أمطار متفرقة في توقعات طقس السبت    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    مصادقة المؤتمر بالإجماع على مشاريع تقارير اللجان    زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية            لجنة ثلاثية لرئاسة المؤتمر 18 لحزب الاستقلال    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    حريق كبير قرب مستودع لقارورات غاز البوتان يستنفر سلطات طنجة    احتجاج تيار ولد الرشيد يربك مؤتمر الاستقلال    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    حكيم زياش يتألق في مباريات غلطة سراي    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    بوزنيقة : انطلاق المؤتمر 18 لحزب الاستقلال بحضور 3600 مؤتمر(فيديو)    حالة "البلوكاج" مستمرة في أشغال مؤتمر حزب الاستقلال والمؤتمرون يرفضون مناقشة التقريرين الأدبي والمالي    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    طقس السبت: أمطار وطقس بارد بهذه المناطق!    رئيس بركان يشيد بسلوك الجمهور المغربي    بركة يتهم النظام الجزائري بافتعال المؤامرات وخيانة تطلعات الشعوب المغاربية    فضّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية: ماذا تقول قوانين البلاد؟    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    شبكة جديدة طاحت فالشمال كتبيراطي شبكات الاتصالات الوطنية وها المحجوزات    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أقترب الحسم في معركة أرض الشام ؟
موسكو تعيد أجواء الحرب الباردة إلى المنطقة العربية
نشر في العلم يوم 17 - 12 - 2013

يوم الخميس 12 ديسمبر 2013 وفي كلمة أمام المؤتمر السنوي السابع حول الإرهاب الذي نظمه «معهد جيمس تاون» في العاصمة الأمريكية واشنطن، اعتبر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» مايكل هايدن أن انتصار الرئيس بشار الأسد في سوريا قد يكون «الأفضل بين ثلاث سيناريوهات مرعبة جدا جدا» لا يتضمن أي منها انتصار المعارضة. وأشار هايدن الذي كان مديراً ل»سي آي ايه» بين 2006 و2009 ومديرا للوكالة الوطنية للاستخبارات بين 1999 و2005، إلى ما يعتبره السيناريوهات الثلاثة الممكنة لتطور الوضع في سوريا، موضحاً أنها كلها «مخيفة بشكل رهيب».
وقال أن احد الاحتمالات هو أن «ينتصر الأسد». وأضاف: «يجب أن أقول لكم انه في حال تحقق هذا الأمر، وهو أمر مخيف أكثر مما يظهر، أميل إلى الاعتقاد بأن هذا الخيار سيكون الأفضل بين هذه السيناريوهات المرعبة جدا جدا لنهاية الصراع. الوضع يتحول كل دقيقة إلى أكثر فظاعة».
واعتبر أن المخرج الأكثر احتمالاً حالياً هو أن أننا ذاهبون إلى تفتت البلاد بين فصائل متخاصمة. وذكر: «هذا يعني أيضاً نهاية «سايكس-بيكو» (الحدود التي رسمت في العام 1916 خلال الاتفاقات الفرنسية البريطانية). وهذا يؤدي إلى تفتت دول وجدت في شكل اصطناعي في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى».
واضاف: «أخشى بقوة تفتت الدولة السورية. هذا الأمر سيؤدي إلى ولادة منطقة جديدة من دون تحكم على تقاطع الحضارات». وأشار إلى ان كل دول المنطقة، وخصوصاً لبنان والأردن والعراق ستتأثر بهذا الوضع. وأوضح أن «القصة هي أن ما يحصل في هذا الوقت في سوريا هو سيطرة المتطرفين على قسم كبير من جغرافيا الشرق الأوسط»، مضيفا: «هذا يعني انفجار الدولة السورية والشرق كما نحن نعرفه».
وأشار أيضا إلى سيناريو آخر محتمل، وهو استمرار المعارك إلى ما لا نهاية «مع متطرفين يحاربون متعصبين، والعكس صحيح. إن الكلفة الأخلاقية والإنسانية لهذه الفرضية ستكون باهظة جدا».
وختم مايكل هايدن بالقول: «لا أستطيع أن أتخيل سيناريو أكثر رعبا من الذي يحصل حاليا في سوريا».
يذكر أن هايدن كان من الصقور التي ضغطت على إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتقديم مزيد من الدعم العسكري المباشر للمتمردين السوريين المسلحين والمتطوعين القادمين من بلاد أخرى، كما شجع الرئيس أوباما على اتخاذ قرار بقصف سوريا، حال بين وقوعه التدخل الروسي.
وكان مقاتلو المعارضة يراهنون على ضربة أمريكية لدمشق بعد اتهام الأخيرة باستخدام السلاح الكيميائي في 21 أغسطس 2013 في غوطة دمشق. ضربة رجحوا أن تضعف النظام عسكريا، ما يتيح لهم تحقيق مكاسب حاسمة تقودهم إلى دمشق. ومنذ ذلك الحين، تواجه المعارضة المدعومة من الغرب التراجع مع استعادة الجيش السوري معاقل بقيت تحت سيطرتهم أشهرا طويلة.
مايكل أوهانلون، الخبير العسكري الأول في معهد «بروكينغز» يعتقد أن السيناريو الأكثر احتمالا هو «استمرار المعارك إلى ما لا نهاية، وهكذا دواليك، خاصة أنه لا يبدو هناك نهاية في حصول هذه القوى على الدعم المالي والسلاح الذي يحتاجونه للاستمرار في القتال إلى سنوات طويلة».
لا أحد يريد التورط
بعده بحوالي 72 ساعة صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن لا أحد يريد التورط في الحرب السورية مشيرا إلى أن المعارضة تواجه صعوبات كثيرة، وأعلن أن المساعدة الأمريكية «للجيش الحر» في شمال سوريا، والتي علقت قبل أيام بعد سيطرة «الجبهة الإسلامية» على مخازن سلاح «الحر»، قد تستأنف «سريعا جدا». وفي مقابلة مع شبكة «اي بي سي» الأمريكية، أضاف كيري: «لكنني أعتقد أن من المطلوب توخي الحذر وضمان القيام بهذا العمل في شكل متأن. لا أحد يريد أن يكتفي بإعادة ملء مخزن قد يفرغ مرة أخرى».
وأكد الوزير الأمريكي أن إدارة بلاده تعتمد على الدبلوماسية لحل النزاع في سوريا، مشيرا إلى أنه «لا أحد يريد التورط في الحرب السورية، لأن هذا البلد كما تعلمون غارق في خليط من المواجهات الدينية مع كل أنواع التدخلات». وأعلن أن المعارك بين أطراف المعارضة السورية أتاحت تنامي دور المجموعات المتطرفة، وأن بعض المناطق «باتت تقع بشكل كامل تحت سيطرة القاعدة».
يسجل أن تقريرا صدر في واشنطن أفاد أن تنظيم القاعدة أنشأ في سوريا تحالفا يضم 45 ألف مقاتل على الأقل غالبيتهم من غير السوريين، في حين أن تقارير أوروبية ذكرت أن محاولة تقديم الصراع في سوريا على أساس أنه بين السنة والشيعة ليس سوى مغالطة، فأكثر من 96 في المئة من تعداد الجيش السوري هم من السنة.
يوم الجمعة 13 ديسمبر، أقر وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاغل، بأن نكسات المعارضة في سوريا تطرح «مشكلة كبرى». وقال في مؤتمر صحافي في سنغافورة: «أعتقد أن ما حدث في الأيام الأخيرة هو انعكاس لمدى تعقد وخطورة الوضع الذي لا يمكن التنبؤ به». وأضاف إن «ما حدث يطرح مشكلة كبرى وسيكون علينا معرفة كيفية معالجتها مع رئيس هيئة أركان الجيش الحر الجنرال سليم ادريس والمعارضة المعتدلة».
وأشار الوزير الأمريكي إلى أنه يجب «مواصلة العمل مع المعارضة المعتدلة والحكومات في المنطقة، وأن ذلك يشير إلى أهمية مؤتمر جنيف». وتابع: «هناك فعلاً عناصر خطيرة جدا في صفوف المعارضة، وهذا ما يعقد من دعمنا. ولذلك قررنا وقف أي مساعدة إضافية، وخصوصا الأسلحة، إلى غاية التمكن من التوصل إلى تقييم واضح بشأن ما حدث لمستودعات الأسلحة».
وزير الخارجية الفرنسي فابيوس صرح من جهته إنه «متشائم» بشأن الوضع في سوريا، ولديه شكوك قوية في نجاح مؤتمر «جنيف 2». ورأى في كلمته خلال «مؤتمر السياسة العالمي» الذي انعقد في موناكو، أن الرئيس السوري بشار الأسد يقول إنه سيرسل ممثلين إلى جنيف. وعلى الرغم من أن للأسد أخطاء كثيرة لكنه ليس أبله... فلا نستطيع أن نرى سببا يجعله يسلم كل سلطاته. وبالنسبة إلى المعارضة التي ندعمها فهي تواجه صعوبة كبيرة». ورأى أنه «بعد الوضع الكارثي الذي وصلت إليه سوريا، لا يمكن لشخص عاقل أن يتصور أن نتيجة كل ذلك إعادة الرئيس السوري بشار الأسد إلى السلطة».
رهان خاسر
مصادر رصد أوروبية ذكرت أن التصريحات الأمريكية والفرنسية تخفي في طياتها إدراكا بأن الأطراف التي راهنت على تبديل الوضع في سوريا في طريقها إلى الفشل وأن واشنطن وباريس وأنصارهما يحاولون حاليا الحفاظ على ماء الوجه والخروج من الصراع بأقل الخسائر الممكنة.
ويقول مراقبون أن كل الترتيبات التي وضعتها أجهزة البيت الأبيض بخصوص سوريا تنهار واحدة تلو الأخرى ولا أدل على ذلك من أن حلفاء واشنطن ممن يسمون المعارضة السورية يتجهون إلى التمرد والبحث عن بدائل لمساعدتهم. بداية شهر ديسمبر 2013 قال ممثل «الائتلاف» السوري المعارض في تركيا، خالد خوجا، إن الولايات المتحدة تسعى إلى قطع السلاح عن المعارضة السورية. وأوضح أن واشنطن بالأساس «لم تكن تسهم بمساعدات عسكرية للجيش الحر، بل كانت مهمتها مراقبة الأسلحة التي تصل إليه». ولفت إلى أنها «منعت من قبل دخول أسلحة نوعية، من بينها صواريخ مضادة للدبابات والطائرات».
يوم 14 ديسمبر 2013 كتب المحلل البريطاني باتريك كوكبيرن في صحيفة «إندبندنت أون صاندي»: الفشل الذريع للسياسة الأمريكية والبريطانية فيما يتعلق بسوريا حدث قبل عشرة أيام عندما قامت الجبهة الإسلامية، بالسيطرة على مقار المجلس الأعلى للثورة السورية في أطمة وباب الهوى على الجانب السوري من الحدود مع تركيا، مما أدى إلى سحب الثقة الغربية من الإئتلاف الوطني السوري والجيش الحر اللذان كانا حسبما تظاهرت الولايات المتحدة وبريطانيا وخلال السنوات الماضية في قلب المعارضة العسكرية والسياسية، وما تبقى الآن من مقاتلي الجيش الحر يتقاتلون فيما بينهم، وبعضهم غير مواقعه أو يكرسون كل ما لديهم من قوة للنجاة من الهجوم الذي تقوم به عليهم جماعات مرتبطة بالقاعدة».
ويضيف الكاتب أن اللواء سليم إدريس، رئيس هيئة أركان الجيش الحر غادر تركيا لقطر ثم عاد فيما بعد، وقامت الحكومة التركية بإغلاق الجانب التركي من معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه الجبهة الإسلامية.
ويقول الكاتب إن الجانب المعتدل من المعارضة السورية ليس له تأثير إلا القليل على الساحة السورية، و»مع ذلك لا تزال واشنطن ولندن تطالبهم بالمشاركة في مؤتمر السلام في جنيف».
ويرى كوكبيرن أن الغموض حول ما حدث في اطمة كبير لدرجة سيدفع فيها قادة الغرب الثمن السياسي الكبير ويجب أن يدفعوه بسبب الفشل في سياستهم نحو سوريا.
ويذكر الكاتب أن الجيش الحر والمجلس الوطني السوري هم نفس الأطراف الذين ذهب الغرب معهم للحرب ورأوا فيهم بديلا عن نظام بشار الأسد»، والنقاش الأخير يظهر كم كان الرأي العام محقا في معارضته التدخل العسكري الغربي في سوريا».
ويتساءل الكاتب من هم الرابحون من هذا الوضع؟. ومن بينهم الأسد لأن المعارضة التي ثارت على نظامه، أصبحت منقسمة وتسيطر عليها مظلة من الجماعات المرتبطة بالقاعدة، والدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، و»جبهة النصرة».
الإتحاد الأوروبي والخطر القادم
يوم 7 ديسمبر 2013 حذر منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دي كيريشوف من تزايد عدد المقاتلين القادمين من سوريا للعيش والإقامة في أوروبا، معتبرا أن هؤلاء المقاتلين الذين يعدون بالمئات يتعلمون القتال في سوريا ويتم تلقينهم تعاليم التشدد والتطرف، ما سيشكل خطرا حقيقيا على الداخل الأوروبي. وقال كيريشوف، حسبما نقلت وكالة «نوفوستي» الروسية، «إن عدد القادمين والخارجين من وإلى سوريا في تزايد مستمر، ما يستدعي وقفة صارمة للحد من ذلك». وحذر كيريشوف في مذكرة عرضت على اجتماع وزراء الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي من أن هؤلاء المقاتلين غالبا ما يعتبرون أبطالاً عند فئة من الشباب الأوروبي، ما يعزز فرص انتدابهم والمضي في الطريق نفسه. وتنص المذكرة على المزيد من تعزيز الرقابة في المطارات لتتبع حركات هؤلاء المقاتلين، أي متى وكيف ينتقلون إلى سوريا. وتكشف المذكرة عن أن عدد المقاتلين من 11 دولة أوروبية هم بين 1200 و1700 شخص، وكانت التوقعات قد ذكرت أنهم لا يتجاوزون ال 600 إلى 800 شخص في ربيع 2012، ما يفسر تزايدا مطرداً لأعداد هؤلاء. ونصت المذكرة أيضاً على ضرورة تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة من أجل فرض مزيد من المراقبة على الحدود التركية السورية.
في وقت متقارب جاء في تقرير بحثي نشر في عدة وسائل إعلامية: اعترت واشنطن حالة من الارتباك والتوجس البالغ في أعقاب سيطرت القوى المتطرفة من المتمردين السوريين على معظم المواقع الميدانية التي تقاتل ضد القوات النظامية السورية، والتي كان آخرها سيطرة «الجبهة الإسلامية» على منطقة «باب الهوى» الشمالية وطرد عناصر «الجيش السوري الحر» أو إجبارهم على الانضمام للجبهة الإسلامية. وقد أدى ذلك إلى المزيد من فقدان واشنطن تأثيرها على المجموعات المسلحة التي تدعمها وتمولها والتي تحاول منذ فترة طويلة تجميعها وتشكيل وفد يمثلها للمشاركة في مؤتمر «جنيف-2» المزمع عقده في 22 يناير 2014.
وقد عبرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون والأتراك عن خشيتهم من انفلات الأوضاع خارج إطار السيطرة بقرارها وقف المساعدات وإغلاق الحدود التركية السورية التي استخدمت لتسليح المتمردين السوريين بأسلحة متطورة مولت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي دون رقابة.
