تشهد طنجة تمددا صامتا للفخامة، يتجلى أكثر ما يتجلى في عربات فارهة تجوب شوارعها دون استعراض، لكنها تفرض وجودها كعلامات على تحول اجتماعي واقتصادي آخذ في الترسخ من مرقالة إلى الجبل الكبير، ومن مارينا باي إلى الغابة الدبلوماسية، تمر سيارات من طرازات بورش كايان، بي إم دبليو إكس 7، مرسيدس إس كلاس، مازيراتي ليفانتي، أو فيراري 488 سبايدر، بعضها بأرقام أوروبية، وأخرى بلوحات مغربية تسجل داخل المدينة نفسها. وبهذا الحضور المتكرر، الذي لم يعد حدثا عارضا ولا طارئا موسميا، يتعزز مشهد حضري يعيد تعريف علاقة طنجة بالصورة، وبالطبقة، وبالعيش المتكتم داخل فضاء عام يشهد تحولا بلا ضجيج. صيف الجالية يشعل المشهد وفي هذا السياق، تبلغ الظاهرة ذروتها مع بداية فصل الصيف، حيث تتحول طنجة إلى معرض مفتوح مع عبور أولى دفعات الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وتتدفق سيارات فارهة عبر ميناء طنجة المتوسط، وتستقر في الفنادق المصنفة أو الفيلات الخاصة، أو تتنقل على الطرق الساحلية نحو كاب سبارطيل وأشقار. كما أن هذا الحضور لا يقتصر على الوافدين من الخارج. فوكالات تأجير السيارات الفاخرة داخل المدينة تقدم عروضا موجهة بدقة، من قبيل مرسيدس جي كلاس، بي إم دبليو إكس 5، أودي إيه 7، بأسعار تتجاوز 2000 درهم لليوم، وتشمل أحيانا سائقا خاصا وخدمات موازية للإقامة والتنقل. وتقول موظفة استقبال بفندق خمس نجوم: "زبناؤنا يبدؤون بالحجز من أجل سياراتهم قبل أن يسألوا عن الغرف. السيارة أصبحت امتدادا لهويتهم، لا مجرد وسيلة" وهكذا، لا تكتفي طنجة باجتذاب الطلب الموسمي، بل توفر له بنية تحتية مرنة تستوعب خصوصياته، من المسالك المعبدة إلى مواقف الإقامات الفاخرة. منتجعات مغلقة تحتضن الفخامة وفي موازاة ذلك، تتعزز ملامح هذا النمط باحتضان المدينة لفضاءات سياحية راقية تمنح هذه العربات طابعا يوميا لا يلفت الانتباه. ففي منطقة الجبل الكبير، يعد منتجع "ستار هيل" أحد أبرز النماذج. فيلا مغلقة، بمسبح وحدائق ومدخل خاص، تستقبل زبناء من الفئات العليا، حيث تقف سيارات مثل فيراري سبايدر أو بي إم دبليو إم فايف دون أن يسأل أصحابها عن وجهتهم. وعلى امتداد الجهة البحرية، تمتد مارينا طنجة باي كمجال آخر للفخامة المتوارية. اليخوت ترسو في الصمت، والسيارات الفارهة تخرج من مواقف تحت الأرض أو تظل مركونة بوقار، ضمن صورة مكتملة الملامح، لا تحتاج إلى تعليق. وبذلك، لا تعرض المدينة الرفاه بشكل فج، بل تسمح له بأن يستقر داخلها، بانسجام مع مزاج شمالي يفضل الإيحاء على التصريح، والخصوصية على البهرجة. تجارة حسب الطلب تنمو من جهة أخرى، تنشط في خلفية هذا المشهد تجارة مغلقة وموجهة، تعتمد على استيراد سيارات حسب الطلب وتسليمها داخل المدينة بعيدا عن الأضواء. فصالات مثل في 12 أوتو هاوس ولوكسوريا موتورز تدير شبكة استيراد دقيقة، تتيح لزبنائها اقتناء أودي آر إس 7، مرسيدس مايباخ، أو رونج روڤر أوتوبيوغرافي، مجهزة بتفاصيل مخصصة حسب الرغبة. وغالبا ما لا تعرض هذه العربات للعموم. بل تسجل مباشرة وتركَن في مرائب خاصة، ولا تظهر إلا حين تقودها طبقة تعرف جيدا معنى أن تترك الأثر دون أن تترك ظلالا. كما تشير المؤشرات غير المعلنة إلى أن طنجة باتت ضمن المراتب الأربع الأولى وطنيا في تسجيل السيارات الفارهة الجديدة، إلى جانب الدارالبيضاء، الرباط، ومراكش، متجاوزة مدنا كانت تتفوق عليها تاريخيا. فالسيارة في هذا السياق لم تعد مجرد وسيلة تنقل، بل تحوّلت إلى رمز طبقي، ومرآة لتحول اجتماعي صامت يتسلل فوق الإسفلت، ومن تحت الزجاج المظلل.