أن يتورط صحفيان في شبهة ابتزاز رئيس دولة لهو أمر في غاية الخطورة. والأخطر هو أن يكون الصحفيان قد قدما أوراق اعتمادهما في هذه المهنة من باب صحافة التحقيق المختص في شؤون المغرب، البلاد التي اشتغلت فيها كاترين كراسي في منبر إعلامي لم يعد له أثر اليوم. ومع ذلك، فالضجة التي صاحبت هذه الفضيحة لا يجب أن تسحب على كل الجسم الصحفي الفرنسي ، الصحافة الفرنسية كانت وستظل مثالا لصحافتنا وصحافيينا هنا في الجزء الجنوبي لحوض البحر الأبيض المتوسط، الذين طالما كانوا راغبين في إدماج السلطة الرابعة في عمق صرح البناء الديمقراطي، عندما تكون هذه السلطة حاملة لقيم حقيقية وعندما تكون المهنة محترمة لكل شروط المهنية الحقة . ااا « لوموند» جريدة هوبير بوف ميري تظل مرجعا عالميا في الصحافة المهنية التي تحترم مبادئ الإخبار في تراتبيتها وتوازنها والمفتوحة على الآراء المختلفة. الثنائي كولومباني - بلونيل أضاف لهذا التنوع، مبادئ التحقيق الجاد، ولم يسبق أن تورطا في أية شبهة. سيرج جولي جعل من جريدة ليبراسيون تجسيدا للتموقع الاجتماعي الواضح، من منطق اليسار والتحرر دون مساس بقواعد المهنة، بدءا بالمعلومة المتحقق منها بطريقة احترافية. قبل كل هذا، جي جي سيرفان شريبر جعل من «ليكسبانسيون» مجلة اجتماعية ليبرالية مع احترام تام للخطوط والاختيارات التحريرية. نستطيع أن نتذكر ما نشاء من الأسماء الصحفية الفرنسية التي جعلت من نشاطها الاحترافي والمهني مرجعا للنخب الفرانكوفونية جنوب المتوسط. وهذه السمعة الكبيرة والتاريخية لا يمكن أن تخدش اليوم بتصرف صحافيين مشتبه فيهما بالنصب والابتزاز. غير أنه على الجسم الصحفي الفرنسي أن ينتبه لمثل هذه الانزلاقات. وقبل الانتهاء من حكاية المال في هذه الفضيحة، المشينة، لابد من الانتباه إلى أن الانزلاق يبدأ من الاقتراب من بعض المصادر، التي تسعى للتأثير والتلاعب بالصحفي. عدم الالتزام بوضع المسافة الفاصلة مع المصادر يشكل بداية السقوط في الهاوية. خلال مقامها بالمغرب، التقت كاترين كراسي بصحفيين مغاربة قدموا أنفسهم لها على أنهم يمثلون الصحافة المعارضة، مع أنهم عرضوا خدماتهم على القصر سنوات طويلة دون جدوى . غير أن التاريخ، يحفل بالمواقف الصحفية الفرنسية التي شكلت فيها السلطة الرابعة في باريس ، فعلا معارضة حقيقية وجادة، ما جعلها تتعرض للمضايقات داخل فرنسا نفسها. صحفيون كجان لاكوتور أو بول بالطا، طالما استندوا على مهنيتهم لدعم البناء الديمقراطي للمغرب. ايريك لوران وكاترين كراسي ليسوا ابدا من هذه الطينة. وبالأفعال المنسوبة إليهم الآن، لن يشكلوا أي تهديد للجسم الصحفي الفرنسي.