وقال مصدر مطلع في واشنطن: «إن الإدارة تشعر بقلق وانزعاج بالغين بعد سيطرت «الجبهة الإسلامية» على باب الهوى وطرد عناصر الجيش السوري الحر الذي عولت عليه الإدارة ليكون القوة العسكرية السورية التي تطيح بالرئيس السوري بشار الأسد، واستثمرت الكثير من التدريب والتسليح لهذه العناصر عبر فترة طويلة، وترى أن كل ذلك ذهب هباء».
ويؤكد المصدر «إن المعنيين بصناعة القرارات بخصوص مساعدة المتمردين السوريين في واشنطن يعيدون ترتيب حساباتهم وسط غموض مستقبل المعارضة وتراجع القوى المعتدلة فيها، خاصة المسلحة منها».
العديد من مسئولي ومحللي الأجهزة الأمريكية المتخصصين في الشأن السوري خسروا وظائفهم بعد انتكاس المشروع الأمريكي حول سوريا.
التمرد على التوجهات
تقلص فرص النجاح في تغيير الوضع في سوريا سمح للعديد من وسائل الإعلام الغربية بتقديم ما تعتبره سببا في سقوط المخطط الغربي.
موقع «دايلى بيست» نشر يوم 10 ديسمبر 2013 تقريرا ذكر فيه أن الجماعات الجهادية التابعة للقاعدة فى سوريا، بدأت تعمل مع جماعات الجريمة، وبلطجية الابتزاز، من أجل تنفيذ عمليات خطف، وتهريب أسلحة وعمليات نهب على نطاق واسع. وأشار إلى أن الميليشيات المعارضة للنظام فى سوريا، أصبحت متداخلة أكثر من أى وقت مضى، مع عصابات الجريمة المنظمة، ولم يعد هناك خط فاصل واضح بين المعارضين، والمبتزين، بما يقوض جهود المعارضة للحفاظ على الدعم «للانتفاضة» ضد نظام الأسد.
والأمر لا يقتصر على استفادة الميليشيات التابعة للجيش السوري الحر، أو الميليشيات الإسلامية من الفوضى، وانعدام القانون، والانفلات الأمني، بالنهب والتهريب، بل إن عمليات الابتزاز ترتكب أيضا من قبل الجهاديين التابعين للقاعدة الذين يقدمون أنفسهم على أنهم نموذج للفضيلة الإسلامية، ويبررون عمليات الإعدام التى ينفذونها بأنها من أجل فرض الأخلاق.
وأكد تقرير «دايلى بيست»، على أن كلاً من جبهة النصرة، ودولة العراق والشام الإسلامي، التابعتين لتنظيم القاعد، قد ضمت صفوفهما جماعات تعتبر من عصابات الجريمة، وقادة المتمردين هم في الأساس من المبتزين، حسبما أفادت مصادر استخباراتية أوروبية، ويشيرون إلى أربع كتائب غيرت ولاءها فى الأشهر الأخيرة من التحالف مع لواء أهداف الرسول المتحالف مع الجيش السوري الحر، إلى جبهة النصرة، ثم عادت لتتحالف خلال الأسبوع الأول من ديسمبر مع دولة العراق والشام الإسلامي.
اللواء «الله أكبر»، يقوده صدام الجمال الذي كان حتى انشقاقه قياديا بارزا بالجيش الحر، على الجبهة الشرقية، وأعلن انضمامه مؤخرا إلى دولة العراق والشام على أساس أن الجيش السورى أصبح أداة في يد أجهزة المخابرات العربية والغربية.
