المغرب – فرنسا: فتاح تدعو إلى أشكال تعاون جديدة تستشرف المستقبل    قرصنة المكالمات الهاتفية يقود لتوقيف سبعيني بمدينة طنجة    الملك محمد السادس يعود لأرض الوطن بعد زيارة خاصة لفرنسا    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    لجنة الاستئناف التابعة لل "كاف" ترفض طلب اتحاد العاصمة الجزائري ضد نهضة بركان.. واستقبال حافل للنادي بالمغرب    الكابرانات وبواقهم ما رضاوش بالخسراة مع بركان والكاف: غنمشيو للطاس    أنشيلوتي يدعم استمرار تشافي مع برشلونة    عاجل... توقف أشغال مؤتمر حزب الاستقلال بسبب خلاف حول رئيس المؤتمر    أمطار متوقعة ابتداء من الليلة القادمة فوق كل من طنجة واللوكوس    إحباط عملية تهريب مخدرات هائلة بالجزيرة الخضراء .. 25 طنًا من الحشيش داخل شاحنة مغربية    في ظل الوضع المائي المقلق ببلادنا.. حملة تحسيسية واسعة للتوعية بضرورة الحفاظ على الماء    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    الحكومة والنقابات تتجه للتوقيع على زيادة في الأجور قدرها 1000 درهم    بركة: مناورات الجزائر لإحداث تكتل جديد دون المغرب خيانة للشعوب المغاربية    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    مكتب الوداد يعلن عن تعيينات جديدة    موراتينوس : دعم إسبانيا للمخطط المغربي للحكم الذاتي يعكس "التزاما سياسيا واستراتيجيا    وزارة الصحة تعلن تسجيل 10 إصابات جديدة بفيروس كورونا    هل ستعتمدها مديرية الناظور؟.. مذكرة تمنع تناول "المسكة" في المدارس    اليوم العاشر بجامعات أمريكية.. تضامن مع فلسطين والشرطة تقمع    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    لجنة الانضباط بالرابطة الفرنسية توقف بنصغير لثلاث مباريات    مكناس : المعرض الدولي للفلاحة في نسخته 16يفتح أبوابه في وجه العموم    طلبة الطب يعلقون كل الخطوات الاحتجاجية تفاعلا مع دعوات الحوار    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    جمهور ليفار ممنوع من الديبلاصمون لأكادير    الفنان المغربي الروسي عبد الله وهبي يعرض "لوحات من روسيا" في الرباط    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى        العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    أخنوش: الأسرة في قلب معادلتنا التنموية وقطعنا أشواطاً مهمة في تنزيل البرامج الاجتماعية    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    الأمثال العامية بتطوان... (582)    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمهورية جلالته: أكاذيب غير حقيقية !


رحلة غير ممتعة في الكتاب/الأكذوبة لعمر بروكسي
AHDATH.INFO
لم يحدث إلا نادرا أن قرر كاتب أن يجعل من الكذب خطا تحريريا له في كتاب بأكمله من الصفحة الأولى حتى الصفحة 315 مثلما فعل عمر بروكسي ذلك.
