تعتبر المدرسة العمومية صورة مصغرة وطبق الأصل للحياة الإجتماعية المعيشة داخل كل مجتمع، حيت تمارس داخل فضائها أنشطة تفاعلية متنوعة، تعد حجر الزاوية لتحقيق تربية قوامها، تعدد الأساليب، والتشجيع على الحوار والمشاركة، والإجتهاد. وحيث أن المدرسة ذات وظيفة تروم أساسا إنتاج العلم والمعرفة والقيم الوطنية والإنسانية، نظرا لما تقوم به من تزويد النشئ والأطفال والطلاب بأساسيات ومبادئ التربية والتعليم والتحصيل، وجب إقحام المجتمع في قلب المدرسة، من أجل الحصول على مدرسة عصرية جديدة، لها القدرة على تحقيق المبتغى منها والتي ينشدها الجميع، في إطار رؤية شمولية وتوافقية بين جميع المساهمين والمتدخلين، وهذا لن يتأتى إلا حين الإرتكاز على نهج تربوي نشيط يتجاوز التلقي السلبي، وإعتماد بدل ذلك سياسة التعلم الذاتي والإجتهاد الجماعي، كآلية منهجية لتجمع الجهوذ والأفكار، لإعداد مخطط قابل للتطبيق تماشيا مع مستجد الحكامة في تدبير المدرسة. نعم ، فبغية الحصول على مدرسة عمومية عصرية وتجاوز التراجع الملموس في الآونة الأخيرة لمردودية التعليم ، وجب وجوب الإلزام الإرتكاز على مؤشرات ومكونات تتجلى في التخطيط، والتنظيم، والإنجاز ثم التوجيه، والتحفيز، والتتبع، والمراقبة والتقويم فالتشارك، والإنصاف، والشفافية، والمساءلة، علاوة على توزيع المهام والمسؤوليات، وتضافر الخبرات والتواصل، لإعادة الثقة وإزالة تلك الصورة السيئة عند بعض الناس على المدرسة العمومية. فكما يلاحظ المهتم بالشأن التعليمي المغربي أنه مع بداية سنة 2001/2000 بدأنا نلمس تعليما رديئا،والعلة في ذلك ظهور عدة ظواهر مثل الإكتظاظ، وتعدد المستويات فيما يخص العالم القروي،الأمر الذي جعل العديد من الأسر المغربية حتى تلك التي لا تملك القدرة المالية الكافية، تفضل اللجوء إلى التعليم الخصوصي على العمومي، لتجد نفسها مضطرة لذلك إذا ما أرادت أن تمنح أبناءها تعليما ترافقه مراقبة حقيقية، توجه مسارهم التعليمي لسيما خلال مشوارهم الأولي الذي يعد اللبنة الأولى لرسم معالم مستقبل الثلميذ. ويعزى هذا الإختيار إلى الإصلاحات الهيكلية التي أملتها المؤسسات التمويلية الدولية، كما لا ننسى أن غياب فرص الشغل ساهم في تكوين وتكون فكرة سيئة في المخيال الجماعي لدى شريحة من عامة الناس عن التعليمي العمومي، مفادها وجود هوة بين مخرجات التعليم وسوق الشغل، حيث أدى في العديد من الحالات إلى وقف وتوقيف أبناء قبل وصولهم لمستويات متقدمة من التحصيل بحجة غياب فرص الشغل، كما لانسثتني حدوث تحولات في صفوف أسرة التعليم من نهاية أجيال المدرسين الملتحقين بقطاع التعليم، مع بداية الإستقلال والذين كانوا يؤمنون بأنهم يؤدون رسالة إجتماعية، وبداية ولوج جيل جديد من الأساتذة الذين يعتبرون أنفسهم مجرد موظفين، فهذه الأزمة التي تتخبط فيها المدرسة العمومية والمعيقات السياسية والإجتماعية والطبيعية التي تحول دون الوصول إلى مدرسة حديثة يرجعها السيد عبد القادر أزريع الفاعل الجمعوي والتربوي ، إلى أنها في الأصل هي أزمة مجتمع أو أزمة إقتصاد مما ساهم في تعثر إنتقالها من مدرسة كلاسيكية إلى مدرسة عصرية ، ويضيف قائلا أن المدرسة العمومية هي قاطرة التنمية شريطة أن تكون بعيدة عن النمودج الكلاسيكي وأن تنفتح على نمادج مدارس أخرى عالمية غير النمودج الفرنكفوني .
وختاما ، يجب الإعتراف بالخلل في المنظومة التعليمية ، ثم ضرورة إصلاح قطاع التعليم لما له من تقدم وتطور الشعوب، ثم صياغة المبادئ والمحاور الكبرى لإصلاح المنظومة التعليمية، وبعدها الحث على الإصلاح بتظافر جهود المتدخلين في القطاع ، للحصول على مدرسة عمومية مفعمة بالحياة ، منفتحة على محيطها البيئي والمجتمعي والثقافي والإقتصادي