"مفاوضات شاقة" تؤخر انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة    المغرب يتوصل ب500 "هامر" أمريكية لنشرها بالصحراء    بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين.. لقاء بطنجة يناقش الجريمة المنظمة العابرة للقارات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال27    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لص ينهي حياة تلميذة ويصيب أخريين بحروج بليغة بصفرو    بعد تلويحه بالاستقالة.. مئات الآلاف يتظاهرون بإسبانيا مساندة لسانشيز    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    صديقي: 2.5 مليار متر مكعب من المياه توفرها تقنيات السقي بالتنقيط    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقيف شينويين كانوا كيبيراطيو المكالمات الهاتفية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    تحديد هوية جثة لفظتها امواج البحر نواحي الحسيمة    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    مؤتمر حزب الاستقلال يستعيد الهدوء قبل انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بالقاهرة بمشاركة المغرب    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    فضيحة مدوية تهز مؤسسة تعليمية.. هذا ما تقرر بعد تحرش مدير بتلميذة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر في دوامة تصعيد التهديدات: الانتخابات الرئاسية وبدء مرحلة عبور منطقة الأخطار
نشر في العلم يوم 05 - 05 - 2014

مع إقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في مصر والمقررة يومي 26 و27 مايو 2014، يتوقع المراقبون تصعيدا غير مسبوق في المواجهات الدائرة على الأرض المصرية وفي محيطها، المواجهات ستدور على عدة جبهات وفي توقيتات متعددة ومختلفة، وستنقسم بين ما هو عمليات إرهابية مسلحة، وجهود لإشاعة الفوضى بكل الطرق بين مختلف مكونات الشعب والطعن في شرعية القيادة المنبثقة عن الانتخابات وفي نفس الوقت السعي إلى زرع خصوم للنظام داخل الهيكلة السياسية ضمن الانتخابات التشريعية القادمة، وستتضمن شقا اقتصاديا حيث سيسعى خصوم التحولات التي جرت بعد انتفاضة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 إلى مواصلة إضعاف الاقتصاد المصري سعيا وراء إفشال النظام الجديد وإعادة تشكيل موازين القوى في البلاد.
حدة وضخامة المواجهات تفرضها أبعاد تأثيرها على مسار الأحداث في جزء كبير من منطقة الشرق الأوسط وما هو مرتبط منها بصراع القوى الكبرى لتشكيل نظام عالمي جديد، وكذلك بملحمة المواجهة بين العرب والكيان الصهيوني، وجهود واشنطن وتل أبيب لمنع قيام نظام عربي جديد يتمحور حول قطر عربي قوي، وحليا أصبحت المواجهة تدور حول مصر وحلفائها.
الجماعات المسلحة
يوم الأحد 4 مايو 2014 توعدت جماعة "أنصار بيت المقدس"، بتنفيذ مزيد من الهجمات في مصر في بيان أعلنت فيه مسؤوليتها عن هجومين انتحاريين وقعا الجمعة، عشية انطلاق حملات الدعاية للانتخابات الرئاسية.
وأوضحت الجماعة التي تعد أكثر الجماعات الجهادية المسلحة نشاطا في مصر، في بيان نشر على مواقع جهادية، "نعلن مسؤوليتنا عن الهجومين اللذين استهدفا حاجزاً أمنيا وحافلة سياحية في محافظة جنوب سيناء".
وأضاف البيان، "لن يهدأ لنا بال ولن يقر لنا قرار حتى نقتص لدماء المسلمين وأعراضهم"، في إشارة واضحة إلى عزم هذه الجماعة المسلحة مواصلة هجماتها في مصر.
وخاطب التنظيم في بيانه من سماهم "أهلنا في مصر داعيا إياهم لأن ينتفضوا ضد هذا النظام الطاغوتي الغاشم، وأن يثأروا لدمائهم وأعراضهم وألا يكتفوا بالحراك السلمي".
وقتل مئات من أفراد الجيش والشرطة في هجمات شنها مسلحون في شبه جزيرة سيناء ومناطق أخرى منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في 3 يوليو 2013 بعد احتجاجات حاشدة طالبت بتنحيته.
ويشن الجيش المصري حملة على المسلحين في سيناء وقال قائد عسكري كبير شهر أبريل إن الجيش يسيطر تماما على الأوضاع الأمنية في سيناء وأنه في طريقه إلى شل كل الجماعات المسلحة.
وتشكل الهجمات في سيناء تهديدا للسياحة وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية لمصر. وتراجعت أعداد السائحين الأجانب بشكل ملحوظ بسبب الاضطرابات السياسية التي تشهدها مصر منذ أحداث 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأعلنت جماعة متشددة أخرى تدعى أجناد مصر في السابق مسؤوليتها عن عدة هجمات في نطاق القاهرة والجيزة على الضفة الأخرى لنيل العاصمة.
الجناح السياسي لجماعة الإخوان يحاول أن يبعد عن نفسه تهمة الارتباط بالتنظيمات المسلحة العاملة في مصر والتمسك بأن تحركاته سلمية وأن الجماعات المسلحة هي إفراز لحالة الصراع الدائرة منذ عزل مرسي ومسؤوليتها تقع على قادة الجيش، وموازاة مع ذلك يسعى التنظيم إلى نفي إتهامات خصومه بشأن إرتباطه بالمخططات الأمريكية في المنطقة العربية وتبعيته لإدارة البيت الأبيض وكل من تركيا وقطر.
الدكتور محمد حمزة، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية صرح خلال الثلث الأول من شهر أبريل 2014، إن قرار الإدارة الأمريكية باعتبار "أنصار بيت المقدس" جماعة إرهابية يؤكد أنه لا نية للولايات المتحدة أن تصنف الإخوان كجماعة إرهابية.
وأضاف حمزة، أن جماعة "أنصار بيت المقدس" هي أحد الكيانات التابعة لجماعة الإخوان في مصر وأحد الفروع التي تتولد منها، لافتا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تعلم هذا الأمر جيدا ولكن لا تريد الاعتراف به. مؤكدا أن هناك تحالفا بين الطرفين، وجماعة الإخوان تنفذ مخططا أمريكا لتقسيم الشرق الأوسط، وأشار إلى أن المخابرات الأمريكية هي "العقل المدبر" للعمليات الإرهابية في مصر بسبب الصلة الوثيقة التي تربط واشنطن بجماعة الإخوان.
وتابع حمزة أن هزيمة الإرهاب ترتبط بتوفير معلومات دقيقة قد لا يمكن لأجهزة الأمن وحدها أن توفرها، وعلى الشعب أن يلتف حول المؤسسة العسكرية وأجهزة الأمن ويعينها على إنجاز مهامها، قائلا: "كلما تقدمت مصر في طريق تنفيذ خارطة الطريق زادت شراسة تلك الجماعات الإرهابية لاقتراب إندحارها".
التمويل والتوجيه
يذكر أن مصادر رصد متعددة كانت قد كشفت عن الصلة الوثيقة بين بعض قيادات حركة الإخوان والتنظيمات المسلحة قبل وبعد عزل الرئيس مرسي، المليادير خيرت الشاطر النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان زود محمد الظواهري، وهو القائد السابق لتنظيم الجهاد في مصر وممن شملهم عفو رئاسي فوري من محمد مرسي، بثلاثين مليون دولار لتمويل العمليات العسكرية في سيناء سنة 2013، وبعد اعتقال الرجلين أصبحت عملية التمويل والتوجيه في يد من يوصف بالرجل الحديدي للجهاز السري للجماعة، محمود عزت الذي تمكن من الإفلات من أجهزة الأمن المصرية، وآخر الأخبار تفيد بأنه يقيم في فندق على شاطئ غزة منذ يوليو 2013. ومنذ شهر فبراير 2014 يجرى الإعداد لإعلان تشكيل الجيش المصري الحر الأول في سيناء وقوامه المقرر في البداية 2500 فرد.
القيادي في جماعة الإخوان د. محمد البلتاجي أعترف بمسئولية جماعته عن أحداث العنف التي تجري في شبه جزيرة سيناء، وقال خلال شهر يوليو 2013 ما يحدث في سيناء سيتوقف في نفس الثانية التي يتراجع فيها السيسي عن انقلابه وعندما يعود الرئيس والشرعية".
إذا كانت جماعة الإخوان تحاول إخفاء أو التستر على علاقاتها الوثيقة مع الإدارة الأمريكية، فإن واشنطن تمارس نفس التكتيك، وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية تهاجم عملية إسقاط حكم محمد مرسي بأساليب وتصريحات تأمل بها أن تبعد تهمة الإرتباط الوثيق في المصالح، وفي نفس الوقت تحاول بعضها إضعاف موقف الأقلية داخل بعض الدوائر الأمريكية التي تحذر من الخطر الذي يتهدد المصالح الغربية في حالة استمرار البيت الأبيض في رهانه على دعم العلاقة مع الإخوان والسعي لإعادتهم إلى السلطة.
يوم 2 مايو 2014 واصلت صحيفة الواشنطن بوست حملتهاعلى مصر، ونشرت مقالا لروبرت كاغان الخبير بمركز "بروكنغز" دعا فيه واشنطن إلى ضرورة التوقف عن دعم النظام في مصر.
وقال كاغان، إن المصالح الأمريكية تتضرر بشدة في كل يوم تدعم فيه النظام الذي وصفه بالمستبد، وأضاف أنه لو كانت الولايات المتحدة تريد أن تروض الإسلاميين وجعل العالم الحديث آمنا، فإنها لم تقم فقط بإهدار الفرصة، بل إنها تواطأت لسحقها وضمان عدم وجود فرصة أخرى، كما أنه ليس من مصلحة واشنطن أن تتصرف بشفافية شديدة عكس مبادئها المنصوص عليها.
وتابع الكاتب قائلا إنه في حين أن بعض النفاق قد يكون أمرا لا يمكن تجنبه في العلاقات الولية، فإن مستوى الحديث المزدوج كان استثنائيا في الأشهر القليلة الأخيرة.. وفى الوقت الذي سارع فيه النظام في مصر بقمع المعارضة ومحاكمة الصحفيين والليبراليين المصريين، فإن كبار المسئولين الأمريكيين، تحدثوا بكل سرور عن الانتقال للديمقراطية وتحدثوا بتعاطف عن اتجاه الحكومة نحو إجراء الانتخابات، وإن الجميع يعلم أنه لا توجد نية لخلق الديمقراطية في مصر.. ولا يشعر أي مسئول بأنه مضطر لاستخدام اللغة الغريبة عن التحول الديمقراطي لأن الكونغرس طلب من الإدارة الأمريكية أن تشهد بأن مصر تتقدم نحو الديمقراطية من أجل استمرار تقديم المساعدات العسكرية.. الكاتب يدعي أن الكونغرس متواطئ في دعم الاستبداد في مصر، على حد تعبيره، وذلك رغم وقف كل المعونات الأمريكية وإصرار الكونغرس على ذلك.
في نفس اليوم ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن مصر على أعتاب أزمة طاقة. وقالت إن النقص المتزايد في الطاقة الذي أشعل الاحتجاجات ضد الرئيس المعزول محمد مرسى، تعود لتواجه الحكومة المصرية حاليا.
وأشارت الصحيفة إلى شكاوى شركات الطاقة الدولية من أن مصر فشلت في دفع مديونياتها من أجل إعادة ضخ النفط، أو السماح لهم بتصدير الغاز.. وقالت إن شركة جى بى البريطانية هي واحدة من أكبر الشركات المنتجة للنفط، وحذرت في بيان من أن أعمالها الخاصة "الغاز" المصري المسال في خطر متزايد بدون إجراءات محددة من الحكومة المصرية.
واعتبرت الصحيفة أن بيان "بى جى" ذكر بالتحديات التي لا تزال تواجه الحكومة في مصر، حتى على الرغم من أنها حصلت على 20 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأخيرة من دول الخليج.. ولم تعد مصر تنتج الطاقة الكافية لمواجهة الطلب المحلى بأسعار مدعومة للغاية.. كما أنها غير مستعدة لرفع الأسعار خوفا من إثارة الاضطرابات في الشوارع، وهى غير قادرة على شراء ما يكفى من الوقود لتلبية الطلب المحلى.
وتقول نيويورك تايمز، إن احتياطيات النفط تحوم فوق المستوى المطلوب لتجنب انخفاض كارثي في قيمة العملة وارصدة حول 17 مليار دولار.
وفى نفس الوقت، فإن مصر تدين لشركات الطاقة الدولية ب 5700 مليون دولار، وهى كافية لإغراق العملة لو تم خصمها من الاحتياطيات، وفقا لتقديرات الصحيفة المتشائمة.
وتمضى الصحيفة قائلة إن أغلب المحللين والدبلوماسيين الغربيين يتوقعون أن تواصل السعودية والإمارات وحلفاء مصر الآخرين في الخليج تقديم ما يكفى من المساعدات لمواجهة أزمة الطاقة، وإبقاء الحكومة في مصر على قدميها.. إلا أن البعض يحذر مما وصفته الصحيفة أن شهية مصر الشرهة للطاقة المدعمة يمكن أن تمثل اختبارا لكرم دول الخليج.