الصحافي سابقا بمجلة « لوجورنال » والمكلف في وقت سابق أيضا بمكتب وكالة الأنباء الفرنسية في الرباط وبتيسير أمر انتشار قصاصات دون غيرها عن المغرب والذي قرر الهرب بعيدا عن الوطن، ومن هناك تسخير قلمه وبعض المعلومات الضئيلة التي توفرت له، لخدمة من يهمه الأمر يخرج يومه الخميس 21 شتنبر في فرنسا عن دار نشر من الدرجة الثانية تسمى « العالم الجديد » كتابا اختار له من الأسماء عنوان "جمهورية جلالته" أراد من خلاله عديد الأشياء التي يمكن للقارئ أن يتمنى التوفيق لعمر في الوصول إليها مع أنه لم يستطع ذلك لأن النية لوحدها سواء كانت سيئة أو حسنة لاتكفي نهائيا
فعندما تجتمع قلة الخبرة المهنية مع انعدام الكفاءة مع الرغبة فقط في الإساءة وينضاف إلى هذا الكوكتيل غير المغري كثيرا الكذب والإصرار عليه، مع التقاط أخبار سبق لصحافيين آخرين أن ضمنوها في كتبهم تكون النتيجة هي كتاب عمر بروكسي، وتكون معها النتيجة الأخرى هي الاقتناع مرة أخرى، وليست الأخيرة بكل تأكيد، بأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، وأن كتابة تحقيق كبير أو من النوع الكبير أو يدعي أنه كبير أمر يلزمه أكثر من أمر واحد لكي يتحقق المراد، ويلزمه أساسا أن تتوفر القدرة على هذا التحقيق، والقدرة على الكبر للوصول إلى حجمه فعلا.
« الأحداث المغربية » سافرت حتى العاصمة الفرنسية باريس بعد أن سمعت بخبر خروج الكتاب وقررت أن تقرأه لقرائها وأن تقدم لهم مايسمى في دارج المؤلفات الصادرة حديثا « الأوراق الجيدة » سوى أنها عادت من رحلتها الفرنسية فعلا بخفي حنين إذ لم تجد أوراقا جيدة إطلاقا، لكنها بالمقابل وجدت كثيرا من الأكاذيب غير الحقيقية عكس عنوان الفيلم الشهير، وهو مااضطرها للوقوف عند هاته الأكاذيب واحدة واحدة لكي تخبر بها من سيتلون هذا الكلام، ولكي تنفع بها من سيعتبرون أن لدى مؤلف هذا الكتاب/ الخدعة أمورا جديدة سيقدمها للقراء
لن نقول هنا قراءة ممتعة، فالأمر شبه مستحيل مع أكذوبة ضخمة مثل التي اقترفها بروكسي، لكن سنقول قراءة ذكية ومحترمة لعقل القارئ، خصوصا عندما يتم مقابلة المعلومة الكاذبة بمعلومة صادقة، ويتم ترك الحكم النهائي لكل من سيطالع الكلام، تماما مثلما سيتم ترك السؤال الأكبر الذي حرك الكتاب : من المستفيد من جريمة الكذب هاته هاته؟ مطروحا على القارئ الفطن والنبيه لكي يرد عليه
لنقرأ ولننتبه...
كذبة التقديم: في البدء كان كريش والواجهة
في البدء من الكتاب كان آلان كريش الهارب من لومند ديبلوماتيك بعد أن ضاق بحرفيتها، اللاجئ إلى الأنترنيت الذي لم يعد يتطلب عديد الأشياء لكي يطلق عبره موقعه «أوريون xxI
« وهو الموقع الذي يبيعه صاحب الكتاب مقالاته، وفق منطق المغاربة الشهير "زيتنا فدقيقنا" مايخلي التقديم من البدء من أي صداقية ويجعله تبادل مجاملات بين الرجلين ليس إلا.