بدورها ذكرت صحيفة «صندي تلغراف» البريطانية يوم 30 نوفمبر 2013 بعد تحقيق ميداني في شمال سوريا أن قادة الجيش السوري الحر الذي بدأ كمجموعة بسيطة من المقاتلين الذين يحاربون لإسقاط نظام الأسد، تحولوا إلى أثرياء حرب لجمع الملايين من الرشوة والابتزاز. وأضافت إن قائدا في الجيش السوري الحر، لم تكشف عن هويته، كان يقود سيارة رباعية الدفع في مدينة أنطاكيا التركية ويراقب رجاله وهم ينقلون عبر النهر براميل مهربة من النفط السوري إلى تركيا مقابل أوراق نقدية أمريكية ويشعر بالفخر لما أصبح عليه خلال أقل من ثلاث سنوات حين تحول من فلاح عادي إلى ثري حرب، ومن بائع سجائر بقرية في محافظته إلى حاكم محافظة يسيطر على حواجز تفتيش وعلى طرق التهريب.
وأضافت الصحيفة أن الجيش السوري الحر، الذي يضم مجموعات معتدلة، كان محط آمال الغرب للإطاحة بالرئيس الأسد، لكنه تحول في شمال سوريا إلى مؤسسة جنائية إلى حد كبير يهتم قادته بجني المال من الفساد والخطف والسرقة بدلا من محاربة النظام.
ونسبت إلى ، أحمد القنيطري، قائد «لواء عمر المختار» في منطقة جبل الزاوية قوله «هناك العديد من القادة في الثورة لا يريدون اسقاط النظام ويفضلون القتال لأنه جعلهم زعماء حرب وينفقون ملايين الدولارات، ويعيشون في قصور، ويركبون سيارات فاخرة».
وقالت الصحيفة إن مناطق شمال سوريا «أصبحت مقسمة على شكل اقطاعيات يديرها زعماء الحرب المتنافسون، وتخضع فيها كل مدينة وبلدة وقرية لسيطرة قائد مختلف من قادة الجيش السوري الحر بسبب الغياب الشامل لسيادة القانون، وتنتشر فيها نقاط التفتيش، وهناك ما يقرب من 34 حاجز تفتيش على الطريق القصيرة من الحدود التركية إلى محافظة حلب وحدها، ويتنافس الرجال من أجل السيطرة على الأراضي والمال والأسلحة وطرق التهريب واحتكار غنائم الحرب، وفقا لمدنيين ساخطين من المنطقة».
تحول
صحيفة «التايمز» البريطانية ذكرت في عددها ليوم 4 ديسمبر إن متمردين سوريين عرضوا انضمام قواتهم إلى جانب الجيش السوري النظامي في مواجهة مقاتلي تنظيم القاعدة. ونقلت عن رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر سليم إدريس، قوله إن الصراع في سوريا بات بين ثلاثة اتجاهات وهم النظام والثوار والجماعات المتشددة التي يتأكد باطراد صلتها بالقاعدة.
وأشارت الصحيفة، وفق مقتطفات نقلها موقع «بى.بى.سى»، إلى أن إدريس خفف من مطالبه قبل انعقاد محادثات السلام في جنيف المقررة مطلع 2014، قائلا إن تنحى الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة لم يعد شرطا مسبقا، ويمكن أن يعقب المفاوضات.
وقدرت الصحيفة البريطانية أن تصريحات إدريس تعد تحولا في ديناميات فوضى الحرب الأهلية السورية، مع إعلان الجيش السوري الحر خوض مواجهة مفتوحة ضد نفوذ الجماعات الجهادية المتزايد، والذي يمثل شاغلا أساسيا للغرب.
ويؤكد التقرير على أن إعراب إدريس عن استعداد مقاتليه للقتال جنبا إلى جنب مع القوات الحكومية ضد الجماعات المتطرفة، يبعث برسالة إلى الجيش السوري بأنه سيكون له دور مهم في مرحلة ما بعد الأسد، وأنه لن يعانى من الاجتثاث الذي أدى إلى حل الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي للعراق والذي نفذ بعد أن عجزت واشنطن عن إسقاط الرئيس صدام حسين بوسائل أخرى.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى تقرير استخباري أعده الجيش السوري الحر عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، يؤكد أن لديهم نحو 5500 مقاتل أجنبي، فضلا عن قدرتهم على تجييش أكثر من 20 ألف مقاتل من بينهم 14 عشيرة في شمالي شرق سوريا.
