''سيام 2024'': توزيع الجوائز على المربين للي ربحو في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    ميسي كيحطم الرقم القياسي ديال الدوري الأميركي بعد سحق نيو إنغلاند برباعية    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    الملياردير ماسك يبدأ زيارة مفاجئة إلى بكين    بركة يدعو الاستقلاليين للابتعاد عن الحسابات الضيقة والعمل على نيل المراتب الأولى    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    ليفار: قرارات الرداد أثرت فخسارتنا لماتش الحسنية وغانشكيو به للجنة التحكيم باش ياخد الجزاء ديالو    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: نتنياهو "متوتر جدا" من مذكرة اعتقال دولية محتملة ضده على خلفية ارتكابه "جرائم حرب"    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان "مالمو"    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطباعات عن الشعر المهجري

إنَّ قراءة سريعة لنماذج سريعة من الشعر المهجري الذي بسط جناحه و حلَّق في القارتين الأمريكيتين ، فعلا شأنه في المنتديات الأدبية و كان سفيرَ الحرف العربي الذي كرَّمه الله بأبلغ بيان ألا و هو القرآن الكريم . هذا الحرف الذي يحمل الكثير من الآلام و الآمال لتعطينا صورة جليَّة عن طبيعته و خصائصه . فالقصيدة المهجرية خيرُ من يرسم و يصف معاناة المغترب العربي بصدق و أمانة . فالشعر المهجري شريط طويل يسردُ لنا قصة الألم و الحزن و اليأس و الصراع . شريط ينقل لنا الصورة الحقيقية للشاعر المهجري الذي واجهته الكثير من المصاعب بعد انتقاله من مجتمع روحانيّ شفاف تفوحُ منه رائحة الرسالات السماوية بعطرها و صفائها إلى مجتمع استعبدته المادة أو هدَّت من كيانه الآلة ، فأصبح الإنسان فيها مجرَّدَ رقم من الأرقام المجردة .
تكمن السمة الأساسية في الشعر المهجري في كونه وليد معاناة و حصيلة رحلة شاقة تحكي حكاية المغترب العربي مع لقمة العيش . و لذلك امتازت قصائده برقة العاطفة و صدقِ الأحاسيس التي تحمل في طياتها روحاً سمحاء و قلباً كبيراً. فكانت القصيدة المهجرية تجسِّدُ صاحبها بصدق تعبيرها و شفافية ألفاظها و واقعية طرحها فالأدب المهجري واقعيٌّ بوصفه للحياة الجديدة المليئة بالغريب و الجديد. فهو تأمَّلَ ما حوله محاولاً تفسير مشاهداته فرؤية الثلج المتساقط تحرّك في أعماقه مشاعر الحزن والأسى والشوق والحنين فإذا به يعزف على أوتار الذكريات كما عزف رشيد أيوب بآهات حارة :
يا ثلجُ قد هيَّجْت أشجاني
يا ثلجُ قد ذكَّرتني أمي
ذكَّرتني أهلي وأوطاني
أيام تقضي الليل في همِّي
فصورة الأم هي صورة الوطنِ . وصورة الحبيبة هي صورة الوطن . فالشاعر المهجري ملتحمٌٌ بالوطن وما في ربوعه من ذكريات . فالغربة كانتْ تمدُّهم بأرق المشاعر التي جعلت أرواحهم ترفرف فوق سماء الأوطان رغم بعد المسافة . فالشاعر القروي يرفض نداء القلب ويأبى الاستسلام لأهوائه وفي وطنه دعوةٌ لحبٍّ أكبر وأسمى :
فإني حرامٌ عليَّ هواكِ
وفي وطني صيحةٌ للجهادِ
إنه الحب الصوفي للوطن الذي غاب عنه الشاعر بجسده وبقيت روحه ترشف من أريج الوطن وعيناه تستمدان منه النور والأمل .