كريش يقدم الكتاب، وهو في تقديمه هذا يحاول مسبقا أن يداري كل عوراته والسيئات بأن يقنع القارئ منذ البدء أن الأمر يتعلق بتحقيق ضخم سيكشف عديد الحقائق. بالنسبة لصحافي له قلم مثل كريش الأمر محزن فعلا، فبمجرد البدء في القراءة يفهم المطالع للكتاب ألا علاقة للمؤلف بالتحقيق الصحافي أو ماشابه وأن الكتاب تنعد فيه حتى الرؤية التعليمية البيداغوجية التي كان يفترض برجل قادم من التعليم مثل بروكسي الذي اشتغل مدرسا في سطات أن يتحلى بها
يخبرنا كريش أن عددا من الشخصيات الفرنسية مرت من المامونية ويورد أسماء هو الأول يعرف أنها لم تمر من الفندق الشهير يوما لكنه لا يكترث لا بسمعته المهنية أولا ولا حتى بانكشاف أكذوبته في الصفحات الموالية من الكتاب لأن الهدف من التوطئة ويبدو أنها كتبت تحت ضغط شديد من الطرف المستفيد من الجريمة كلها أو من الكتاب، هو إقناع من سيقرأ إن صدفة أو عن سبق إصرار وترصد الكتاب أن للمغرب حظوة كبرى داخل أوساط فرنسية كثيرة وأنه يتحكم في تلك الأوساط وأنه يفعل بها مايريد
يسمي كريش المغرب بلد الواجهة في مقدمة الكتاب ويخبرنا أن الكاتب سيقدم لنا معطيات ضخمة وتحقيقا غير مسبوق عن علاقة السيدة الجمهورية بالمملكة سوى أنه يضطر في نفس المقدمة وهي قصيرة جدا للاستعانة ببي إفم تي في وبالفيغارو وبلومند وبغيرها من الجرائد السيارة ومن وسائل الإعلام المتعددة لكي يقنعنا بحسن نية صديقه الكاتب في القيام بعمل صعب بعض الشيء هو التحقيق الصحافي الذي يتطلب جهدا أكثر من العادي أي أكثر من الجهد الذي يبذله عادة بروكسي عندما يريد الاقتراب من موضوع من مواضيعه، وهو ماسيتضح مع تقدم الصفحات
كذبة "المامونية" :ليس من رأى كمن سمعا
يتحدث بروكسي في كتابه كثيرا عن المامونية ويرسم صورة خرافية لهذا الفندق المراكشي الشهير. بعض الألسنة التي لن تريد خيرا بالكتاب الجديد ستقول إن الكاتب يتحدث عما لا يعرفه وأنه قرأ كتاب علي عمار مع جان بيير تيكوا في وقت سابق واحتفظ من الكتاب ببعض العلومات التي اعتقد - بفعل النسيان الإرادي أو اللاإرادي - أنه توصل إليها بمجهوده الشخصي فقرر وضعها بين دفتي كتاب وإصدارها هاته الرة مع بعض التسخين للطرح مثلما يقول المغاربة عن تعبير الفرنسيين الشهير « les plats rechauffes » سوى أن هذا الطبق البائت لا يهم مواد غذائية قابلة للاستهلاك بل يمس موادا غذائية انتهت صلاحية استهلاكها تماما ويمكنها أن تسبب لمن يأكلها عسر الهضم وأخطر من ذلك بل يمكن أن تسبب لمن يروجها المتابعة القانونية لأنها تمس سلامة المستهلك بشكل واضحح وخطير
في أكاذيب بروكسي عن المامونية تشتم رائحة خلاصة نهائية وأكيدة: الكاتب لم يطأ أرض الفندق الشهير أبدا أو هو لم يطأها إلا مرة أو إثنتين وفي المحصلة العامة هو يتحدث عما سمعه لا عما رآه وهذه مشكلة حقيقية بالنسبة لأي تحقيقي صحفي يحترم نفسه أو على الأقل يريد تقديم نفسه بهاته الصفة الكبيرة جدا
يقول عمر بروكسي عن زوار المامونية من الطبقة السياسية الفرنسية إنهم جميعا ودونما استثناء تعودوا النزول في الفندق الشهير على حساب المغرب لكي يصبحوا فيما بعد منفذين للسياسة المغربية داخل دواليب الدولة الفرنسية.
