بعث محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليساريو، رسالة إلى عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري، وذلك بمناسبة رأس السنة الجديدة، وهي رسالة مختلفة تماما عن الرسائل المتبادلة بين رؤساء الدول، لأن محمد عبد العزيز يعرف أنه رئيس دولة افتراضية وليس رئيسا حقيقيا، وبالتالي فإنه يقدم فروض الطاعة والولاء المطلق علّه يبقى في موقعه قبل أن تضطر الدولة الراعية إلى تغييره. إن صيغة الرسالة تفيد التبعية المطلقة لزعيم البوليساريو للقيادة في الجزائر، فبروتوكوليا تكون الرسائل بالمناسبات مقتصرة على المجاملات وتأكيد أواصر التقارب والتعاون، لكن رسالة زعيم البوليساريو إلى بوتفليقة هي رسالة استجداء من العبد إلى سيده والعبد لا يعرف أصول اللياقة والبروتوكول الديبلوماسي.
وما قام به محمد عبد العزيز ليس غريبا بل هو التعبير الحقيقي عن واقع التبعية حيث يعرف الجميع أن البوليساريو هي صنيعة للنظام الجزائري على عهد بومدين والمعسكر الشيوعي. وتعتبر من آخر بقايا الحرب الباردة.
غير أن الجزائر، حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، ظلت متمسكة بالبوليساريو رغم انتهاء وظيفتها في الصراع الجيوستراتيجي، ولهذا فإن الجزائر ما زالت تصم آذانها تجاه الدعوات الدولية من أجل إيجاد حل لهذه المأساة الإنسانية حيث يتم احتجاز الصحراويين بمخيمات تندوف.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد في وقت سابق أن الوضع الجيوستراتيجي الإقليمي يتطلب إيجاد حل عاجل للصراع الذي دام طويلا. ويبدو أن الجميع فهم الرسالة باستثناء حكام الجزائر، الذين ما زالوا متمسكين بصنيعتهم.
ومما يؤكد على تبعية البوليساريو للجزائر، بل إن الجبهة ليست سوى موظفا لدى دولة العسكر، هو الوثائق التي أكدت تورط الجزائر في تمويل عناصر انفصاليي الداخل من أجل إحداث الفوضى في أقاليمنا الجنوبية.
ومن غرائب الأمور أن يتحدث العبد في رسالته إلى سيده عن ضرورة بناء مغرب عربي كبير يتيمز بالسيادة في حين هو ليس سوى رئيس جمهورية افتراضية وهو نفسه الذي يهدد استقرار المنطقة، وقد أكدت تقارير كثيرة أن جبهة البوليساريو أصبحت حليفة لعصابات الاتجار في المخدرات والاتجار في البشر وكذلك تحالفت مع كل التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة.