الداخلية تحدد تاريخ إجراء انتخابات جزئية بدائرتي بنسليمان وسيدي سليمان    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    السعودية تدعو طرفي الصراع في السودان إلى ضرورة تغليب مصلحة الشعب السوداني    المغرب ينافس إسبانيا على التفوق الجوي.. "الميراج" في مواجهة "يوروفايتر"    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دوري أبطال أوروبا (نصف النهاية/ذهاب): دورتموند يهزم باريس سان جرمان 1-0    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    طقس الخميس: الحرارة تعاود الارتفاع    ميناء سبتة يعلن عن أكبر تسرب نفطي في تاريخه ويفعل "بروتوكول التلوث"    محكمة إسبانية تُدين بارون مخدرات مغربي بالسجن النافذ    ففرانسا تحكم على شيفور مغربي مهرب الحشيش فموك بغرامة قياسية فتاريخ جرائم تهريب المخدرات    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    كولومبيا قطعات علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    فريق سعودي يقدم عرضًا كبيرًا لحكيم زياش وهذا هو المبلغ المعروض    الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    بالفيديو.. تعطل فرامل جرافة يتسبب في اصطدام مروع بسيارة في إقليم الحسيمة    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    مصرع شخص بعد سقوطه من الطابق الرابع بطنجة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    الطبقة العاملة باقليم الحسيمة تخلد ذكرى فاتح ماي    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط إلى سبع رحلات أسبوعيا    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    حكيمي بعد خسارة PSG مع دورتموند: لالي كان صعيب وثايقين فريوسنا غانتأهلو للفينال فالروتور    الصحراء المغربية .. أكاديميون إسبان يؤكدون على أهمية مخطط الحكم الذاتي    دوري الأبطال.. دورتموند يهزم باريس سان جرمان ويقطع خطوة أولى نحو النهائي    أرباب المقاهي يهاجمون مجلس المنافسة    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    حموشي يستقبل سفير باكستان ويناقشان تطوير التعاون الأمني بين البلدين    من طنجة.. نقابات تدعو لتحصين المكتسبات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور    "النقد الدولي": اقتصاد المغرب مستمر في إبداء مرونة في مواجهة الصدمات    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس        فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السكن الاقتصادي.. الحلم الذي تحول إلى كابوس
نشر في الأحداث المغربية يوم 07 - 12 - 2015

هل بلغ السكن الموجه للفئات ذات الدخل المحدود نهايته، وهل حقق فعلا كل الأهداف المسطرة له في البداية. فمعالم الأزمة بدأت تظهر جلية إلى السطح، لتتسارعت في المدة الأخيرة التصريحات، والمقترحات الرامية إلى الخروج من النفق، ومنها تلك التي تشير إلى احتمال تمديد مدة تسديد القروض الموجهة لهذا النوع من السكن إلى 40 سنة في ظل تقلص الفئة وانحصار قدراتها التمويلية، مع السعي إلى إعداد وتهييء دفتر تحملات جديد يلائم التحولات التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة، ويدفع بالتالي إلى الزيادة في إنتاج الشقق السكنية الاقتصادية. أرقام الأزمة تفسرها الوزارة الوصية على القطاع ومنها أنه لم يتم بيع اكثر من 21689 شقة منذ بداية السنة الجارية إلى غاية متم شهر غشت الماضي 2015، أي بنسبة تراجع بلغت 40 في المئة مقارنة بالفترة نفسها في السنة الماضية، حيث بيعت أكثر من 39000 شقة.