عندما تبحث عن عدد السياسيين الفرنسيين الذين ينزلون في المامونية، لن تجد إلا القلائل. أغلبية المبحرين إلى مراكش يفضلن أماكن أقل ضوءا وأكثر حميمية وهدوءا من الفندق الذي يدلف إليه الجميع اليوم. ,عندما يعود بروكسي إلى دوغول الذي تم تصميم سرير له على المقاس في الفندق، وإلى ونستون تشرشل الذي سمي أحد « بارات » الفندق باسمه، وإلى جاك بريل الذي نام هنا ذات يوم، تستوعب حقا قيمة المعلومات « الخطيرة » التي يحبل بها الكتاب، وتفهم أن « كليشيه المامونية » يفعل فعله مجددا بأن يردده الكاتب مثل الببغاء دون أن يورد مايثبت الكلام الذي يورده، بل أحيانا بإضافة أكاذيب إليه من قبيل إدخال نجاة فالو بلقاسم إليه رغم أنها لم تقم بذلك ولم تدخل المامونية أبدا، أو من قبيل منحها وظيفة وهمية وتعويضا أكثر وهما وهي وزيرة في حكومة فالس لكي يثبت عمر بهاته الوظيفة المتخيلة مايريد الوصول إليه
وحتى عندما يخرج عمر من الفندق ويتجول قليلا في مراكش التي يبدو أنه لا يعرف عنها إلا الكليشيهات يدعي أن عددا كبيرا من الساسة الفرنسيين يملكون رياضات وقصورا في المدينة الحمراء، تم تجهيزها لهم لكي يشتغلوا لصالح الدولة المغربية، وعندما يبحث القارئ عن أمثلة يجد إسمين أو ثلاثة، وهم في الحقيقة الموجود والمتوفر. وكلهم اقتنوا منازلهم في مراكش على نفقاتهم الخاصة ولا دخل للدولة المغربية بهم، وهم يشبهون في ذلك عددا كبيرا من المتقاعدين الفرنسيين الذين يختارون الحمراء للراحة فيها بعد العمل، أو عددا آخر من المواطنين العاديين الفرنسيين الذين يقتنون إقامة ثانية في الحمراء لكي تكون مكان عطلتهم، دون أن يكونوا مطالبين بالدفاع عن مواقف المغرب في أي مكان اللهم إلا في مخيلة عمر ومخيلة المستفيد من الجريمة (جريمة الكتاب) الذي أمر عمر باقتراف كل هاته الأكاذيب دفعة واحدة، وهي الأكاذيب التي تبدأ بالكاد، إذ القادم أسوأ بالفعل
كذبة غيغو التي ألغت الرميد وطوبيرا !
عندما تريد الوصول إلى حقيقة ما وتعوزك البراهين والدلائل، تلجأ إلى الخيال. هذا الأمر في الكتب التخييلية (الروايات أو القصص أو المسرحيات) أمر طيب للغاية ومحمود، وأفضل الكتاب هم أصحاب الخيال اللامحدود. لكن عندما تدعي أنك تنجز تحقيقا صحافيا يهم علاقة دولتين ببعضهما يكون تدخل الخيال أمرا مرضيا ومعيبا لعملك، بل ويكون دليلا عليك أنك لا تصلح للمهمة التي قررت أن تقدم نفسك للناس بها.
خذ لك ماقاله عمر بروكسي عن إليزابيت غيغو التي ادعى أنها هي التي تدخلت لأجل تعديل بروتوكول التعاون القضائي بين المغرب وبين فرنسا، وأنها هي التي ضغطت على البرلمانيين الفرنسيين، وعلى فرنسا وعلى المغرب وعلى الأرض كلها وذلك لأنها هي الأخرى عاشت في المغرب بل ولدت في مراكش سنة 1946 لذلك وعندما نشب الخلاف بين المغرب وفرنسا حول التعاون القضائي تدخلت غيغو بصفتها رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الفرنسية (البرلمان) من 2012إلى 2017 وعدلت الموضوع جيدا وزارت المغرب مرتين ونفذت المطلوب منها (هكذا وبكل بساطة ساذجة حد الغثيان)
الحقيقة هي أن من تتبعوا الملف جيدا يعرفون أن هذا الأمر بكل بساطة كذب في كذب، ويعرفون أفضل منه أن غيغو لا علاقة لها بالموضوع، وأن من تولى التفاوض من الجانب المغربي هو وزير العدل حينها مصطفى الرميد، وهو لازال حيا أطال الله عمره ويمكن أن يسأل أو أن يتأكد الصحافي من الخبر منه، ومن الجانب الفرنسي كريستيان طوبيرا وهي أيضا لازالت حية، وهي أيضا أطال الله عمرها وهي معروفة بلسانها الذي لا تخفيه ولا يمكنها لو تم تجاوزها في ملف مثل هذا أن تسكت.
