عندما ننظر إلى الدول الآمنة المطمئنة, فان أول سؤال يتبادر إلى الدهن هو :من أين لهذه الدولة هذا الأمن؟؟ !!.. و ما علاقة هذا الأمن بالمواطن؟؟ !!.. إن المواطن حين يعيش مرتاحا في وطن ما, وفي إطار دولة متحضرة لديها من القوانين ما يحافظ لهذا المواطن أو هذه المواطنة على تلك الراحة و ذلك الاطمئنان, فانه بالضرورة سوف يحب هذا الوطن و هذه الدولة الذي ينتمي إليهما, و سوف يعمل بكل ما لديه من جد و اجتهاد من أجل بلده و وطنه و دولته التي يحب. و سوف يدافع عن أمنها و سلامتها بكل ما أوتي من قوة مادام الحب متبادلا بينه و بين وطنه و دولته, و مادامت قوانين هذه الدولة التي يحب تتجدد بتجدده و تحافظ على إحساسه بإنسانيته من خلال ما توفره له من حرية التعبير, حرية التظاهر, حرية التصويت في الانتخابات, حرية التصرف في ممتلكاته كيفما و وقتما شاء , حرية الإبداع, حرية الابتكار و حرية الاختراع. لكن ماذا عسانا نقول عندما تكون هذه الدولة غير قادرة على توفير هذه الراحة و هذه الطمأنينة الآنفة الذكر؟؟ !!..و ما هي انعكاسات ذلك على ثقافة و وعي مواطنيها أولا, و رغبة هؤلاء المواطنين في التطور و التقدم الحضاري أسوة بباقي الدول المتحضرة ثانيا؟؟ !!.. و ما علاقة القوانين و الدساتير المتجددة بتجدد الأجيال بهؤلاء المواطنين في الدول المتقدمة, و انعدام الرغبة السياسية في تجديدها عندنا لحاجة في نفس يعقوب؟؟ !!.. انه لمن البديهي أن تطرح علي هذه الأسئلة نفسها كبداية لمشوار أرجو أن أجد فيه أو من خلاله آدانا صاغية. ذلك لأننا في الوطن العربي الكبير لازلنا نعيش سجناء لقوانين و دساتير عفا عنها الزمن مند وقت طويل, و منها ما يرجع إلى العهد الاستعماري, لكن ارتباطنا بها أشبه بارتباط السجين بقيوده. فكلما حاول الفكاك منها كقوانين, إلا و يجدها تجره إلى ماض لم و لن يعد أبدا. فلا هو قادر على الرجوع إلى الماضي حيث زمن صدور تلك القوانين و الدساتير, و لا هو قادر على عيش حاضره الشخصي كمواطن, و الجماعي كشعب. فأصبح بذلك سجين الزمن الفاصل بين لحظة صدور هذه القوانين, و بين زمنه الذي يعيشه جسدا و روحا, لا فكرا. الأمر الذي أدى بنا إلى انفصام في شخصيتنا الفردية و الجماعية على حد سواء. و كانت النتيجة أننا لم نبدع إلا في إنتاج السلبيات, حيث كثر الإبداع في إنتاج خرافات الترهيب مثل خرافة :عائشة قنديشة و غيرها من الأحاجي التي لازلنا نتوارثها أبا عن جد كتعبير لاشعوري منا عن عدم قدرتنا على تغيير واقعنا لما هو أحسن فعليا و بشكل ملموس, أو إبداعنا في إنتاج المزيد من النفاق الاجتماعي, و تربية أبنائنا عليه و على الكذب الذي يعد عيبا في الدول المتقدمة. و لماذا نبدع في إنتاج خرافات الترهيب هذه؟؟ !!..الجواب هو رغبة الساسة منا على مر الزمن على إيقاف دوران عجلة الزمن عندهم وحدهم دون غيرهم, و عدم رغبتهم في أي تجديد مادام قد يحرمهم امتيازاتهم السياسية أولا و مستواهم المعيشي ثانيا. فتحولوا بذلك إلى مجموعة من الأنانيين, وزراء كانوا, ملوكا, أو أمراء بمساندة مجموعة من المرتزقة المعروفون تاريخيا باسم :شعراء البلاط الذين يمجدون هذا الأمير, ذاك الرئيس, و ذاك الملك. فتحول عالمنا العربي بذلك إلى ماض يتجدد في المستقبل, و مستقبل مكبل بالقيود في سجن الماضي, و حاضر حائر بينهما. و أخيرا عسا أن يكون كلامي هذا ليس مجرد صرخة في فنجان, بل مشروع عالم جديد مقروء فيه. و السؤال الأخير لي هو : ماذا سيحدث لو أننا اكتسبنا فعلا إرادة التغيير و حررنا حاضرنا و مستقبلنا من ماضينا و امتلكناهما و عشناهما؟؟؟ !!!… تمت وعلكة في29\03\2014م