كما أن توقف عدد شهادات الصلاحية أو المصادقة المسلمة لعقارات السكن الاقتصادي بهدف بيعها من طرف أصحابها المنعشين في 21 ألفا و689 شهادة فقط تم تسليمها للسماح ببيعها، وذلك مقابل تسليم شهادة السماح بالبيع ل39 ألف وحدة سكنية في 2014 و 53 ألف شهادة بيع لوحدات سكنية في 2013 مما يعني التراجع في البيع على التوالي بنسبة 40 في المائة مقارنة بسنة 2014 و 60 في المائة مقارنة بسنة 2013 . انعدام الجودة والرداءة اللتين توجد عليهما المنتجات العقارية لبعض المنعشين العقاريين تشكل سببا إضافيا لتراجع المبيعات ومن معيقات هذا الورش الكبير، تنضاف إليه تدني عنصر الثقة لدى الزبناء نتيجة توقيف المنعشيين لأوراشهم أو إلى تبطيء وتيرة الأشغال بمختلف أشغال أوراشهم في انتظار انفراج الأزمة التي تضرب العرض الوفير أمام ندرة الطلب. وبالإضافة إلى الرداءة وانعدام الجودة في منتوجات عقار السكن الاجتماعي.
ففي 2004 كانت سنة انطلاق برنامج السكن الاجتماعي في عام وبعد النسخة الجديدة للبرنامج في 2010 وحصول المقاولين على الإعفاء الضريبي عرف برنامج السكن الاجتماعي توسعا قويا.
ويهدف البرنامج إلى توفير شقق منخفضة السعر للأسر الفقيرة، في إطار اتفاقيات بين الحكومة والمستثمرين في مجال العقار، يتعهد فيها هؤلاء بتشييد شقق لا تقل مساحتها عن 50 مترا مربعا ولا يزيد سعر بيعها على 250 ألف درهم وفي المقابل يستفيدون من إعفاء تام من الضرائب. وقد أبرمت الحكومة في هذا الإطار نحو 600 اتفاقية تضمنت تشييد زهاء مليون شقة. واستفاد من برامج السكن الاجتماعي 450 مقاولا عقاريا، بينهم عشر مجموعات عقارية ضخمة، و380 شركة عقارية صغيرة ومتوسطة، و60 مقاولة فردية.
وكانت دراسة لمكتب الخبرة «ماكنزي»، قد أبرزت أن القطاع العقاري مصنف من بين القطاعات العقارية التي تحقق أعلى نسب أرباح في العالم. وحسب الدراسة نفسها، فإن هامش الربح في السكن الاجتماعي يتراوح بين 15 و20%، وفي السكن المتوسط الجودة بين 30 و50%، ليصل في السكن الراقي إلى نسب تتراوح بين 40 و100%.
«بارطمات».. بمساحات ضيقة وتجمعات إسمنتية ممسوخة بدون مرافق ولا تجهيزات
رحلة البسطاء للبحث عن سكن لائق ..
هي أعطاب كثيرة، لا يحتاج المرء إلى كثير من التمحيص والبحث في واقع السكن المسمى اقتصادي في عدد من المدن، كيف تحول هذا البرنامج من ورش طموح إلى كابوس عنوانه الأزمة…شقق كالصناديق بمساحات ضيقة، عيوب بالجملة في البناء، ومواصفات لا علاقة لها لما هو مضمن في دفاتر التحملات والشقق النموذجية، ناهيك عن المشاكل السوسيواقتصادية والأمنية التي تطرحها بقوة، من خلال نماذج هي عينة بسيطة لواقع هذا النوع من السكن بالمغرب.
أسئلة الجودة..
«،بعد أن تجاوزنا عتبة الاقتراض بعلاتها وإكراهاتها اكتشفنا ومنذ اليوم الأول لانتقالنا إلى شققنا حقائق صادمة بين ما تم عرضه أمامنا في البداية كشقة نموذجية. عيوب في البناء، وعدم متابعة الإصلاحات للأضرار التي تظهر أثناء القيام بترميمات داخلية» هكذا تجمع تعليقات عدد من المستفيدين من البرامج السكنية بعدد من المشاريع السكنية بمحور بالبيضاء الرباط. قاطنون اكشفوا في شهادتهم، عن معاناتهم المتكررة مع سكنهم الجديد. بعد سنوات من الانتظار والاقتراض، ومتاهات توفير النوار، حيث تبددت فرحة تسلمهم لمفاتيح شققهم وانتقالهم إلى «الشقة» ليتحول حلمهم إلى صراع يومي لاينتهى مع الإصلاحات والمطالبة بالتعويض.