ويقول ستيفين كوك، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إن السعوديين والإماراتيين سيندمون ويشعرون باستياء لاستثماراتهم في مصر، فالأموال السعودية والإماراتية والكويتية أبقت مصر بعيدا عن الغرق، واعتقاد مصر بأن هذا الدعم سيستمر قد يكون إحساسا زائفا بالأمن.
من جانبه، يوضح تريفور سيكورسكى، المحلل في شئون الطاقة بلندن، أن الطلب الداخلي على الغاز يزداد أكثر من 6 في المئة في العام، بينما لم يزد العرض عن 2 في المئة.
ويقول "كوك" إن المصريين يعتقدون أن شركات الطاقة الدولية لن تدير ظهرها لهم، ويرى أن مصر تعتقد أن الشركات لا تزال موجودة، ولا يمكن أن تغادر لأنها لن تعرض نفسها لخسائر فادحة.. إلا أن هذه الحسابات غير دقيقة، كما يقول كوك، ومن ثم فإن الاختيار بين أزمة طاقة أو أزمة عملة، بين رفع أسعار الطاقة أو دفع مقابل ما يتم استهلاكه، ربما يكون أكثر إلحاحا، ما لم تتدخل دول الخليج لإنقاذ مصر.
إزدواجية
في نطاق نفس اللغة المزدوجة كتبت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية إن استئناف المساعدات الأمريكية لمصر يحفز مشاعر العداء لواشنطن. وحذرت الصحيفة الأمريكية من استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، لأنه في حال استخدام الأسلحة الأمريكية ضد المدنيين سوف تحفز مشاعرهم المعادية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ذكرت تقارير أن الجيش المصري استخدم مؤخرا طائرات هليكوبتر أباتشي أمريكية الصنع في إطلاق صواريخ في شبه جزيرة سيناء، لاستهداف جماعة مسلحة تستلهم أسلوب القاعدة في عملياتها.
وقد لام الكاتب "دان مورفى" على الرئيس الأمريكي على عدم تكثيف خطابه حول الديمقراطية في مصر منذ دخوله البيت الأبيض، اللهم إلا إشارة طفيفة فى خطاب جامعة القاهرة فى 2009، كما أنه خفض برامج المساعدة الديمقراطية إلى مصر إلى النصف، ولكن كل ذلك تغير بعد يناير 2011.
كما أنه أكد على أن إدارة أوباما كانت بطيئة إلى حد يرثى له وغير حاسمة حول تعليق المعونة بعد الإطاحة بمرسى، وعلى الرغم من أنه اتخذ قرار تعليقها فى النهاية فى أغسطس 2013، ولكن هذا غير كاف، ولكن علينا الاعتراف أن تلك هي المرة الأولى التي تعلق فيها الإدارة الأمريكية أي شحنات عسكرية لمصر لأي سبب من الأسباب منذ 40 عاما.
واختتم المقال أن استئناف المساعدات بشكل كامل يعتمد على ما يحدث في مصر، إلى جانب التزام مصر بالقوانين الأمريكية.
الصحافة الأمريكية عملت كذلك على إبراز ما اعتبرته عجزا في مواجهة الجماعات المسلحة:
صحيفة نيويورك تايمز، ذكرت إن سلسلة التفجيرات التي شهدتها مصر مؤخرا، في تصعيد حاد لعنف المتشددين قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة، يسلط الضوء على الجهود الحكومية المتعثرة للحد من موجة التشدد التي اندلعت قبل بضعة أشهر. وأضافت إلى أنه في ظل استمرار العمليات المسلحة، منذ يوليو 2013، فإن الحكومة المصرية لم تنجح في إصلاح صورة البلاد في الخارج حيث يتابع المسئولون بيأس تدهور السياحة التي تمثل مصدرا مهما للعملة الأجنبية.
وخلصت الصحيفة في تقريرها، مشيرة إلى أنه على الرغم من التوقعات السائدة بفوز المشير عبد الفتاح السيسى بالرئاسة، إلا أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت قيادته سوف تهدئ العنف.
واشنطن بين خيارين كلاهما مر
تشير مصادر أوروبية أن واشنطن تواجه معضلة كبيرة، فهي من جهة تأمل عودة حركة الإخوان إلى السلطة أو على الأقل الحفاظ عليهم كقوة سياسية مشاركة في النسيج السياسي المصري، ولكنها تدرك أن فرص حدوث ذلك تتقلص مع مرور الأيام بسبب عدم نجاح مخططاتها، وموازاة مع ذلك تواجه الولايات المتحدة خطر عودة قوية لروسيا إلى القاهرة وقيامها بخلط أوراق معادلة التوازن الهشة.
