فيلسوف الشعر العربي الحديث أو المعاصر، صدمة الحداثة، الثابت والمتحول، مفرد بصيغة الجمع، أغاني مهيار الدمشقي… تتعدد الأسماء والعناوين لكنها تجتمع وتتحد في اسم ولقب واحد، أدونيس شاعر الخصب والنماء، غلب حتى المحو اسمه الحقيقي علي أحمد سعيد إسبر كما هو مدون في دفاتر الحالة المدنية السورية بقرية قصابين، فدفاتر ودواوين الشعر أشهر و أوسع مدى، والشعراء هكذا كما كتب أدونيس ذات يوم « لا مكان لهم يدفئون جسد الأرض يصنعون، للفضاء مفاتيحه… لم يقيموا، نسبا أو بيوتا.. لأساطيرهم ، كتبوها مثلها تكتب الشمس تاريخها… لامكان» أبو أرواد ونينار صاحب «زمن الشعر» المبشر بالحداثة في القصيدة والحياة يجد نفسه اليوم في خضم موج يريد أن يجره إلى زمن آخر، زمن التكفير والحرق والقتل (تكفير الكتاب والشعراء والفلاسفة وإحراق كتبهم أو إعدامهم)، إلى ظاهرة تاريخية «أقدم عليها المتعصبون في جميع مراحل تاريخنا الإسلامي، إلى جانب المتشددين في القرون الوسطى والفاشيين والنازيين» . وصك الاتهام ضد أدونيس قصائد ملفقة منسوبة إليه يقول ملفقوها إن فيها سبا للصحابة وتعديا عليهم ودعوة «إلى إحراق دمشق حمص ودرعا…. وتجرأ على صلاح الدين الأيوبي» والحكم الذي لم يسمع فيه أصحاب الاتهام وفي مقدمتهم أحد زعماء التيار السلفي في الجزائر ولو كلمة دفاع وحيدة من «المتهم» الحكم دعوة «أهل السنة في العالم» إلى إحراق كتب ودواوين أدونيس «الملحد الباطني المجرم». لكن المثير في الأمر أن رافعي لواء الدفاع عن الدين وعن الصحابة أصابوا أنفسهم والكثيرين بالجهالة ولعلهم الآن يعضون أصابعهم من الندم على ما فعلوا، إذ أنهم لم يتبينوا. فالقصائد المتهم بها أو فيها أدونيس ليست له ورده مفحم على متهميه وفيه درس كبير لهم لعلهم يعتبرون، «تزور «جبهة الصحوة الإسلامية الجزائرية» نصا تسميه قصيدة وهو نص لا أعرفه أبدا، هي تدعو إلى إحراق كتبي، الدعوة إلى الإحراق أسهل علي من التزوير»، ويدعوهم إلى الالتفات إلى ثلاثة أمور: الاهتمام بلغتهم العربية وعدم الافتراء والاتهام زورا وعدم التحدث بما لايعرفون . وفي الختم لا يحقد عليهم ولا يدعو إلى عقابهم على ما اقترفوا وإنما يسامحهم وذلك من شيم الكبار « «إنني أسامحهم جميعا وأتمنى أن يتثقفوا راجيا لهم الهداية لكي يكونوا جديرين بالإسلام وبالتحدث باسمه والدفاع عنه». درس بليغ لأدونيس في مواجهة دعوات التكفيروالإحراق كما هي القصائد جميلة وبهية وعميقة قصائد أدونيس، ويبقى للشعر العربي أدونيس واحد في زمن الشعر وفي زمن دعوات التكفير والإحراق .