نموذج مصغر لهذا الواقع، ما يعانيه سكان إحدى التجمعات السكنية بسيدي مومن، سكان أرهقتهم المساطر والوعود وفي شهاداتهم عددوا الأضرار في عيوب منها عدم إتمام مد قنوات التصريف أو تبليط الغرف أو تزليج سطح العمارات، الأمر الذي يهدد القاطنين بالطابق المباشر بتسربات المياه، أو تشققات، علاوة على تراكم الأتربة الناجمة عن مواد التكسية غير المحمية بالزليج، كما هو سائد أثناء تشييد السطوح. إضافة إلى انعدام سور كفيل بحماية عماراتهم وسكانها، خاصة أن المجمع يقع في مكان مظلم بعيد عن الإنارة العمومية.
المتضررون نفذوا سلسلة من الاحتجاجات بالمجمع، طالبوا في أكثر من مناسبة بإصلاح الأعطاب التي يصادفونها كلما رغبوا في استعمال الأسلاك داخل الجدران والمخصصة للربط التلفزي، كما أن الزليج المثبت في عدد من الشقق، معظمه مكسر، سواء في المطبخ وغرف الحمام، وهو لا يطابق المعايير التي أمامهم بالشقة النموذجية، إضافة إلى عدم وجود سياج أو سور لحماية العمارات، أما الأبواب الخارجية للعمارات فهي لا تتوفر على أقفال، ومعظمها تعرض للكسر كما أن الدروب والأزقة ضيقة، الأدرج مكتظة، شقق في مواجهة أخرى مما يستحيل معه حتى فتح النوافذ بدون ستارات، شبه انعدام دخول الشمس، لا توجد شرف، لا أماكن للدراجات أو الغسيل أو المخازن… قائمة الأضرار المادية والصحية، قال عنها السكان أنها كانت موضوع مراسلات إلى الشركة المسؤولة عن المشروع، مرفوقة بمحاضر معاينة والذي أنجزته لجن بعد زيارتها الميدانية لبعض الشقق خلصت إلى تضرر بعض الشقق من حيث صباغة جدران الغرف تناثرت بسبب تسربات المياه، وخصوصا الغرف المحاذية للحمامات والمراحيض، مع وجود تسربات المياه، من داخل الشقق المحاذية للسطح. لكن المثير أن التقرير المذكور للجنة، ظل مجرد حبر على ورق إلى حدود اليوم.
برطمات.. والبحث عن كرامة السكن
إذا كان قدر سكان عدد من التجمعات السكنية الانتقال إلى شققهم رغم وضعيتها المزرية، والاصطدام بعدد من الاختلالات وعدم احترام المواصفات المضمنة في دفتر التحملات، فإن مشكل المساحة بدوره يطرح نفسه بشكل كبير، فغير بعيد عن مدينة المحمدية، وقبل الوصول إلى عين حرودة، تطالعك، مجموعة من العمارات، ذات أربع طوابق.. بلونها الأبيض ونوافذها الصغيرة، بنايات ظلت »عصية» عن التسويق لسنوات، ليس لأن كلفتها مرتفعة بل لأن الساكنة التي كان يفترض أن أن تستفيد منها عزفت عن الرحيل إليها.. «هادوك راهم قفوزا ماشي ديور، واخا أنا محصي، وعندي نمرة، ولكن اللهم هاد البراكة، على أقل فيها شويا ديال التيساع ليا ولوليداتي».. هكذا علق أحد المرشحين للاستفادة من المشروع قبل أن يستطرد «أسيدي البارطمات مشينا شفناهم، راهوم بحال القفوزا. ماصالحينش نسكنو فيهم».. الأب وهو أب لطفلين من سكان دوار كريسطال الصفيحي الواقع بتراب عين حرودة بلهجة جازمة رد فعله اتجاه نوعية الاستفادة المقدمة إليهم في السكن.
