أمس ومرة أخرى، حملت الصحافة الوطنية خبر وفاة مقدم شرطة يعمل بالمنطقة الأمنية مولاي رشيد بالبيضاء يوم الثلاثاء الأخير، بعد أن باغتته سكتة قلبية مباشرة بعد انتهاء فترة عمله ، وقبل هذا الراحل كان هناك العديد من رجال الأمن ودعناهم ومن بينهم من له ولد رضيع ، أو طفل يحبو أو زوجة سوف تصبح في سرعة البرق ثكلى ، غادروننا إما بالسكتة القلبية أو في ساحة الشرف يدافعون عن أمن واستقرار البلد وسلامة وطمأنينة المواطنين.
هؤلاء مع الأسف ، أصبحوا في المدة الأخيرة عرضة لبعض الأصوات الناشزة وكاميراتهم في الوقت الذي أصبح فيه – والحمد لله – المغاربة كلهم صحفيون... واختيارهم أصبح منصبا على رجل الأمن، على الدركي ، وعلى لمخازني وليس على كبار الفاسدين المتلاعبين بالمال العام عن طريق الصفقات التي تحمل مبالغ تقدر بمآت الملايين وفي بعض الأحيان بالملايير من السنتيمات .
دائما أبدا ، الضحايا هم بسطاء الشعب والطيبين والسذج والفقراء والمحتاجين والأغبياء...وذنبهم فقط أنهم لا يدركون قواعد اللعبة.
ورغم المجهودات الجبارة التي ما فتئت المديرية العامة للأمن الوطني ببلادنا تقوم بها لتحسين وضعية رجال الأمن على سبيل المثال، فإن ضغط العمل وتجاوز ساعات العمل الخ...هي إكراهات لازال هؤلاء الرجال يعانون منها ، فهل من الأخلاق ومن الوطنية أن يوجه من لا يفرق ويميز بين الفاكهة الناضجة والفاكهة الملوثة في العالم الافتراضي المعتل ،أسلحته تجاه هذه الشريحة من مجتمعنا والتي تحظى بعطف مولوي كبير من لدن القائد العام رئيس الأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، وباحترام كبير أيضا من طرف الشعب المغربي؟
وشكرا "لأصحاب الكاميرات "الملوثة على إتاحتهم لنا هذه الفرصة لنذكر بتضحيات رجال الأمن، الدرك ،والقوات المساعدة (المستهدفة في المدة الأخيرة ) والاعتزاز بعطاءاتهم وتقديرنا لدورهم الوطني في مواجهة الجريمة والإرهاب . من منا ينكر الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية وقد عبرت غير ما مرة عن نجاحها وتفوقها بشهادة العالم ، في كشف وإجهاض العديد من المخططات الآثمة التي كانت تستهدف بلادنا ؟ وما قامت به من أعمال لتصفية البؤر الإجرامية ...من ينكر حجم الجهود والتضحيات التي يبذلها رجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية من أجل حماية أمن الوطن واستقراره ؟ ألا نعيش حياتنا الطبيعية ،لأن هناك تضحيات هؤلاء الرجال؟
قلت ، بأن هذه الهجمة الغير البريئة على رجال الأمن فرصة مهمة لنذكر تضحياتهم بأرواحهم وبأمنهم من أجل السهر على أمن الوطن والمواطنين طوال أيام السنة ، واستذكارا لتاريخ أسرة الأمن الوطني في الحفاظ على المكاسب الوطنية وصون الأرواح والممتلكات.
فبدل من استفزازهم ب "الكاميرات الملوثة "علينا أن نتقدم لؤلاء الرجال بالشكر والتقدير لما يقومون به من أدوار جليلة في تحقيق الأمن واللأمان والاستقرار للوطن وللمواطنين والمقيمين ، ولحماية الأرواح والممتلكات والحفاظ على النظام العام ، فقد بذل رجال الأمن النفس والنفيس ، وقدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن فهم العين الساهرة في سبيل الله عز وجل ، والتي قال عنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف "عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ".
وتكريم هؤلاء لا يجب أن يكون من المديرية العامة للأمن الوطني فقط،بل من جميع أفراد المجتمع ، لما يقومون به من أدوار،وبدل من استفزازهم ب "الكاميرات الملوثة "، علينا أن نيسر لهم سبل أداء مهامهم ، ونوفر لهم الحياة الكريمة التي تجعلهم مطمئنين على عائلاتهم ، في ظل ما يواجهونه يوميا من مخاطر أثناء أداء مهامهم .
ويجب علينا جميعا إدراك دورهم الكبير والتعاون مع رجال الأمن، إدراكا منّا بأن الأمن هو الركيزة الأساسية لاستقرار جميع الدول اجتماعيا واقتصاديا وفي كل نواحي الحياة اليومية، وهذا الإيمان والإدارك منا هو السبيل لتعزيز الشراكة المجتمعية مع رجال الأمن. فهؤلاء البواسل هم الحافظون لمقدرات الوطن وخيراته من العبث وإشاعة الفوضى في وطننا الآمنالمستقر دوما إن شاء الله.
أنا لست ضد كل نقد يسعى إلى الإصلاح وليس للاستهزاء والتشفي والهجوم على رجل أمن أو دركي أو من القوات المساعدة ، لأن هؤلاء هم مواطنون قبل أن يكونوا رجال أمن أو درك ، ومثل هذه الاستفزازات المقصودة التي تستهدفهم تترك في نفوسهم شروخا نفسانية .
أخيرا تبقى جهود رجال الأمن ملموسة في كل مكان وعلى مدار العام ، أرفع تحية إجلال وتقدير إلى هؤلاء على ما يبذلونه من أجل أن نعيش نحن المواطنين في أمن وأمان، وهذا شيء يشعر به أيضا المقيمون على أرض مملكتنا السعيدة، وهذا الشعور لا يمكن أن يتحقق إلا بالجهد والعرق والتضحيات المتواصلة لرجال الأمن، وهي تضحيات كلفت بعضهم حياته أو سلامته الشخصية. الكل يعمل ساعات محدودة ثم يخلد إلى الراحة، لكن رجال الامن وحدهم الذين يعملون على مدار 24 ساعة يوميا، وهذا شيء نلمسه إذا تحركنا على الأرض في الليل أو النهار، ونلمسه في كل المناسبات والأعياد.
إن الشرطة تبذل جهدا يشعر به كل من يعيش على أرض هذا الوطن، فتحية محبة وإجلال على ما يقومون به وعلى تضحياتهم بالعرق وبالدماء.