في عددها رقم 544 الصادر يوم 1 مايو 2014 نشرت مجلة "مباط عال" الإسرائيلية دراسة لمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي حذر فيها من حصول مصر على أسلحة روسية، مشيرة إلى أن تعدد مصادر السلاح المصري سيغير الموازين الاستراتيجية بالشرق الأوسط.
وقالت الدراسة: إنه وفقا للعديد من الأنباء التي نشرت في أواخر أبريل 2014 توشك مصر على توقيع صفقة سلاح كبرى مع روسيا لشراء 24 مقاتلة من طراز ميغ 35، وهى إحدى الطائرات المطورة من سلسلة ميغ 29 التي وصفها مطوروها بأنها طائرة من الجيل الرابع.
وتابعت بأن المعنى الاستراتيجي لتلك الصفقة في حال تنفيذها بالنسبة لإسرائيل قد يكون خطيرا مع تصاعد المواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا وسوريا.
وأشارت إلى أن الأنباء حول الصفقة التي نشرت في نوفمبر 2013 وفبراير 2014 تحدثت عن صفقة سلاح كبيرة جدا، والتي من المفترض أن تشمل منظومات دفاعية جوية ومنظومات دفاعية للسواحل وطائرات هجومية من طراز ميغ 35 ومقاتلات من طراز ميغ 29، وقد تردد أن تلك الصفقات ستمولها السعودية والإمارات.
وتابعت الدراسة بأن الجيش المصري ومنذ عام 1979 يتسلح بصفة أساسية بأسلحة أمريكية، حيث تمنح الولايات المتحدة لمصر مساعدات قيمتها 1300 مليون دولار سنويا، وطوال هذه الفترة امتنعت مصر من شراء عتاد عسكري من دول أخرى بما في ذلك روسيا، إلا أن أحداث "الربيع العربي" أثرت بالسلب على العلاقات المصرية الأمريكية خاصة بعد عزل مرسى في مطلع يوليو 2013.
وأردفت بأنه رغم أن أمريكا زودت مصر بأربعة مقاتلات ف 16 في يوليو 2013 من صفقة قوامها 40 طائرة تم توقيع الإتفاق بشأنها في 2010 وقد أعلنت إدارة أوباما بوقف إرسال أربعة طائرات أخرى من نفس الطراز، وفى أكتوبر 2013 أعلنت الإدارة أنها ستراجع المساعدات العسكرية لمصر وتوقف جزء من المساعدات الأمريكية لمصر بسبب القانون الأمريكي الذي يحظر تزويد السلاح لأنظمة قائمة عن طريق انقلاب عسكري، ومن ثم تقرر وقف تزويد مصر بطائرات ف 16 ومروحيات الآباتشى ومنظومات دفاعية جوية ودبابات أبرامز، كما ألغت الولايات المتحدة للمرة الثانية مشاركتها في مناورة "النجم الساطع".
إلا أن الإدارة الأمريكية قررت فى أبريل 2014 مبدئيا السماح بتزويد مصر بمروحيات الآباتشي، وتسليم سلاح البحرية المصري السفينة الأولى من طراز "أمبسادور" من بين 4 تم حجزها في شهر نوفمبر 2013.
وأشارت الدراسة إلى أن تلك الصعوبات في الحصول على أسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية من شأنها تفسير لجوء مصر لروسيا.
وتناولت الدراسة تبعات تزود مصر بالسلاح الروسي، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة تبعات مباشرة أولها الجانب الفني حيث أنه بعيدا عن حقيقة أن الحديث يدور حول طراز من الأسلحة تتضارب المعلومات حول جاهزيتها، فإننا بصدد ثقافة تكنولوجية مختلفة تماما عن الثقافة الأمريكية، نظرا لأن الجيش المصري، وتحديدا سلاح الجو المصري، اجتاز خلال عقد الثمانينات وبعد مسيرة معقدة وطويلة وغالية للانتقال من التكنولوجيا والنظرية القتالية السوفيتية إلى التكنولوجيا والنظرية القتالية الأمريكية.