المتحدث ليس بالغاضب الوحيد من المشروع السكني الذي خصصته الدولة لتوفير سكن لائق لساكنة الصفيح. فهو من بين المئات من ساكنة الدواوير الواقعة بتراب البلدية كدوار غزوان أو تلك المعنية بإعادة الإيواء كدوار بيكي، حربيلي، دوار الحجر، دوارري). معظم القاطنين بها يرفعون شعارا واحدا. رفض خيار الشقق.
«شقة فيها 42 متر مربع، والناس بحالنا لي كانوا ساكنين فلبرارك، عطاوهوم بقع أرضية من 60 حتى 80 متر مربع..» تقول سيدة من القاطنات بالدوار نفسه، وهي تفسر سبب رفضها للشقة ضمن المشروع . شهادة القاطنة، وهي أم لثلاثة أطفال، تتقاسمها مع بقية القاطنين الذين وجدوا أنفسهم، في آخر المطاف أمام السراب بعد انتظار دام لعقود طويلة، وهم يمنون النفس في الانتقال إلى سكن يحفظ لهم كرامتهم، وبمنحهم الحق في بقعة أرضية لتشييد مسكنهم، خاصة أن منهم من قضى أزيد من أربعة عقود تحت القصدير. سيدة أخرى كانت تتابع حديث الآخرين بحسرة شديدة. تدخلت لتقدم شهاداتها حول وضعيتها المقلقة. وصرحت «نحن ثلاثة أسر، استفدنا من «نمرة» أي شقة واحدة..كيف ياترى سنعيش جميعنا في مساحة الشقة الضيقة». أضافت «أبنائي كبار، أولهم يبلغ من العمر 18 سنة والآخر 16 سنة. الأدهى من ذلك أن ابنتي في عقدها الثاني، لذلك تساءلت كيف سيتعايش الثلاثة تحت سقف واحد ومساحة ضيقة». لكن وأمام اعتراضاتهم، ورفضهم لم يتردد المسؤولون فى أمطارهم بأسئلة من قبيل «علاش مابغيتوش الشقق.. واش نتوما كتخيروا». غير أن المعنيين بهذا الخيار، سرعان مايجيبونهم بمطالب عالقة، ومقارنات ملموسة، لا يحتاجون إلى البحث عنها فنماذج الدواوير والتجمعات الصفيحية الموجودة فوق تراب العمالة تعتبرا دليلا على «الحيف» الذي طالهم. «هناك نماذج كثيرة لدواوير رفضت الشقق، فتم تمكينها من بقع سكنية بضواحي المدينة، أمثلة ذلك كثيرة، آخرها دوار البراهمة بجماعة الشلالات». «راه مشينا ليهم أوشفنا البارطمات .. بعينينا غير سميت السكن أوصافي».
معضلة الأمن والمرافق ..
يقفز افتقار المشاريع السكنية الموجهة للقضاء على السكن غير اللائق للتجهيزات والمرافق الضرورية، وإلى الجانب الأمني بعدد من التجمعات السكنية التي وضعتها الدولة، فبدءا من غياب الطرق، والأرصفة إلى غياب أو ضعف الإنارة إلى افتقارها لكافة المرافق الأساسية، ومن النماذج الصارخة لهذا الحيف، وضعية أحد الأحياء الجديدة (حي الفتح 2) بمدينة المحمدية، هذا الحي رآى النور بصعوبة بعد انتظار طويل في رحم الصفيح، حياة قاطنيه الجديدة به أرادها السكان أن تكون قطيعة مع ماضي «الحكرة» والتهميش والانتقال للعيش في سكن لائق طالما كان حلما عصي عن التحقق لعقود، في بيئة سليمة، ومحيط يتوفر على كافة لمرافق والتجيهزات الضروية..