الاتفاقية تمت مناقشتها بين وزارتي العدل في الدولتين، وسؤالها الأساسي كان سؤال احترام للسيادة وفق منطق: هل يعقل أن يختصم شخصان في المغرب أحدهما يحمل جنسية ثانية وأن تتم محاكمتهما في بلد الجنسية الثانية؟
الجواب العادي والبديهي لبلد يحترم سيادته مثل المغرب هو: لا، وأصدقاؤنا الفرنسيون فهموا تحفظ البلاد على الموضوع، واقتنعوا أنه يجب احترام سيادة الدول، وكذلك كان. بعدها استأنف التعاون القضائي وتيرته بين البلدين، واستأنف سير المعلومات بينهما اشتغاله العادي لما فيه مصلحة المغرب ولما فيه مصلحة فرنسا دون أي إشكال.
لماذا كذب عمر كذبة مفضوحة مثل هاته هو الأول يعرف أنها ستنكشف بسهولة؟ مرة أخرى الجواب سهل للغاية : انعدام معطيات حقيقية في الكتاب يضطر صاحبه إلى الاختلاق ولي عنق الحقيقة، وصنع سيناريوهات من وضع خياله ثم إلقائها في وجه الجمهور، ومرة أخرى هذه ليست الكذبة الأخيرة. فالخير لازال أمام. لنتابع
كذبة الحموشي وأسطورة التعذيب
عندما أراد كتاب « جمهورية جلالته » التطرق إلى قصة زكريا المومني الأسطورية لجأ إلى أسهل الطرق التي يلجأ إليها الكسالى في الصحافة. عاد إلى ماقاله زكريا المومني بكل اختصار وأهدى صفحات الكتاب من الصفحة 157 حتى الصفحة 183 في الفصل الذي أسماه « حادث نويي » للملاكم السابق الذي احترف النصب والاحتيال في وقت لاحق لكي يقول مايشاء
تحدث عمر بلسان زكريا عن التعذيب المزعوم، وعن الوجوه التي رآها وعن كيفية اقتياده من المطار إلى السجن ثم تمارة، ولم يكلف صاحب الكتاب نفسه عناء مقارنة ولو صغيرة بين أقوال زكريا وبين الحقائق التي ظهرت على الأرض في وقت لا حق
لم يعد إلى القضاء الفرنسي الذي نظر في شكاية المومني ووجد أنها لاتستند إلى أساس. لم ينظر إلى كل المسطرة القضائية التي احترمت مع الملاكم سابقا، والنصاب حاليا منذ حلوله بالمغرب وحتى دخوله سجن سلا وحتى خروجه من المملكة، وهي المسطرة التي تعمد فيها المغرب إعلان كل الخطوات واحترام مدة الحراسة النظرية
وحتى عندما يبلغ الحمق بالمومني مداه ويقارن نفسه بالمهدي بن بركة الزعيم العالم - ثالثي الشهير لا يتردد عمر بروكسي في نقل كلامه « فورا تذكرت المهدي بن بركة الذي تم اختطافه ولم يره أحد بعد ذلك وقلت لنفسي (لقد انتهى الأمر) - زكريا المومني - الصفحة 160)، ولم يتردد في اعتباره كلاما يدل على العقل ويمكن أن يورد في تحقيق صحافي لأجل إثبات تهمة كاذبة على المغرب
ولكي يورد كذبة أنه رأى الحموشي أثناء التعذيب روى بروكسي القصة الخرافية التي اختلقها الملاكم والذي قال إنه وأثناء التعذيب ولأن معذبيه نسوا القيد الحديدي من الأمام في يديه، فقد قام بحركة خرافية بنزع غطاء العين وهناك رأى الحموشي وتذكره لأنه سبق له ورآه في مناسبة رسمية على التلفزيون المغربي، إلى آخر حكاية مضحكة للغاية يلزم فعلا لتصديقها التوفر علي أكبر كمية من سوء النية أولا ثم على الكثير من الخيال ومعه غير قليل من الغباء.
