل يتطلب "معاينة ميدانية، واحتكاكا مباشرا مع الناس، ومقابلة المسؤولين والفاعلين المحليين، بعيدا عن الروايات الملفقة أو الخطابات المعلبة". وأشار إلى أن "من يريد أن يكتب عن الصحراء المغربية، عليه أن يأتي إلى الداخلة والعيون وباقي مدن الأقاليم الجنوبية، ويتحدث إلى سكانها، وأن يرى بعينيه حجم التنمية والاستثمار والبنيات التحتية المنجزة، وجودة التعليم والسكن والصحة"، مشددا على أن "الصحافي لا يمكنه أن يفهم النهضة التنموية بالصحراء المغربية من مكتبه، بل من الميدان. وفي معرض حديثه عن النزاع الإقليمي المفتعل، جدد رئيس نادي الصحافة الدولي في إسبانيا دعمه الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، مؤكدا أنها "الحل السياسي الوحيد والواقعي" لهذا النزاع. وتابع قائلا "نحن مقتنعون تماما بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الأنجع لحل هذا النزاع"، مضيفا أن تبني هذا الموقف من طرف مجلة "أتالايار"، التي يديرها، جلب عليه هجمات من أطراف متطرفة، يمينية ويسارية، خصوصا على شبكات التواصل الاجتماعي التي تسودها، وفق تعبيره، "لغة الكراهية والتهديد باسم حرية التعبير". وعبر الصحافي الإسباني البارز خلال الندوة الدولية ذاتها المنظمة على مدى يومين، عن قلقه من تنامي خطاب الاستقطاب داخل وسائل الإعلام، خاصة في السياق الأوروبي، مشيرا إلى أن "عددا من المنابر الإعلامية تحولت إلى منصات للمواجهة السياسية، بدل أن تؤدي وظيفتها المهنية في نقل المعلومة وتحليلها بموضوعية". وأكد أن الصحافة، سواء كانت عمومية أو خاصة، تظل خدمة عمومية في جوهرها، يتعين أن تقوم على قواعد الدقة والتحري والالتزام بأخلاقيات المهنة، داعيا إلى الارتقاء بمستوى التربية الإعلامية، وتكوين الأجيال الجديدة من الصحافيين على الممارسة الرصينة، والاستعمال المسؤول للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وفي حديثه عن إكراهات المهنة، انتقد أريباس لجوء عدد من المؤسسات الإعلامية إلى تغطيات سطحية تنجز عن بعد، دون إرسال الصحافيين إلى مواقع الأحداث، مشددا على أن "العودة إلى الميدان، والحديث مع الناس، والتحقق من الوقائع، هو الطريق الوحيد لاستعادة الثقة في العمل الصحافي".