وكان إدريس حذر في حديث مع صحيفة واشنطن بوست من أن «داعش» تحاول تحقيق «سيطرة كاملة على المناطق المحررة. ووصف مسلحي «داعش» بأنهم «خطرون جدا على مستقبل سوريا» مضيفا أنه إذا تنحى الأسد عن السلطة فإن قواته جاهزة للانضمام إلى القوات الحكومية للقتال ضدهم.
موسكو: الأولوية لمحاربة الإرهاب
في مقابل انتكاس خطط الغرب في بلاد الشام شددت موسكو من مواقفها، يوم 21 نوفمبر 2013 قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن من وصفهم ب»الشركاء الدوليين» باتوا يدركون بأن الأولوية في سوريا ليست تنحي الرئيس بشار الأسد، وإنما «محاربة الإرهاب»، كما رفض فتح ممرات إنسانية خشية استخدامها ل»تهريب السلاح» واعتبر أن المعارضة السورية باتت «أكثر واقعية».
ودعا لافروف، إلى ضرورة البحث عن صيغ أخرى «لتمثيل الشعب السوري» في مؤتمر «جنيف 2» في حال فشل الشركاء في تشكيل وفد للمعارضة «ملتزم بروح وحرفية عقد هذا المؤتمر». وقال لافروف خلال لقائه بوفد حكومي سوري كان يزور موسكو في ذلك التوقيت: «إذا تمكن الأمريكيون وغيرهم من تشكيل وفد موحد للمعارضة السورية فسيكون ذلك مرحب به في حال أدركنا أن هذا الوفد سيرتكز إلى قاعدة بناءة دون شروط مسبقة وعلى قاعدة جنيف دون زيادة أو نقصان، ولكن إذا لم يتشكل وفد على هذه القاعدة التي تتماشى وروح وحرفية عقد جنيف فينبغي البحث عن صيغة أخرى لتمثيل المجتمع السوري في المؤتمر».
وأكد لافروف ضرورة أن يحضر المؤتمر «كل من يمتلك تأثيرا بشكل أو بآخر على تطور الوضع داخل سوريا،» مشككا في جدوى «إقصاء أي من الأطراف الدولية».
وأكد لافروف أن بلاده تدافع من خلال موقفها من سوريا «عن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الشعوب بما في ذلك حقوق الأقليات» مضيفا أن موسكو، التي تؤيد نظام الرئيس بشار الأسد تحاول «منع انهيار» سوريا ولبنان ومصر».
نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أعلن من جانبه أن موسكو ترفض بشكل قاطع أية مبادرات حول سوريا لا يجري التنسيق بشأنها مع مجلس الأمن الدولي. وقال: «نحن على قناعة ثابتة بأنه لا يمكن حل القضايا الإنسانية في سوريا إلا عبر إيجاد حل سياسي وعقد مؤتمر جنيف».
ولفت إلى «تغيرات ملموسة في موقف الحكومة السورية من القضية الإنسانية التي أدت الى تسهيل وصول المنظمات، التي تقدم المساعدات، إلى الأراضي السورية». وأكد غاتيلوف أن دمشق وافقت 7 مرات على إجلاء السكان من مناطق الغوطة الشرقية والمعضمية المحاصرة، لكن معظم هذه العمليات أحبطها مقاتلو المعارضة المسلحة. وأضاف أن نزوح المسيحيين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لا يزال قضية كبيرة، مشيرا الى أن عدد المسيحيين الذين غادروا البلاد بسبب التهديدات بالتنكيل بلغ أكثر من مليون شخص. وخلص غاتيلوف إلى القول إن أمام الحكومة السورية الكثير مما يجب القيام به لإقامة تعاون مستقر مع المنظمات الإنسانية الدولية، لكن يجب تقييم نطاق معاناة المدنيين في سوريا موضوعيا، وهذا «ما يفتقر إليه شركاؤنا الغربيون وبعض وسائل الإعلام».
