كثير من الوزراء لايبدو لهم أثر في الحياة السياسية، لا أقصد بحديثي جحافل الوزراء التكنوقراطيين الذين يثقلون حكومة من كان يعارض وجود التكنوقراط في الحكومات السابقة والذين كانوا بأعداد أقل مما هو موجود في الحكومة الحالية ، ولكني أقصد الوزراء السياسيين المنتمين إلى الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة. هم غائبون بالمطلق عن الحياة السياسية، يحرصون كل الحرص عن الامتناع عن الإدلاء بتصريحات إزاء الأوضاع و التطورات مما يطرح تساؤلات عميقة ومثيرة . غياب كثير من الوزراء و بعضهم لا زال المغاربة لايحفظون أسماءهم ولا القطاعات التي يشرفون عليها و بعض منهم استوزر لاعتبارات ترتبط بترضية أشخاص ذوي نفود، غيابهم يعني أنهم مجرد أجراء وليسوا شركاء -طبقا للمقولة الشهيرة للراحل معمر القذافي - في هذه الحكومة، بمعنى أنهم مجرد كائنات تقنية أو شبه تقنية مغلفة في إطار حزبي. كما أن لهذا الغياب تفسير سياسي صرف يفيد بأن كثير من الوزراء المنتمين لأحزاب الأغلبية المتحالفة مع حزب العدالة والتنمية يعتبرون أنهم ليسوا معنيين بالمعارك التي يفتعلها رئيس الحكومة و صقور حزبه مع مختلف الفئات والجهات، و أنهم يرفضون بأن يتم جرهم إلى ساحات الوغى التي يشعل فتيل المواجهات فيها أفراد قياديون من حزب العدالة و التنمية، وهذا ما يكشف عنه حرص الغالبية من الوزراء المنتمين إلى أحزاب الأغلبية الأخرى عن عدم معاضدة زملائهم من حزب العدالة و التنمية على الأقل بمساندة مواقفهم المعلنة، بل إنهم يتركون الحزب الأغلبي يلقى باستمرار مصيره المحتوم . من حق الرأي العام أن يفهم هذا السلوك الجدير بالدراسة و البحث والتحليل، و من حقه أن يعرف عما إذا كان هؤلاء الوزراء الغائبون، الأجراء يحرصون على هذا الغياب من تلقاء أنفسهم أم هناك اعتبارات و جهات ما هي التي تفرض عليهم أن لا يفتحوا أفواههم إلا حينما يزورون أطباء الأسنان .