لم تخل الوضعية الاقتصادية الصعبة جدا التي يعيشها المغرب من إقبال فئة من المستثمرين الأجانب والإسراع بالإستقرار في بلد يواجه صعوبات اقتصادية، لكن هذا استقراره السياسي يشفع له مقابل ذلك، لأن الإستقرار يمثل برأي الخبراء التربة المناسبة للاستثمارات الباحثة عن الضمانات الحقيقية وعن الظروف المناسبة للإنتاج، وهذا ما يجعل بلداً في حجم المغرب محط اهتمام من رؤوس أموال في منطقة عصفت بها التحولات السياسية نحو أوضاع لا أحد يملك مشروع جواب هما تتجه إليه الأوضاع فيها. معطيات مؤكدة تداولتها وسائل إعلام كثيرة تؤكد أن 1200 من رجال الأعمال التونسيين نقلوا استثماراتهم إلى المغرب أو هم بصدد نقلها كما أكدت ذلك (Maghreb intellgent) استنادا إلى مصدر موثوق من البنك المركزي التونسي. وأضافت في هذا الصدد ان عشرات المستثمرين التونسيين في قطاع الصناعة دخلوا في اتصالات وصفت بالمتقدمة مع نظرائهم في كل من الدارالبيضاء وطنجة. وأن كثيرا منهم حصلوا على العقارات المناسبة وتقدموا بطلبات الترخيص في هذا الصدد إلى السلطات المغربية المختصة. ويوضح المراقبون أن المستثمرين التونسيين شعروا بالمخاطر المحدقة بهم بعدما روجت أوساط سياسية تونسية اتهامات باستفادتهم من الفساد في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، بل إن بعضاً من هؤلاء صدرت في حقهم قرارات بالمنع من السفر إلى الخارج، مما تسبب في سيادة أجواء قلق وخوف في أوساط المستثمرين التونسيين وحتى الأجانب منهم. وتضيف المصادر التي تحدثت في هذا الموضوع أن 1200 من المستثمرين التونسيين الذين قرروا الرحيل نحو المغرب، سبقتهم أعداد أخرى بعد هروب بن علي، وقدرت الصحف التونسية أعدادهم خلال شهر نوفمبر من السنة الفارطة ب 2600 مستثمر، وقالت إن الغلاف المالي من العملة الصعبة الذي نقله المستثمرون التونسيين نحو المغرب إلى حدود ذلك التاريخ لم يقل عن 500 مليون أورو. والمستثمرون التونسيون ليسوا الوحيدين المقبلين على المغرب، بل هناك نظراؤهم الليبيين الذين تجهل الإحصائيات المتعلقة بهم، ولكنهم يبادرون بدورهم بترحيل استثماراتهم نحو المغرب هروبا من أوضاع جد مشتعلة، كما يجري الحديث عن قدوم مستثمرين عراقبين. وتحدثت المصادر في هذا الصدد عن زيارة هامة قام بها وفد من رجال الأعمال العراقيين للمغرب بحث خلالها أعضاء الوفد مع المسؤولين المغاربة تسهيل إجراءات الإستثمار وطرحوا في هذا الشأن بالخصوص إشكالية التأشيرة. من جهتهم، أولى المستثمرون الفرنسيون خلال الفترة الوجيزة الماضية اهتماما خاصا بالإستثمار في المشاريع الطاقية بالمغرب، وفي مجال التعليم العالي حيث تخطط بعض الأوساط المستثمرة في هذا القطاع أن يمثل المغرب جسرا نحو إفريقيا. أما الجارة اسبانيا فإن مسؤوليها يعاينون هجرة جماعية لاستثمارات إسبانية نحو المغرب خصوصا في قطاع البناء والعقار، فاستفحال الأزمة الاقتصادية الخانقة في هذا القطر الإيبيري دفعت مآت المستثمرين الإسبان إلى الهروب نحو أقرب ملاذ لهم، ولم يكن هذا الملاذ غير المغرب الذي لايبعد عنهم إلا ب 14 كلم، وتتحدث مصادر في هذا الصدد عن وجود أكثر من 400 مقاولة اسبانية في جهة شمال المغرب فقط. ويثير الانتباه المختصون إلى ذكاء المسؤولين المغاربة بقيادة جلالة الملك والذي قادهم إلى فتح جبهة جنوبية عريضة جدا، فأمام انسداد آفاق التحسن الاقتصادي في شمال البحر الأبيض المتوسط تفطن المسؤولون المغاربة إلى أهمية فتح آفاق جديدة في القارة الإفريقية، ويستدلون في هذا الصدد بالجولة الأخيرة التي قام بها العاهل المغربي والتي قادته إلى العديد من الأقطار الافريقية، وهذا التوجه يمكن من ضمان شروط تحسين التعاون الاقتصادي المغربي مع الأقطار الإفريقية، كما أنه يجعل من المغرب وسيطا رئيسيا وضروريا بين المستثمرين الأوربيين والدول الافريقية.