لماذا تدحرج بروكسي إلى هذا الحد من النزول؟ لا داعي لطرح السؤال كل مرة، فعندما تغيب العلومة الحقيقية يحضر الاختلاق وماسيحمله الكتاب فيما بعد لن يزيد إلا أن يؤكد هاته القاعدة البسيطة جدا لكن البليغة جدا في الوقت ذاته، علما أن لبروكسي اهتماما خاص بالحموشي لن يتوقف عند حدود هذا الاتهام الكاذب، بل سيتطور حد نزع وسام عنه. كيف ذلك؟ لنتابع مرة أخرى...
كذبة الوسام الذي أزاله بروكسي عن صاحبه
لم ترق حكاية التوشيح الفرنسي لعبد اللطيف الحموشي كثيرا أعداء المغرب، وفي مقدمتهم الجزائر - التي يمكن طرح السؤال من الآن إن كانت المستفيد الأول وربما الوحيد من جريمة « جمهورية جلالته » - ولم ترق أيضا لعمر الذي أراد في الكتاب أن يطويها وأن يزيلها من تاريخ الجمهورية أصلا، لذلك يقول في الفصل الذي خصصه لوسام جوقة الشرف الذي ناله الحموشي بأن فرنسا تراجعت عن تسليم الوسام لصاحبه
مع كذبة مثل هاته يمكن التأكد منها بدليل بسيط هو الخطاب الذي تسلمه الحموشي، مكتوبا يخبره بنيل الوسام، ويمكن التأكد منها عبر كازنوف وزير الداخلية الفرنسي في عهد الرئيس هولاند الذي قال للصحافيين في ندوة « إن فرنسا التي وشحت في وقت سابق من 2011 الحموشي من خلال منحه وسام فارس في جوقة الشرف ستمنحه هاته المرة وسام ضابط في جوقة الشرف وهو واحد من أرفع الأوسمة في فرنسا إن لم يكن أرفعها »
هنا لا طريقة للرد على كتاب بروكسي إلا الإتيان بالدليل، والقيام بعكس مافعله في الكتاب أي إيراد الاتهامات دون براهين عليها، والوثيقة هنا تتحدث عن نفسها دون إطالة في الكلام، مع السؤال الدائم الطرح، اللازم البحث له عن إجابة: لماذا الإصرار على الكذب بهاته الطريقة المفضوحة والغبية فعلا؟
بروكسي لا يهتم لهذا السؤال ولا بالبحث له عن جواب لأنه يواصل ويخبر قارئه أن الحموشي لا يستطيع وضع رجله في التراب الفرنسي منذ النازلة الشهيرة، وأن كل حواسيب الجمهورية تخبر كل جهات الأمن بمجد وطئه التراب الفرنسي بقدومه، وهو أمر يمكن التأكد من صدقيته بتذكير الكل أن الحموشي التقى في رمضان الفارط - ومباشرة بعد أن عاد ماكرون من زيارته الأولى وهو رئيس إلى المغرب - داخل قصر الإليلزيه بكبار مساعدي الرئيس إيمانوي ماكرون و في الاجتماع ذاته التقى الرئيس ماكرون نفسه. وأين ؟ داخل الإليزيه...هل من حاجة للتعليق حقا على خبر المنع من وطأ التراب الفرنسي هذا؟ طبعا لا حاجة، ولا حاجة أيضا لتذكيركم أن مسلسل الكذب لم يتوقف هنا، بل هناك حلقة أخرى إضافية لم تنفع في إضافة التشويق لأن الكل على علم بها هي الأخرى والكل يعرف أنها كاذبة. لنستمتع بالإبداع الكاذب لعمر...
