تتعالى صافرة الحكم فوق فضاء غير مهيأ بدوار بوسلام، حيث تجمع العشرات من الشباب بعد العصر لمتابعة مباراة محلية. الأرضية وُسمت بخطوط جير بسيطة، والسفوح المحيطة صارت مدرجات طبيعية، في مشهد يلخص عطشا جماعيا لتنمية مؤجلة. ويتبع الدوار جماعة واد ملحة، دائرة بني أحمد، إقليمشفشاون. جماعة قروية يقطنها أكثر من 13 ألف نسمة، يعيش أغلبهم من الفلاحة وتربية الماشية. فيما تزيد التضاريس الوعرة من صعوبة الولوج إلى الخدمات الأساسية، وتجعل من كل مبادرة شبابية متنفسا نادرا. على أرضية غير مستوية، يخوض اللاعبون المباراة بأحذية مهترئة. الجمهور يصفق بحرارة، يفرح بكل هجمة وكأنها بطولة وطنية. وفي بوح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، يقول محمد الخصاصي، فاعل جمعوي من أبناء المنطقة، إن "هذه الأجواء تختصر شغف الشباب بالرياضة رغم قسوة الظروف"، مشددا على أن الملعب "تحوّل إلى رمز لتأخر نصيب بني أحمد من فضاءات مؤهلة". ويثير غياب ملاعب القرب مقارنة مؤلمة مع جماعات مجاورة استفادت من تجهيزات حديثة. هنا، يظل اللعب بين الحفر والأحجار هو القاعدة. "حين يُحرم شباب بوسلام من عشب اصطناعي يستفيد منه جيرانهم، يشعرون أن التنمية لا تصلهم بالقدر نفسه"، يضيف الخصاصي. لكن الملعب ليس سوى واجهة لمشهد أوسع. فالمدارس تعاني من بنايات متدهورة، والمراكز الصحية بعيدة، والطرقات غير معبدة. بالنسبة للسكان، كل هذه المظاهر مترابطة. يقول الخصاصي: "الرياضة جزء من التنمية، لكنها تكشف أيضًا أعطاب التعليم والصحة والبنية التحتية". وعلى المستوى المؤسساتي، صادق مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، على أكثر من 323 اتفاقية في إطار برنامج التنمية الجهوية 2022–2027، بقيمة تفوق 17 مليار درهم. نسبة التعاقد تجاوزت 70 في المئة، غير أن نصيب قطاع الرياضة لم يتعد 68 مليون درهم في ثلاث سنوات. وبالنسبة لشباب بني أحمد، فإن هذه الأرقام تبقى بعيدة عن واقعهم اليومي. ورغم الاجتماعات التي عقدتها السلطات الإقليمية لدعم الرياضة، يظل ملعب بوسلام شاهدا على هشاشة شاملة. هنا، يحاول الشباب تعويض النقص عبر مبادرات تطوعية ودوريات ترابية. لكن كما يوضح الخصاصي: "الجهد التطوعي لا يعوض غياب المشاريع المهيكلة، ولا يجيب عن تطلعات جيل كامل". المطلب الرياضي إذن يتجاوز المستطيل الترابي. هو تعبير عن حاجة أوسع للعدالة المجالية: مدارس لائقة، مراكز صحية قريبة، وطرق تسهّل التنقل. ومع كل صافرة بداية، يجدد أبناء بوسلام رسالتهم: التنمية ليست شعارا للاستهلاك، بل حقا ينتظر أن يترجم إلى واقع ملموس.