صراع على النفوذ في المنطقة العربية
الفشل الغربي بقيادة واشنطن على الساحة السورية والذي رافقه تعثر تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير عبر ركوب حركة التحول في المنطقة العربية، والفضائح المترتبة على تخبط أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية وكشف أسرارها دفع العديد من الحكومات العربية وغيرها إلى القيام بعملية مراجعة جدية لضوابط سياستها ومراكز وأقطاب تحالفاتها.
يوم 10 ديسمبر 2013 ذكرت صحيفة «ذي تليغراف» البريطانية ان هناك بوادر توحي بان دولا عربية رئيسية تعمل الفكر جديا فيما إذا كان عليها أن تتخلى عن روابطها طويلة المدى مع واشنطن، وان تتجه بنظرها إلى اماكن أخرى يمكن الاعتماد عليها بصورة أوسع. إنها فرصة أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي يتوق للإفادة منها. وجاء في التقرير الذي أعده المحرر بالصحيفة كون كوغلان:
مضى أربعون عاما على قرار دينيس هيلي، وزير الدفاع العمالي في ذلك الوقت، لسحب القوات البريطانية المتمركزة شرق قناة السويس في محاولة يائسة لضبط الحسابات الحكومية.
في ذلك الحين وقد تبين أن بريطانيا لا تستطيع حماية دول الخليج، سارع الأمريكيون إلى ملء الفراغ، ووصل الأسطول الخامس، الذي تتحرك معه سفن حربية تتجاوز عدد سفن البحرية الملكية البريطانية كلها، ليحتل القاعدة البحرية في البحرين بعد أن أخلتها القوات البريطانية في عام 1971.
ولعله بفضل تجاهل إدارة أوباما المحزن لاهتمامات الحلفاء القدامى، فان مستقبل علاقات التحالف الغربي بأكملها مع منطقة الخليج العربي تتعرض للمخاطر.
ولننظر إلى الخلف إلى ما قبل ثلاث سنوات فقط، عندما ساند الرئيس باراك اوباما الاطاحة بحسني مبارك حاكم مصر. واذا كان بإمكان اوباما أن يدير ظهره للرئيس المصري، فأي ضمان لدى الأنظمة العربية الأخرى الصديقة للغرب بأن واشنطن ستقف إلى جانبهم عند الحاجة؟.
وقبل فترة وجيزة، فان الاتفاق المبدئي شهر نوفمبر بين الولايات المتحدة وطهران في جنيف بشأن برنامج ايران النووي المثير للجدل زاد حدة التوتر. وكانت النتيجة أن الكثير من الدول العربية الرئيسية، مثل مصر والمملكة السعودية، تدرس جديا ما إذا كان عليها أن تتخلى عن العلاقات طويلة المدى مع واشنطن وان تنظر إلى أماكن أخرى بحثا عن حلفاء يعتمد عليهم، وهي فرصة يرنو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لاقتناصها.
وشهد الأسبوع الأول من ديسمبر خلال مؤتمر الحوار الإقليمي السنوي في البحرين مزيدا من عدم اكتراث إدارة اوباما وهو المؤتمر الذي قام بتنظيمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره لندن. فرغم محاولات تشاك هاغل، وزير الدفاع الأمريكي، وويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، لتطمين دول الخليج أن الغرب لا يزال يضع مصالحهم في أولوياته، فان عددا من كبار السياسيين العرب تساءلوا ما إذا كان بإمكانهم الوثوق بعد الآن بالأمريكيين لنصرة قضيتهم.
ولا ريب أن البحرين ترحب بأي صفقة تمنع جارتها من الحصول على سلاح نووي. غير ان لديها أسبابا أخرى للقلق، ومنها وقف دعم إيران للارهابيين الذين يحاولون زعزعة المملكة، ودولا عربية أخرى بما فيها السعودية.
وكان السعوديون أكثر صراحة، حين أعلن وزير خارجيتهم، أن «على دول الخليج أن تتوقف عن الاعتماد على آخرين لضمان سلامتها». ولا مجال للشك في من يعني ب»اخرين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.