وأضافت :"أنه صحيح أن المصريين لازالوا يستخدمون عدة منظومات من إنتاج روسي، ولاسيما فى مجال الدفاع الجوي، إلا أن التسلح بطائرات روسية حديثة يستلزم إقامة تشكيل لوجيستي جديد ومنفصل عن التشكيل الذي يخدم الطائرات الأمريكية، وهذا لا يقتصر فقط على شراء الطائرات وإنما يمتد أيضا لشراء منظومات سلاح حديثة ومختلفة عن تلك المعروفة بما في ذلك الصواريخ جو جو والصواريخ جو أرض، حيث أن منظومة سلاح كهذه تتطلب ترتيبات صيانة خاصة وترتيبات إعداد وتدريب قوة بشرية طويل ومكلف".
التأثير الثاني لتزود مصر بالسلاح الروسي هو التداعيات على الوضع الاقتصادي المصري المتدني منذ بداية أحداث 2011، مشيرة إلى أن ثمة شكوك تحيط بقدرة مصر على تمويل صفقات سلاح باهظة التكاليف.
وأضافت الدراسة أنه على الرغم من تواتر التقارير حول تمويل السعودية أو الإمارات لتلك الصفقات إلا أن هناك مجالا للشكوك أيضا في إمكانية حدوث ذلك.
العنصر الثالث الذي أوردته الدراسة هو أنه رغم الغضب المصري من الولايات المتحدة ورئيسها أوباما والرغبة في مناطحة الولايات المتحدة، هناك شك حول ما إذا كانت مصر فعلا مستعدة لقطع العلاقات مع أمريكا والتخلي عن المساعدات العسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة لمصر وإمدادات السلاح.
ورأت الدراسة أنه إذا تم تنفيذ صفقة السلاح بين مصر وروسيا، سيكون هذا حدثا كبيرا وهاما على الصورة الاستراتيجية للشرق الأوسط، مشيرة إلى أن تلك ستكون خطوة جديدة في مسيرة تراجع تدخل ودور ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، وفى المقابل ستكون تلك الصفقة بمثابة انجاز استراتيجي كبير لروسيا في مواجهتها مع الغرب.
وأشارت إلى أنه بالنسبة لإسرائيل، فإن المعنى الفني لوجود سرب أو اثنين من الطائرات الروسية ميغ 29 قد لا يكون كبيرا، ولكن المعنى الاستراتيجي قد يكون حاسما مع تصاعد المواجهة بين روسيا والغرب.
واختتمت الدراسة بأن الصفقة لم يتم توقيعها بعد وهناك عقبات عديدة في الطريق لتنفيذها سواء من الناحية الفنية والعملياتية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لازال لديها الأدوات التي تمكنها من ممارسة ضغوط على مصر لمنع تنفيذ الصفقة المصرية الروسية، وبناء عليه يمكن اعتبار الأنباء حول تلك الصفقة بمثابة ناقوس خطر لصناع القرار بواشنطن بما يعد إيذان بتغير استراتيجي حقيقي.
حكومة الإخوان في المنفى
إذا كان العنف عبر التنظيمات المسلحة أحد وسائل الإخوان وأنصارهم في سعيهم للعودة إلى السلطة في القاهرة فإن هناك تحركا آخر مكملا على الصعيد السياسي. مصادر إعلامية في العاصمة البريطانية ذكرت في تحليل لها إن "الشرعية" أصبحت حائرة بين جماعة الإخوان في مصر، وأنصارها، وتنظيمها الدولي، مع بداية العد التنازلي لانتخاب الرئيس المصري الجديد.
وفي حين تسارعت حركة التنظيم الدولي للإخوان لتشكيل "نظام في المنفى" على غرار "حكومة المنفى" تحت اسم "مصر الشرعية" تحسبا للفوز المتوقع للمشير عبد الفتاح السيسي بمنصب رئيس الجمهورية.. فإن "تحالف دعم الشرعية" من أنصار الإخوان في مصر، مهدد بالحل وتجميد أعماله، مع تصاعد حدة الانقسامات بين التيارات والأحزاب المشاركة فيه.