كذبة كريس كولمان : هاشتاغ الاختلاق
في الفصل الذي خصصه لما أسماه الويكيليكس المغربي، يضطر عمر بروكسي للعب لعبة ثم خوض نقيضها. فهو يعرف منذ البدء أن « الوثائق » التي نشرها حساب كولمان ثبت أنها مزيفة، وثبت أن مصدرها الجزائر، وثبت أكثر أنها أصبحت موضوعا متجاوزا له ملابسات خاصة جدا نسيه الجميع، لكنه لايستطيع المرور على الحكاية دون أن يعود إليها بمزيد من الأكاذيب.
ينشر بروكسي بعضا من هاته الحكاية، ويريد أن يطمئن قارءه على نوعية الأخبار المنشورة في الحساب الجزائري الشهير لأنه يعرف أنه عديم المصادقية فيلجأ للعبة يقع ضحيتها
ينشر في الصفحة 51 من الكتاب رأيا لجان مارك مناش الصحافي الخبير في قضايا الأنترنيت والذي ذهب للبحث عن أصلية الحساب المسمى chris-coleman24 ي
والذي انتهى إلى الخلاصات التالية: الحساب تم إنشاؤه باسم مستعار أصلي هو بغاي المدينة الجزائرية، وأغلبية مانشر فيه تم تصويره ما ينفي عنه أي أصلية ومايجعل مسألة التأكد من صدقيته غير ممكن نهائيا، بل إن وثائق لسنوات 2008 حتى 2012 تم تصويرها في أكتوبر 2014 مايعني أنه قد تم التلاعب بها قبل أن ينهي مناش تحقيقه بالقول « لكن المرجح أنها وثائق أصلية » بالنظر إلى عددها وإلى الأسماء الواردة فيها. وكلمة مرجح هنا تنفي أي جدية عن التحقيق وعن صاحبه وعن الكاتب الذي لجأ إليه لكي يفتح هذا الفصل من جديد دونما سبب وجيه اللهم الإساءة من جديد لمن تم التهجم عليهم في الحساب المزعوم بسبب اشتغالهم لصالح بلدهم المغرب، كما أن الاستناد إلى عدد الوثائق وإلى الأسماء المعروفة التي تم إقحامها فيها للوصول إلى أنها أصلية وحقيقية يعد نكتة بالفعل لا تضحك أحدا ولا تقنع أول طفل عابر، فأحراك أن تقنع قارئا لديه عقل سليم
مرة أخرى السؤال مطروح: من الجهة المستفيدة من الجريمة؟ ومن لا يروقه أن يكون للمغرب أصدقاء في فرنسا وفي غير فرنسا؟ ومن حرك بروكسي لكي يطلق الكتاب في هاته اللحظة بالذات؟
هنا نخرج من عالم أكاذيب بروكسي وكتابه لكي ندخل عالم حقائق جمعتها الأحداث المغربية وتوصلت إليها على هامش صدور هذا المؤلف الجديد/ القديم
حقيقة الكتاب
عندما تورطت كاترين غراسيي في حكاية الابتزاز الشهيرة، وعندما حاصرتها وسائل الإعلام الفرنسية من كل جانب تسألها بعد إلقاء القبض عليها متورطة هي وإيريك لوران : هل حقا قمت أنت وزميلك بابتزاز المغرب وطلب المال بشكل رخيص وساقط لقاء عدم نشر معلومات عن المملكة في كتاب؟ » لم تجد في الوهلة الأولى أي رد سوى أنها « لحظة ضعف إنساني ».