وظل السؤال الذي حير الجميع هل تخلص المستفيدون من هموم سكنهم القصديري السابق. فهذا التجمع السكاني الحديث يعد أحد المشايع الجديدة بالمدينة لفائدة جزء من قاطني الصفيح بالمدينة خاصة. السكان وبعد أكثر من سنيتن وجدوا أنفسهم مجبرين بعد طول انتظار على الاحتجاج والخروج إلى الشارع، قصد إيصال أصواتهم ومطالب كانت تبدو للكثيرين منهم أثناء التدشين من المطالب القابلة للتحقق. السكان يشعرون بالغبن والتهميش. فحيهم شبه معزول عن الأحياء الأخرى بالمدينة، نظرا لصعوبة الوصول إليه عبر نفق ضيق المتواجد تحت الطريق السيارالرابط بين البيضاء والرباط. النفق المذكور تحول إلى مصيدة لأصحاب السيارات، والشاحنات التي تسلكه بصعوبة.
وأمام الصمت والباب المسدود الذي قوبلت به شكايات السكان بخصوص تهيئة الممر المذكور، من لدن المجلس البلدي لمدينة المحمدية ومجلس بني يخلف، بادر عدد منهم إلى فكرة التطوع، من خلال جمع مبالغ مالية، واقتناء مواد البناء، لإنجاز مدرج لتمكين السكان من المرور بعد اجتيازهم للنفق، وهي المبادرة التي عرفت انخراط قاطنين آخرين، والذي كانوا في الموعد، في رد عملي على لامبالاة الجهات بمشاكلهم ومطالبهم البسيطة المتمثلة في مستوصف ودار للشباب أو مرافق اجتماعية أخرى كسوق خاصة أن الحي يقع في منطقة بعيدة عن السكان.
الجانب الأمني بدوره يشكل نقطة سوداء، فالحي الجديد يشهد انفلاتات أمنية، وجرائم السرقة والاعتداءات العلنية حيث يستغل المهاجمون ضعف الإنارة العمومية وغياب مركز أمني أو دوريات الأمن بالمنطقة المذكورة ليقوموا بصب غضبهم على مساكن السكان والسيارات.
القاطنون بالحي الذي يفترض أن يتوفروا على جميع المرافق الضرورية وجدوا أنفسهم في عزلة تامة. حيث تغيب جل المرافق الضرورية من مركز أمن أو فضاءات تجارية، باستثناء مسجد.
كما أن وتيرة انتقال قاطني دور الصفيح خاصة من حي المسيرة إلى المشروع – حسب شهادات عدد من السكان- قد تراجعت في الآونة الأخيرة. وأرجع المعنيون الأسباب إلى افتقار الحي الجديد لجل الخدمات والمرافق ومن بينها غياب مسلك طرقي مناسب إلى الحي باستثناء الممر غير المعبد المظلم الذي يوجد تحت قنطرة الطريق السيار، والذي يشكل المنفذ شبه الوحيد للمارة ووسائل النقل والذي يتحول في الفترة المسائية إلى مكان محفوف بالمخاطر يصعب سلكه. والتزامات؟..
على الدولة أن تعيد النظر في مفهوم السكن الاقتصادي وأن تصحح الاختلالات
حوار مع شمس الدين عبداتي رئيس المنتدى المغربي للمستهلك
الجمعيات المدافعة عن المستهلك بالمغرب، تتابع بقلق ونتيجة لكم الشكايات المتوصل بها، الانحرافات، وعمليات النصب والاحتكار التي طبعت ملف السكن الاقتصادي، وتطالب الدولة كجهة راعية لهذا البرامج الرامي إلى توفير السكن اللائق، بضرورة التدخل وتصحيح مجموعة الاختلالات ولما لا إعادة النظر فيه وبمواصفاته وشروطه، لتجنيبه من الانزلاقات.
