تساءل الأستاذ الحسين الملكي عن السلطة القضائية في مشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية الذي أعدته وزارة العدل والحريات، مؤكدا أن هناك محاولة للالتفاف على الفصل 107 من الدستور الذي نص على أن : «السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية»،واختزال ممارسة هذه السلطة في القضاة،أي هناك قلب للمفاهيم وإرادة المشرع الدستوري . وأوضح الأستاذ الملكي، المحامي بهيئة الرباط، أنه إذا كان دستور 2011 قد تحدث عن السلط الثلاث في مكان واحد بعد أن كان الأمر يتعلق بمطلب حقوقي، فإنه أشار إلى اختصاصات وتأليف كل من السلطتين الحكومية والتشريعية وسكت عن تأليف واختصاصات السلطة القضائية، إلا أن ذلك لايعني مطلقا اختزال ممارستها من قبل القضاة، كما ورد في الفقرة الثانية من مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي نقلت إليه الاختصاصات الواردة في دستور 1996: وشدد الأستاذ الحسين الملكي في لقاء، نظمه منتدى المحامين بالمغرب أخيرا حول مشروع قانون المسطرة الجنائية أن القراءة الوارد في المادة الثانية أعلاه هي قتل للسلطة القضائية وقلب للمفاهيم، بل إن مسودة المشروع سدت الباب على المهن القضائية و المهن القانونية، بمن في ذلك المحامون، مطالبا بعدم التركيز كثيرا على الفروع وإعقال أمهات القوانين مع احترام تراتبيتها وانعكاس فلسفة الأعلى على الأدنى. في هذا الصدد أوضح المحاضر أنه تم خرق منهجية الدستور وعدم استحضار مفاهيمه بحمولات مهيكلة للدولة وتراتبية مؤسسات الدستور، حيث نص الفصل الأول منه في فقرته الثانية على أن:«النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، كما أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي هو مؤسسة دستورية هو من مكونات السلطة القضائية، وأن الفصل 113 منه حدد مهامه في السهر على الضمانات الممنوحة للقضاة، ووضع تقارير بشأن وضعية القضاة ومنظومة العدالة، وإصدار التوصيات الملائمة بشأنها، وكذا إصدار آراء مفصلة بناء على طلب حول كل مسألة تتعلق بالعدالة. ودعا الأستاذ الملكي إلى إعادة قراءة مضامين ومفاهيم دستور 2011 بشكل أساسي، مع استحضار الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011 بدلا من إسقاط مفاهيم وتصورات، مكرسة في إطار دساتير سابقة، بما فيها دستور 1996، وهو ما ينطبق أيضا على مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي تم الإشتغال عليه بعقلية ما قبل الدستور الجديد في غياب أي تقديم أو تصدير أو ديباجة، فضلا عن حفاظه على التقسيم والتبويب والعناوين السابقة، وتعقيد الإحالة على مواد نفس القانون، وحصر التعديلات في بعض المواد والحال أن المطلوب هو مراجعة شاملة. في هذا الإطار لم تتم الإشارة في مشروع قانون المسطرة الجنائية الى الإشارة حتى لفصول الدستور المنظمة لبعض الموضوعات، والواجب تضمينها من قبيل مسطرة إلقاء القبض والحق في الصمت، والحق في الاستعانة بمساعدة قانونية (الفصل 23 من الدستور)، ومنع انتهاك حرمة منزل، ومنع انتهاك سرية الاتصالات الشخصية (الفصل 24). وأكد الأستاذ الملكي ان عدم الإشارة إلى الدستور في مشروع قانون المسطرةالجنائية يُشكّل مخالفة صريحة لفصول الدستور وخرقا لقاعدة تراتبية التشريعات، حيث نص الفصل 6 منه على أنه:«تعتبر دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها ووجوب نشرها مبادئ ملزمة» .كما أن منطق التشريع وترابط القوانين وانسجامها يستلزم بالضرورة الاشتغال على تراتبية القوانين، الشيء الذي يوجب الحسم أولا في القوانين التنظيمية كالجهوية المتقدمة والقانون الأساسي للقضاة وترسيم اللغة الأمازيغية... وليس عدم دخول البيوت من أبوابها.