في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية ، وولوج الآلة الإنتاجية إلى الروبوتيك ، وما نجم عنه من تقليص حاد في المواد البشرية ؛ كان لا بد للمغرب أن يمسه هذا التحول ، ويخضع ؛ في أرقام معاملاته ؛ إلى أسعار البترول وصرف العملة ، دون أن نغفل المناخ الدولي العام ، وما رشح عنه ؛ في الآونة الأخيرة ؛ من ركود في الاستثمارات الخارجية ، وهجرة الأموال إلى مصارف دول أجنبية بمنأى عن شرور الإرهاب حينا ، وضعف الثقة في الوضعية السياسة العامة حينا آخر ؛ بالنظر إلى تصاعد وتيرة الاحتقان الاجتماعي ؛ والذي يمكن فيما يلي التأشير على بعض مظاهره : * تزايد أرقام البطالة ، سيما في صفوف حاملي الشواهد ؛ * تركيز الإنفاق الحكومي على قطاعات معينة دون سواها كالأمن وأطر وزارة الداخلية ، وهيكلة نظام الجهات ؛ * ارتفاع مهول في أسعار المعيشة ، شملت كل المواد الاستهلاكية والوظيفية والخدماتية ؛ * عجز الحكومة عن فرض رقابة صارمة ودائمة على القطاعات الجبائية كالصيد البحري ومقالع الرمال ، وبعض السلع المستوردة ؛ وكذا قطاع التحصيل الضريبي ؛ * هناك هوة سحيقة بين تردي الوضعية الاجتماعية وبين الخطاب الرسمي الحكومي ؛
ظواهر اجتماعية لها دلالتها
كان لا بد لهذا الاحتقان ؛ ولو أشرنا فقط على أبرز خطوطه ؛ أن ينفجر في شكل ظواهر لامدنية ولااجتماعية ، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطن ، والتي تحمل في طياتها بذورا للانفجار في كل لحظة : + ظاهرة الباعة المتجولين أو الفراشا ... التي شكلت أسواقا عشوائية داخل المدن ؛ يروجون لمواد وسلع بعيدة عن أعين الرقابة الصحية ؛ + احتلال فضاءات من قبل أشخاص يبتزون أصحاب السيارات خلال ركنها ؛ + الاتجار في الممنوعات والمخدرات خاصة ؛ + تحول السجون المغربية إلى فضاءات للتعاطي مع الجريمة ، وليس لإعادة تأهيل السجين وإدماجه في الحياة الاجتماعية ؛ + تصاعد وتيرة الجرائم المالية واستغلال النفوذ في العديد من القطاعات الحكومية ؛ + بروز ظاهرة انتشار الدعارة بشكل لافت ، حتى غدت ؛ في رأي الكثيرين ؛ قطاعا حيويا يمكن الاستثمار فيه ! + دخول المغرب عهدا ؛ يمكن توصيفه بالتفكك العائلي الذي اغتال التربية الأسرية ، وحول حياة أبنائها إلى معاناة ومكابدة ؛ + هيمنة ثقافة النصب والاحتيال على كل المرافق الاجتماعية ؛ + ظهور موجات جديدة من الأفارقة المهاجرين ، واحتلالها لمداخل المدن ، ونقط الإشارات الضوئية ؛ هذا فضلا عن الظاهرة المناخية التي عملت على جفاف كثير من الآبار والموارد المائية .. والتي سرّعت من أرقام الهجرة القروية إلى المدن ؛ حيث أصبحت أحياء بعض الحواضر الكبرى كفاس والبيضاء والرباط ... عبارة عن مداشر وكانتونات صغيرة عملت ؛ في الآونة الأخيرة ؛ على اختناق هذه المدن وإثقالها بالعصابات الإجرامية ، وتحويل العيش بها والسير في شوارعها إلى جحيم لا يطاق .
إجراء احترازي قبل وقوع الكارثة
أصبح من الضروري والحيوي ؛ وحالة المؤشرات الحمراء هذه في تفاقم ؛ على الحكومة الإقدام على خطوة احترازية مستعجلة للتخفيف من الآثار المرتقبة لهذا الاحتقان ، قبل وقوع الكارثة ؛ ويمكن التنصيص عليها فيما يلي : * إقامة مرافق اقتصادية في أحزمة المدن .. لتنظيم الاقتصاد العشوائي وللقطع مع ظاهرة الفراشا ؛ * منح الأسبقية للقطاع الاجتماعي في البرنامج الحكومي المرتقب لامتصاص أكبر قدر ممكن من أرقام البطالة ، وذلك بفتح أوراش * التعاقد المسبق بين الجامعات وأسواق الشغل ، وفق معايير سلسة وشفافة ؛ داخل كل القطاعات المنتجة ؛ * إعادة تأهيل السجون المغربية في اتجاه جعلها مؤسسات لإعادة تربية الجناة وإدماجهم في النسيج الاجتماعي ؛ * تطهير الجهاز الأمني من بعض الأطراف العاملة على تقويض جاهزيته وإغرائه ؛ * إعادة تأهيل النوادي والجمعيات والوداديات النسوية حتى تصبح فضاء منتجا ، وعاملا على استقطاب الفتيات بدلا من تركهن في مواجهة المجهول أو عرضة للسقوط في آفة الانحراف والدعارة .