تواصل مختلف وسائل الإعلام الإسبانية نشر الوثائق المتعلقة باختلاسات مالية وبصرف عمولات غير قانونية لفائدة أعضاء من الحزب الشعبي اليميني الحاكم منذ 1990. وتتهم تلك الوثائق المنشورة بالصحف اليومية رئيس الحكومة ماريانو راخوي بتلقي مرتبات مالية شهرية غير قانونية وأخرى عبر مراحل مصدرها شركات عقار للحصول على امتيازات، وحسب صحيفة «الباييس» فإن أمين مال الحزب السابق «لويس بارسيناس» يُعتقد أنه وراء تسريب هذه الوثائق، وأن العديد منها ما تزال بحوزته، ويتابعه القضاء الإسباني بتهمة توفره على إثنين وعشرين مليون يورو كودائع في حسابات في أبناك سويسرية.. هذا وبالرغم من أن رئيس الحكومة الإسبانية قد نفى هذه الاتهامات واعتبر أن لا أساس لها من الصحة، فإن أعضاء بارزين في الحزب الشعبي أكدوا صحتها، بل ذهبوا أبعد من ذلك عندما طالبوا القضاء بالتدخل وإجراء تحقيق في هذه الفضيحة خصوصا بعد التحاليل التي أجريت على العديد من الوثائق المكتوبة بخط يد أمين المال السابق للحزب «بارسيناس» تم التأكد من صحتها. وحسب العديد من المراقبين وخبراء الاقتصاد الإسبان فإن إسبانيا من جراء هذه الفضائح فقدت مصداقيتها السياسية والاقتصادية والضرائبية أمام المؤسسات الاقتصادية والمالية، مما جعل إسبانيا تجد صعوبة بالغة في الاقتراض من السوق المالية الدولية. ولعل ما يزيد قلق المواطنين الإسبان أنه بالرغم من إقرار مجموعة من إجراءات التقشف، فإن البلاد لم تعرف أي تحسن، إذ لم تنتعش ثقة الأسواق، ولم تصاحبها فرص استثمارية حكومية لخلق مناصب الشغل، وإنعاش الإستهلاك الذي سوف يتضرر إلى حد كبير مع خفض الرواتب، ورفع ضريبة الاستهلاك، هذا في الوقت الذي تعيش فيه البلاد غليانا سياسيا وشعبيا، وتعرف ووقفات احتجاجية أمام مقرات الحزب الشعبي ترفع شعارات تطالب راخوي بالإستقالة وبتقديم أعضاء حزبه للمساءلة وفتح تحقيقات في موضوع الاختلاسات المالية. ويرى مدير الجريدة الرقمية (ريبوبليكا) «بابلو سيبستيان» أن هناك شبوهات حول رئيس الحكومة ماريانو راخوي في هذه الفضائح لاسيما وأنه لم يقنع الرأي العام خلال تصريحه أمام اللجنة التنفيذية للحزب الأسبوع الماضي.. ويبرر عدد من قياديي الحزب الشعبي هذه الضجة، بأنها مفتعلة ومؤامرة، تستهدف الحكومة إلى تنفيد إلى ما يشبه الإنقلاب كما جاء في تصريحات بعضهم؛ وإذا ما تم التحقيق مع راخوي حسب المراقبين يعني انهيار صورة الحزب الشعبي، وبالتالي سقوط قيادته للبلاد مما يترتب عن ذلك الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها. وخلال نهاية الأسبوع الماضي أكدت النيابة العامة الإسبانية أنها ستجري تحقيقات في تلقي قياديي الحزب عمولات لم يدلوا بها إلى مصلحة الضرائب، وأن التحقيق قد يمتد إلى رئيس الحكومة «راخوي» الذي ورد إسمه ضمن الوثائق المنشورة بالصحافة الإسبانية. هذا وكان زعيم المعارضة «الفريدو روبالكابا» قد طالب من رئيس الحكومة «ماريانو راخوي» الأحد الماضي تقديم استقالته واعتبره متورطا رئيسيا في هذه الفضيحة المالية التي هزت مصداقيته بالحزب الشعبي، وخلقت شرخا في الحكومة الحالية.