كتب هذا المقال منذ أسابيع واليوم له كثير التحيين إذ صدر الحكم النهائي على شاب مغربي أضاع الطريق إلى نفسه فلم يعد يعرف إن كان مغنيا أم مناضلا ثوريا أم شيئا آخر غير كل هذا. لنستعد هاته الأسطر بقصد التأمل، لا بأي قصد آخر الحاقد مرة أخرى!!! أعترف أن الموضوع غير محفز على الكتابة، وغير مغر بها. وأتصور أنه لن يكون مغريا بالقراءة أيضاً طالما أنك حين لا تكون مقتنعا كثيراً بما تكتبه، لن تجد قارئا يقتنع بقراءته، لكن الأمر يفرض نفسه بكل تأكيد على الأقل مسايرة لنقاش توجد أغلبيته في الفيسبوك والتويتر المغربيات، وماأدراك مافيسبوك وتويتر المغربيان. ما الذي وقع هاته المرة لمعاذ؟ جهة أولى تقول إن الفتى ضبط يتاجر في أوراق السوق السوداء لمباراة الرجاء وتطوان وانه حين ضبطه تشاجر مع رجل أمن ومزق سترته، لذلك تم اقتياده إلى مخافر الأمن مثلما يقع لكل من هم في مثل هاته الحالة. الجهة الثانية تقول إن المخزن يستهدف معاذ وأنه نصب له فخا وقع فيه بسهولة، وأن قوات "القمع" مثلما يقول أصدقاؤنا في الفيسبوك وغيره نكلت بالرابور، ووجدت في الحادث فرصة لتصفية الحساب العالق معه. نحن لسنا مع هاته الجهة ولا مع الأخرى. نحن مع جهة تتصور أن ألبوم "عكاشة فاميلي" الذي أصدره الحاقد منذ أسابيع هو ألبوم غير مكتمل. طيش فني كبير ساد أغاني الألبوم، ومنعها أن تكون قادرة على الوصول إلى مايحلم به معاذ ومن مع معاذ: تحويل هاته الأناشيد إلى أغاني ثورة قادمة. الحلم كبير، وهو مشروع في نهاية المطاف، لكن وسائل تطبيقه غير متوفرة، وحجم الطموح المعلن أكبر من المتوفر الحقيقي لدى معلني هذا الطموح. لذلك لامفر من العودة إلى المنبع الذي أنتج هاته الأغاني من أجل استكمالها، وبعث الروح من جديد في هذا الكيان الفني المسمى الحاقد الذي يعتقد أنه قادر على أن يعيش جنبا إلى جنبه مع الكيان الساخط على الوقت المسمى الحاقد دائما. لابد من العودة إلى عكاشة لاستكمال البحث الفني وقد قلناها في مقال سابق، ونحن نتحدث بالمستوى الثاني للكتابة، لكن إخواننا وأصدقاءنا من مناضلي "بوبوك" و "توتور" – مثلما يسميهما ساخرا المنشط التلفزيوني الفرنسي ذي الأصول التونسية سيريل حانونا – لم يتقبلوا الأمر، كعادتهم في كل شيء، واعتبروا أننا نريد عودة الحاقد فعلا إلى السجن حين قلنا إن مكانه لازال شاغرا في "كومبليكس" عكاشة "التجاري". حقيقة الأمر هي أننا انتصرنا – كعادتنا – للفن، واعتبرناه أكبر من السياسة، وقلناها لمعاذ ونقولها مرة أخرى : ما ترتكبه ليس "رابا". ما ترتكبه جريمة في حق الراب. وأنا لا يهمني أن تكون حاقدا أو غير حاقد، ولا أن تكون فبرايريا أو شتنبريا أو منتميا لأي شهر من أشهر السنة، حرما كانت هذه الأشهر أم عادية. الذي يهمني حقاً هو أن لا تخلط "كعو ببعو" مثلما يقول المغاربة، ألا تخفي ضعفك الفني وانعدام موهبته في السب، وأن تعتقد أنك لمجرد "شرشمتك" و "شرملتك" للجميع بالشتائم أصبحت فنانا. هذا أهم مالدي في الموضوع، أما من يصعدون على ظهر معاذ لكي يقولوا عن البلد أشياء خطيرة من قبيل "القمع" و "الاستبداد" وما إليه من مصطلحات يبدو أنهم لايعرفون معانيها حقاً، فهؤلاء لا يمتلكون خرطوشات حقيقية لإطلاق النار على وطننا، لذلك يكتفون بالفرشي. وهنا لامفر من العودة إلى الإبداع الشعبي الحق، إلى الغناء الذي كتبه الأجداد حقا والذي صنعوا به الموروث الذي يستحق أن يسمى فنا، ولا مناص من تذكر العيطة وهي تقول "الفرشي مايقتلشي". معذرة شباب، لكنها الحقيقة، أيقونتكم "فرشية" كبرى ستضطرون كل مرة لاختراع واختلاق سبب ما يعيدها إلى الواجهة، لعلمكم أن فنها أو ما تسميه فنها غير قادر على القيام بهذا الأمر، رغم أن وظيفة الفن الأولى هي أن يتحدث عن مبدعه، لا أن يستجدي السياسة ويتوسل السياسيين لكي يذكروا الناس بوجوده. "عكاشة فاميلي، هاك تمزك آخونا، هاد الشي عندكم طايح بزاف. هزوووووووه للسطافيط...على الغنا، ماشي على الشي الآخر". ملحوظة لاعلاقة لها بما سبق يوما ما سنناقش موضوع التحول إلى إسرائيل للمشاركة في الندوات واللقاءات الثقافية هناك، مع الفلسطينيين أو مع الإسرائيليين، نقشا آخر، بمستوى عالم غير ساقط، وبمصطلحات قادرة على التماسك مع بعضها، وبابتعاد عن التخوين والسباب وماإليه. في انتظار وصول ذلك اليوم، تبدو خطوة العديدين في مجال الاقتحام الثقافي هذا جريئة، ويبدو سب الآخرين لهم غير منطقي، والسلام