فيما بعد وعندما استجمعت كاترين بعضا من قواها فور المرور من الصدمة الأولى للتورط شرعت في التهديد وقالت لمن يريد سماع كلامها « سأكمل هذا المشروع، سأنشر هذا الكتاب وسأشوه المغرب الذي شوه صورتي ».
طبعا كان مشهد المرأة الصحافية مشهدا مسكينا، لأن الكل في فرنسا كان ينظر إليها بشفقة وغضب. الشفقة لأنها اعتقدت أنها أصبحت غنية مثلما قالت لإيريك لوران بعد أن تسلم كل واحد منهما مبلغ الثمانين ألف أورو في الكمين الشهير عندما كانت تصيح « لقد أصبحنا أغنياء، لقد أصبحنا أغنياء ». والغضب لأن الصحافة الفرنسية كلها تلقت ضربة في مقتل فيما يخص مصداقية ماتكتبه عن المغرب لأن الجميع أصبح يطرح السؤال: هل هذا الابتزاز وقع لأول مرة؟ وألم يتورط صحافيون فرنسيون من قبل في مثل هاته النازلة؟ ومامدى استقلالية هؤلاء الذين يقدمون الدروس يوميا للمغرب وللدول التي تشبهه من قلب صالونات تحريرهم الفاخرة والذين يدعون كل مرة أن لديهم معلومات ستهز هاته الدول؟ »
بسرعة نسيت الصحافة الفرنسية كاترين غراسيي وإيريك لوران واعتبرتهما معا علامة سقوط لابد من تجاوزها، لكن كاترين لم تنس وأرادت إتمام المشروع، سوى أنها لم تجد دار نشر واحدة محترمة في فرنسا تثق بها بعد سقطتها اللاأخلاقية المدوية
هنا كان ضروريا العودة لمن قالت كاترين بلسانها إنهم مصدر معلوماتها الأساسي حين كانت تفاوض المحامي هشام الناصري : الجناح المعادي للمغرب داخل المخابرات الفرنسية، أو للتدقيق أكثر الجناح الموالي للجزائر
على امتداد مايفوق الأشهر الأربعة بحث هؤلاء لكاترين عمن ينشر لها كلامها ولم يجدوا، لذلك كان اللجوء إلى المخطط باء أي البحث عن قلم آخر يحمل « الرسالة » ويكمل المشروع..وهنا عثر آلان كريش الذي قام بتقديم الكتاب على عمر في مفكرته أو في موقعه بالأنترنيت الذي يكتب فيه بروكسي مقابل تعويض على المقال.
تتمة الحكاية يمكن تخيلها: عمر لجأ إلى ماتبقى لدى كاترين من معلومات فارغة، وطعمها ببعض مما قرأه في كتاب عمار وتيكوا، وعزز الكل بقصاصات أفب التي كان يشتغل بها حول زكريا المومني وكريس كولمان وغيرها من القضايا، وبحث عن دار نشر متواضعة هي « العالم الجديد » قبلت على نفسها أن تطبع له وأن تنشر هذا المجموع من الصفحات الذي يحمل ظلما وعدوانا إسم كتاب والذي يحمل بهتانا وصف تحقيق صحافي وهو إلى الفراغ وتصفية حساب بقي عالقا منذ الصيف الماضي أقرب.
وماذا بعد؟ لا شيء. هنا تنتهي حكاية هاته الأكذوبة الكبيرة التي أسماها عمر « جمهورية جلالته » وجمعها بين دفتي كتاب، وهنا ينتهي كل الكلام
لذلك لا مفر من ترديدها دوما كلما طرح سائل السؤال بعد محاولة من هذا النوع: وماذا بعد؟ لا شيء. لا شيء فعلا وعلى الإطلاق ...إلى الأكذوبة المقبلة أيها السادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.