1- كمجتمع مدني معني بالدفاع عن حماية حقوق المستهلك، كيف تقاربون الإشكاليات والنواقص التي يطرحها ملف السكن الاقتصادي خاصة مع حجم التظلمات والشكايات المسجلة في هذا الجانب؟
من حيث المبدإ وللأسف الشديد، نسجل كمنتدى مغربي للمستهلك أن البرنامج قد انحرف عن مساره، لأنه عرف تدخل أطراف غير معنية بتوفير السكن بحد ذاته، كسياسة واضحة لتفعيله. فالمقاول يشيد الشقق دون أن يكترث بعدد من الالتزامات، علاوة على التقصير من طرف الجمعيات المحلية في المراقبة، وكذا وزارة الإسكان كجهة وصية على القطاع ومؤسسات العمران. ليتحول الهدف من هذا البرامج ككل إلى ما يشبه «وزيعة» بين هذه المؤسسات، وبالتالي لا أحد من هؤلاء يراقب مسألة المواصفات، أو المعايير المطلوبة في هذا السكن الذي يتم تسويقه بثمن معين، غير أن الذين يشرفون عليه، يتمتعون بمجموعة من الامتيازات والاعفاءات نظير استثمارهم في هذا الجانب. كمسألة الضرائب، والعقارات بأثمنة جد تفضيلية.. ولكن في المقابل يجد المستهلك نفسه أمام دوامة من المشاكل، تبدأ من مرحلة الاقتراض ودفع المبالغ المتوجبة عليه عند الشراء والتي لاتتم إلا على الورق في أحيان كثيرة. وهذا معطى تفسره الشكايات التي نتوصل بها، والتي ولا شك تتوصلون بجزء منها عبر الإعلام، وتتعلق بالمساحة، حيث يفاجأ المستفيد بمساحة تخالف تلك المتفق عليها في البداية. مثلا 65 مترا مربعا ، تتحول عند تسلم العقار إلى 48 أو 55 مترا مربعا. بل الأدهى من ذلك أن المقتني يفاجأ بأن شقته تفتقر إلى قنوات تصريف المياه.. والنتيجة المستخلصة أن لا أحد يراقب هذه الأمور خاصة عند الانتهاء من الأشغال وتسليم هذه الشقق. ثم أحيانا هناك شقق ومساكن لا تتوفر كذلك على أسلاك الكهرباء، مما يضع الزبون في حيرة من أمره، ويدفعه إلى تحمل كلفة إنجاز كل تلك التجهيزات لنفسه. والأخطر أن المستفيدين لا يعرفون إلى أية جهة يمكنهم اللجوء إليها لتقديم شكاياتهم. وهي مشكل أخرى، إضافة إلى أنهم عندما يقترضون قيمة السكن من المؤسسات البنكية، يواجهون صعوبات في استرجاع تلك المبالغ المقترضة عند حدوث خلاف لعدم مطابقة الشقق لما تم الاتفاق عليه في البداية. فالزبون يخير بين إتمام المبلغ، أو أن يتم خصم عشرة بالمائة من المبالغ المدفوعة، أو جعله رهينة مسلسل من الانتظار قد يستغرق شهورا عديدة. ومن الناحية القانونية فالنسبة المفروضة المذكورة غير قانونية، كما أن الوثائق المعتمد في التعامل بين الطرفين لا تتجاوز كونها وصولات فقط وهي لا تمثل قوة إثباتية للدفاع عن حقوقه. وبالتالي فالمتضررون يتعرضون لنوع من التعسف في الشروط الملزمة لإثبات هذه المعاملات، وهذا أمر مرفوض من الناحية القانونية، خاصة قانون حماية المستهلك. ونحن من هذا المنبر نحيي الحكم الذي صدر لصالح أحد المتضررين بمدينة فاس، والذي حصل على قرض، ليكتشف بعذ ذلك أن المؤسسة البنكية قد أضافت نقطة إلى نسبة الفائدة المتفق عليها في البداية. المحكمة في هذا الملف أنصفته بالحكم على المؤسسة المعنية بإرجاعها إليه. وتشكل هذه الحالة نموذج للمئات من الحالات من هذا النوع لم يلتجئ أصحابها للمساطر القضائية إما لجهلم بها أو لطولها. وبالتالي فالمطلوب من الدولة أن تعيد النظر في هذه العملية للوقوف على ماذا أنجز منها وبأية طريقة وما مدى احترام المواصفات. فالدولة تخسر على واجهتين، أولا أنها قدمت التسهيلات، لكن في المقابل أن المعنيين لم يستفيدوا منها بالشكل المحدد. الأمر الذي يؤثر على سياستها في مجال توفير السكن اللائق للجميع.