وإذا كان تحالف دعم الشرعية من أنصار الإخوان قد بدأ التراجع وإعادة حساباته، فإن التنظيم الدولي للإخوان قد بدأ خطواته لتشكيل كيان دولي في الغرب يحمل اسم "مصر الشرعية"، وكشف القيادي الاخواني محمد سويدان، أمين لجنة العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة، عن تأسيس الكيان الجديد في صورة "نظام في المنفى" حاضن للشرعية، ضد النظام المصري القائم، وأن كيان مصر الشرعية يضم عددا من الوزراء السابقين، وأعضاء مجلسي الشعب والشورى. وقال "سويدان": نحن نتواصل حاليا مع عدد من الحكومات في الغرب لتكون حاضنة للكيان المعبر عن الشرعية في مصر، واذا كان من المتوقع أن يعترف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رسميا بالنظام الحالي بعد اجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذلك الاتحاد الأفريقي الذي من المحتمل أيضا أن يغير موقفه الرافض لأوضاع ما بعد 30 يونيو، فإن هذه التطورات لن يكون لها تأثير نهائي، لأن هناك 37 دولة طالبت بتجميد عضوية مصر في الأمم المتحدة، وهناك 27 دولة من أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وقعت على بيان مشترك يدين تكرار استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في مصر حسب قوله. أما عن تفاصيل الكيان الموازى للنظام في مصر، وعلى لسان معتز إبراهيم، أحد أطر إخوان مصر في التنظيم الدولي: فإن كل التفاصيل ستعلن رسميا خلال الأيام المقبلة، عن كيان مصر الشرعية، وقد بدأنا باتخاذ الخطوات اللازمة بعد استشارة يوسف ندا، مفوض العلاقات الدولية السابق في التنظيم الدولي للاخوان، وسوف يضم الكيان الشرعي للنظام المصري في الغرب كلا من، باسم خفاجي، أمين التجمع المصري الداعم للرئيس مرسي، والدكتور جمال حشمت، والدكتور أمير بسام، وهما قياديان في التنظيم الدولي ومرشحان لتولي الملفات المتعلقة بالشؤون الخارجية، كما جرى الاتصال بالدكتور عزمي بشارة النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي للانضمام للكيان الشرعي، كمستشار سياسي.
ومع خطوات تأسيس "كيان مصر الشرعية" في الغرب، يواجه كيان تحالف دعم الشرعية من انصار ومؤيدي وأعضاء الاخوان في مصر، تصدعات تهدد بانهياره، ويؤكد الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، عضو التحالف الوطني لدعم الشرعية، أن الجبهة قدمت اقتراحا لقيادات تحالف دعم الشرعية، بتعليق عمل التحالف، وترك الشارع المصري لتفاعلاته الثورية دون توجيه من التحالف حتى نريح ضمائرنا، ونكون براء من مسؤولية أي دماء تسيل.ومن جانبه أوضح ياسر الشريف، المتحدث باسم حركة "باطل" إحدى الحركات التابعة لجماعة الإخوان، أن هناك مشاورات مكثفة مع العديد من الحركات الثورية لتشكيل تحالف جديد تحت مسمى "التحالف الثوري" تمهيدا لحل تحالف دعم الشرعية، وتم اختيار رئيس حزب الفضيلة السلفي المهندس محمود فتحي ليكون منسقا عاما للتحالف الجديد. وفي توضيحه لحقيقة ما يجري داخل تحالف دعم الشرعية، يقول محمد أبو سمرة، أمين عام الحزب الإسلامي التابع لتنظيم الجهاد، إن العديد من شباب الإخوان والحركات الإسلامية انفصل عن تحالف دعم الشرعية منذ أكثر من 4 أشهر، كما غادره الحزب الإسلامي منذ 5 أشهر، ونحن لنا اعتراضات على بعض الأمور داخل التحالف، ونراه غير قادر على التعامل مع الموقف الراهن. ويتفق معه أحمد شعبان، أحد أطر شباب الإخوان، بأن أغلبية شباب الاخوان اتخذوا قرارا بحل تحالف دعم الشرعية الذي أثبت فشله، ولم يحقق أهداف الشعب، كما يقول شعبان، وسمح للانقلابيين بالتمادي في أعمالهم. وأضاف قائلا: تم عقد اجتماع بمشاركة شباب الإسلاميين لبحث تدشين تحالف جديد خلال أيام، واعلان اسم القائد الذي سيتولى قيادة التحالف الجديد والبديل عن تحالف دعم الشرعية الفاشل، ومن أولويات أهدافنا، الوقوف في مواجهة عنف الشرطة أثناء المظاهرات، ومواجهة انتخابات الرئاسة بكل السبل والوسائل. وكشفت مصادر من داخل الجماعة الإسلامية، أن اجتماعا عقد بين قيادات الجماعة الإسلامية القدامى، الدكتور عصام دربالة، وكرم زهدي، وعبود الزمر، وقيادات أخرى، وتم الاتفاق على تجميد عمل الجماعة وذراعها السياسية "حزب البناء والتنمية" داخل تحالف دعم الشرعية، في محاولة لإصلاح البيت من الداخل وعلاج أزمة الانشقاقات التي ضربت الجماعة الإسلامية مؤخرا بسبب تأييدها ودعمها لتنظيم الإخوان ودعم ما يسمى "شرعية" الرئيس المعزول محمد مرسي.
