أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج مؤخرا كتابا فاخرا مخصصا ل"الفنون من داخل السجون، إبداع وتهييئ للإدماج"، يضم أزيد من 200 عمل فني أنجزه نزلاء بمختلف المؤسسات السجنية بالمملكة. ويتوزع الكتاب، الذي صدر باللغتين العربية والفرنسية، على أربعة أقسام خصص القسم الأول منها أساسا لتقديم الاعتبارات النظرية والعامة التي يمليها فك رموز مجموع المتن اللوحاتي. أما الأقسام الثلاثة الأخيرة، مع تفرعاتها، فتقترن بالمسار الافتتاحي الذي يبدو أن هذا الإنتاج يسلكه منذ لحظة استخدام حركة الرسم للإعراب عن الألم والتخلص من الإحباط والمعاناة، والعبور إلى طريق إعادة البناء، بدءا بالتنفيس المحرر من المعاناة، ثم الفعل الإبداعي فالتخلص من الخطيئة والشعور بالذنب للوصول في الختام إلى العالم المشرق المجسد للبراءة المتأصلة. وبحسب المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، يعد هذا الكتاب ثمرة الإبداع الفني ضمن فلسفة العقاب، مع ما يترتب عنه من تهذيب السلوك وإنماء شخصية السجناء، وإعدادهم لإدماج فعلي في المجتمع بعد الإفراج. ويتوقف الفنانون السجناء، في هذا العمل، عبر لوحاتهم، وبتعبير فني راق عند تجربة السجن، بأوقاتها العصيبة ولكن أيضا بمشاعرها الجياشة، وحياتهم قبل الاعتقال وحياتهم بعده. ويدعو هؤلاء الفنانون، الذين لا حدود لآفاقهم ولا تعرف مخيلتهم أي حواجز، من خلال أعمالهم، الىفي سفر مبهر بين ثنايا زخم من التعابير الراقية من قبيل السعي العظيم، البحث عن الذات، والاعتقال والضائقة، والأمل والطائر المخلص، والخلاص عبر المعرفة، فن الخط، التضرع والدعاء، والروح الوطنية. وتناولت هذه الأعمال، التي صاحبت بعضها تعاليق مرتبطة بالمحتوى والتقنيات والألوان المستعملة على حد سواء، الحضور الطاغي للماء، ومدينة الأحلام، والعودة إلى المعيش اليومي، ومواسم، فرسان وخيول، والمرأة الممجدة. ويبرز هذا المؤلف مدى أهمية الفن داخل الفضاء السجني وإلى أي حد يمكن أن يصبح إحدى الأدوات الأساسية لإعادة الإدماج. كما أنه يساهم في التعريف والرفع من قيمة العمل الفني للسجين.