قد نكن الاحترام لشخص المحجوبي أحرضان لأنه إنسان وجب علينا تقديره واحترامه، وأنه مواطن مغربي يتمتع بجميع شروط وحقوق المواطنة الكاملة، وهذا يجب أن يكون محل تقدير واحترام أيضا. لا أدري لماذا لا أصنف ذاكرة الرجل ضمن ما يجب أن يكون محترما في الرجل؟ ربما لأن الذاكرة تستحضر ما جرى في الماضي، وأنه حينما نعود إلى سجل هذا الماضي نجد ما يبرر عدم الاحترام هذا، إذا لم يصل الأمر حد التألم مما ساهم به الرجل في انتاج ذلك الماضي الذي نعاند اليوم في تجاوز مخلفاته، أو لنقل إنه كان مساهما من موقعه في انتاجه. لذلك لا أقدر ما يصدر عن الرجل حينما يتكلم عن الماضي، لأني متيقن أن المحجوبي أحرضان يفتقد إلى القدرة على التسلح بالاستقلالية والموضوعية في استظهار أحداث ووقائع الماضي؛ وأنه يقوم بذلك بخلفية معينة كانت لدى المحجوبي أحرضان ولدى الذين اشتغلوا به في الماضي تستند إلى تبخيس الحركة الوطنية وتتفيه رجالاتها ونسائها حتى لايبقى في الصورة إلا أحرضان ومن شابهه في زمانه. أحرضان لم يكن ضمن لائحة الموقعين على وثيقة الاستقلال، أحرضان لم يذكر التاريخ يوما أنه قاد عملية ضد الاستعمار لا حتى حضر اجتماعا لخلية من خلايا المقاومة وهو يعرف وكثير ممن جايلوه يعرفون أين كان أحرضان آنذاك، أحرضان لم يفتح فاه بكلمة اثناء نفي محمد الخامس، ولم ينطق بكلمة تغضب بن عرفة والذين نصبوه، أحرضان لم يظهر في الصورة إلا بعد أن حصلت البلاد على استقلالها وكان من الأشخاص الذين استفادوا من ثمار الاستقلال رغم أنه لم يساهم في حرث أو زرع بذوره. لذلك حينما يتحدث اليوم عن رجال عظام مثلوا عقدة لبعض الجهات من قبيل علال الفاسي والمهدي بن بركة وبنسعيد أيت يدر وغيرهم كثير فإنما يزيدني حبا وتقديسا لعدم احترامي لذاكرته المشحونة بوقائع كان طرفا فيها مكلفا بمهام. ومع ذلك احترم بساطة الرجل، بساطته في كل شيء حتى في قدرته على التحليل والتنظير.