لا يمكن السقوط في الفخ مرتين
إذا كانت جماعة الإخوان وأبواقها الدعائية سواء الخاصة أو الموجهة من خارجها قد حاولت أو لا تزال تحاول أن تصور أن ما حدث في مصر بعد 30 يونيو 2013 كإنقلاب مناهض لإرادة الشعب، فإن وسائل إعلامية غربية كبيرة تكشف الحقيقة.
نظمت محطة الإذاعة الألمانية "دوتشيه فيليه" مع بداية شهر مايو لقاء ناقش في المتحدثان الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية، ومواقف الشعوب منها ونظرتهم إلى العلاقات مع كل من روسيا والولايات المتحدة.
ما أفرزه اللقاء له أهمية لأنه جاء من موقع إعلامي غربي هام لم يتورط بدرجة كبيرة في حملة توجيه وصياغة الأحداث على مقاس هؤلاء الذين يسعون إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير.
جاء في اللقاء أن أغلبية العرب يتعاطفون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقفه من أزمة أوكرانيا، ويرون فيه زعيما قويا يحفظ سيادة بلده وهو ما يفتقده كثيرون في بلدانهم، لكن قلة منهم ترى فيه ديكتاتورا يحاول إعادة الحياة لعهد ستالين.
بعد نحو ربع قرن من سقوط المعسكر الشيوعي، ما زال كثير من العرب يرى في روسيا امتدادا للحليف الاستراتيجي السوفيتي الذي دعم ما كان يدعى ب"قضايا الأمة العربية". بل أن كثيرا من العرب يرون في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زعيما يستعيدون من خلاله ذكرى زعامات قوية سيطرت على المنطقة واستطاعت أن ترسي إلى حد ما أركان دول ثابتة رصينة. وربما فسر هذا سر تعاطف الشارع والنخب العربية مع سياسة بوتين في أوكرانيا. وفي حديثه نظر الصحفي المصري إبراهيم منصور رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة التحرير إلى موقف بوتين من زاوية مصرية، معتبرا أن هناك ارتباكا عربيا تجاه ما فعله بوتين في أوكرانيا، كما ارتبك المصريون تجاه ما حدث في يونيو 2013، وهناك من يعتبر أن ما حدث في أوكرانيا هو انقلاب، في حين يراه البعض ثورة، بالضبط كما حدث في مصر.
وذهب الصحفي المصري إبراهيم منصور إلى مقارنة شخصية فلاديمير بوتين بشخصية الجنرال عبد الفتاح السيسي مبيّنا أن الرجلين كانا ضابطين، وكلاهما قاد أجهزة المخابرات في بلديهما، وكلاهما ظهر في مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ البلدين.
عربيا، يعتقد كثيرون اليوم أن الربيع العربي قد دخل مرحلة الخريف بل تعداها إلى الشتاء، وبدأ كل ما تمناه العرب من هذا الربيع يتساقط تباعا، ومع هذا الرأي اتفق د. إبراهيم أبراش وزير الثقافة السابق في حكومة السلطة الفلسطينية في حديثه مشيرا إلى أن الربيع العربي قد انكشف الآن، وقد اكتشفت النخب وحتى الشعوب العربية وهم ما يسمى بالربيع العربي. لا يمكن إن ينطلي على العرب أي خطاب أمريكي يجري في أوكرانيا، تأسيسا على هذا الانكشاف يرى أغلب العرب أن ما يجري في أوكرانيا هو محاولة لخلق الفوضى في تلك المنطقة. وهو ما ذهب إليه د. أبراش مشيرا بالقول العرب حين ينظرون إلى ما يجري في أوكرانيا يأخذون بعين الاعتبار ما يجري في بلدانهم، وبالتالي إذا كانت أكذوبة الربيع العربي قد مرت بداية على الشعوب العربية ثم انكشفت، فهم لا يمكن إن ينطلي عليهم أي خطاب أمريكي يجري في أوكرانيا.
العرب المتفقون تقريبا حول ما آل إليه الربيع العربي، أضحوا متفقين اليوم ضد ما يمكن تسميته بالربيع الأوكراني. ورغم أن الغرب يرى فيما يجري بأوكرانيا ثورة حقيقة، فإن العالم العربي شعوبا ونخبا يقارن بين الانهيارات والخراب الذي عم ويعم المنطقة العربية منذ 3 أعوام وبين ما تشهده أوكرانيا.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.