إنَّ الشاعر المهجري نظر إلى الإنسان بمقياس الأخوة والمحبة دون أيَّة نظرة أخرى . ومصافحاً كل إنسان بقلبٍ يتدفَّقُ حباً وطمأنينة فيطربنا نسيب عريضة:
أُدنُ مني مسلِّماً نتعارفْ
وَلْنسِرْ صاحبينِ في مهمة العي
قبلَ أن يعلنَ العيانُ زواله
شِ فنطوي وهادَهُ وتلاله
رغم معاناة الشاعر المهجري وقسوة الحياة نرى الشاعر المهجري متسلحاً بالأمل ومتفائلاً بالحياة وهذه سمة مضيئة .وهذا عائد للصراع الذي يعاني منه . فهو ضائع بين القيم الروحية التي غُرِسَتْ في أعماقه ورضعها من مهدها وبين حياة الغرب التي فوجئ على غير توقع منه أنها حضارة زائفة ، تعتمد على استغلال الإنسان ومحاربة إنسانيته بانحلال القيم والأخلاق وتزييف الحقائق .وهل أصدق مما قاله شاعر المهجر إيليا أبو ماضي :
إنّني أشهدُ في نفسي صراعاً وعراكاً
وأرى ذاتيَ شيطاناً وأحياناً ملاكاً
هل أنا شخصان يأبى ذلك مع هذا اشتراكا
أم تراني واهماً في ما أراه؟ لست أدري
إنها صورة عن ضياعٍ المهجري ، واستفسار صادق كان يلحُّ على المغترب الذي تاه في ضجيج المدن الكبرى ودوي محركاتها التي لا تتوقف . هذا حال الشعر المهجري الذي غُرِسَ في أقاصي المعمورة وأعطى أشهى الثمار .وكان وراءه أشخاص ملكوا قلوباً وزَّعوها على العالم من خلال أشعارهم الرقيقة التي تكشف حقيقة معاناتهم فالشاعر إلياس فرحات يرسم لوحة الشقاء الخالدة مستخدماً فيها شتى أساليب التعبير من لون وحركة وأحاسيس وهو يصف مركبته مُتَنَقّلاً من قرية إلى قرية :
ومركبة للنقل راحتْ يجرُّها
جلسْتُ إلى حوذيِّها وراءنا
حوتْ سلعاً من كلِّ نوعٍ ، يبيعها
حصانان محمرٌّ هزيلٌ وأشْهَبُ
صناديقُ فيها ما يسِرُّ ويعجبُ
فتى ما استحلَّ البيعَ لولا التغرُّبُ
أيوجد أبدع من هذا الوصف الرقيق وفي القصيدة يصف مساره وأكله ونومه وشقاءَه:
نبيتُ بأكواخٍ خلتْ من أناسها
ونشربُ ممَّا تشربُ الخيلُ تارةً
وقام عليها البوم يبكي وينعبُ
وطوراً تعاف الخيلُ ما نحنُ نشربُ
هؤلاء الشعراء ارتبطوا بأوطانهم وتغنّوا بأمجادِ العروبةَِ التي طالما دعتهم إليها فالقروي يعتزُّ بعروبته ويزهو بأمجادها:
نحن قومٌ فتنتنْا مُثلٌ
أنجبتْنا أمَّة ما برحتْ
زرعوا الأرضَ سيوفاً وقنا
رفلَتْ منها البوادي في برودِ
تنجب الأبطال من عهد ثمودِ
ثمَّ روَّوْها بإحسانٍ وجودِ
والشاعر المهجري رائع بنزعته الإنسانية التي تقرِّبه وتجعل الناس سواسية فهو ينطق بروح الإسلام والديانات السماوية الحقَّة فميخائيل نعيمة يقول : يا أيها الإنسان أنتَ الإنسانية بكاملها . أنت ألفها وياؤها ، منك تنفجر ينابيعها ، وإليك تجري ،وفيك تصبُّ ... أنتَ كل أب وأم ، وأبو كل أخ وأخت .... إنها نفحات سامية تجلو نفوسنا من صدأ الحياة وقسوتها . هذه الشجرة العربية التي غرست في المهجر وأعطَتْ رطبها ليعمَّ كلَّ الأرجاء علينا أن نحسن استخلاص أريجها ونرعاها قبل أن تتساقط آخر وريقاتها . فعلينا أن نمدَّ الحرف العربي ونرويه بالروح العربية قبل أن ينضب العطاء وتجف الأقلام والقرائح فعندها يغيب صوت العرب كما غاب ملكنا في الأندلس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.