2- الدولة تقدم التشجيعات تلو الأخرى في هذا الجانب، لكن بالمقابل فإن هذه العملية لم تحقق النتائج المرجوة منها كيف تقيمون ذلك؟
من الناحية العملية فوزارة الداخلية والإسكان هما المعنيتان بهذا القطاع، من خلال المراقبة المباشرة له، فوجود دفتر تحملات واضح، يجعل من عنصر المراقبة أمرا حتميا. فهل تم إنجاز المعايير والمواصفات كما هي مصرح بها أم لا؟. وهل توجد هناك لجنة أم لا تمثل المستهلك أو ودادية سكنية، ولماذا لا تستفيد التعاونيات من هذه الامتيازات كالتخفيض في ثمن الأرض، وبقية الإعفاءات الأخرى، حيث أن هناك تجارب ناجحة في هذا المجال. وأن تقوم بدورها بهذه العمليات، في إنجاز هذه المشاريع. فهناك العديد من التجمعات السكنية لاتتوفر فيها المرافق الآساسية، لا مدارس، ولا مراكز صحية ولا أسواق .. بل حتى تلك الأماكن المخصصة للمناطق الخضراء تم الإجهاز عليها وتحويلها إلى بنايات في غفلة من الجميع أو تواطؤ مع جهات لم تقم بالأدوار الموكولة لها. وبالتالي فالمسألة تفرض ضرورة مراجعة منح هذه الامتيازات لهؤلاء المقاولين وفرض شروط معينة وفق دفتر تحملات جديد وبمعايير جديدة وإدخال أطراف أخرى في العملية كجمعيات حماية المستهلك لتفعيل مبدأ المراقبة، مع إشراك مصالح وزارات أخرى.
3- هل يلجأ إليكم المتضررون لتقديم شكاياتهم بخصوص الأضرار التي قد تكون لحقتهم جراء اقتنائهم لشقة ضمن السكن الاقتصادي؟
بالفعل نتوصل بالعديد منها، وتتعلق بالمواصفات على الخصوص، وقد تمكنا من حل البعض منها عبر آلية الوساطة لحل النزاعات بين المشتكين وبعض المؤسسات الكبرى. وتتوزع هذه الشكايات بين المواصفات، والشروط، ومدى احترام التعهدات الأولى من لدن المنعش فيما يتعلق بتسليم الشقة، دون تغيير لما اتفق عليه بين الطرفين في العقد الأصلي، خاصة أن عملية شراء الشقق تتم في البداية على الورق. ولا نكتفي باللجوء إلى الوساطة بشكل تلقائي عبر مراسالات ولقاءات لكننا نطالب بإدارجها ضمن الاتفاق، وأن تكون مؤطر من الناحية القانونية. تتضمن كافة عناصر الشكاية. وفي هذا الإطار سطرنا ضمن تواصلنا مع شريحة المستهلكين ندوة بعنوان «العمل التجاري بين المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية القانونية».
ونهدف من خلالها إلى نشر الوعي بالقيم والأخلاقيات الأصيلة في المعاملات التجارية (بيع وشراء) كعامل مساعد على الاستقرار والأمن الأخلاقي في المجتمع، ومبعث للطمأنينة والسكينة الاجتماعية، مع إبراز أهمية استحضار أخلاقيات وقيم الصدق والأمانة والتعاون والتنافس المحمود والابتعاد عن الأخلاقيات المسيئة للعمل التجاري والمهني عموما: كالغش والخديعة والاحتكار اللامشروع أخلاقيا وقانونيا، وهو لقاء تسعى الغرفة من خلاله لحث التجار والمهنيين على إدماج الأخلاق بالعمل التجاري وعدم مخالفة الشرع والقانون» فالتجارة بالأخلاق «عامل ربح ديني ودنيوي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.