الحكومة الحالية تعيد إنتاج نفس ممارسات الماضي، رغم أنه لا مجال للمقارنة بين ذاك الماضي وهذا الحاضر بسبب المستجدات السياسية والدستورية التي عرفها المغرب خلال السنين القليلة الفائتة والتي مكنت من إفراز مؤسسات دستورية أكثر قوة من نظيرتها في السابق. وحينما تصر الحكومة على إعادة إنتاج نفس الممارسات الماضية فإنها تعمل على إعادة إنتاج نفس نتائج الماضي التي تسببت فيما تسببت فيه من مآسي. هكذا فوجئ النواب يوم الثلاثاء المنصرم بتوصلهم باستدعاء لحضور اجتماع لجنة الداخلية بمجلس النواب لتقديم مشروع قانون انتخاب مجلس النواب و إجراء المناقشة العامة في نفس الوقت. وعلق أحد النواب على هذا الأمر مازحا أن الحكومة تواضعت كثيرا مع النواب أعضاء اللجنة لأنها لم تضف في جدول أعمال اجتماع هذه اللجنة تقديم التعديلات و التصويت عليها. تماما هذا ما كان يحدث في السابق حيث تنتظر الحكومة الأمتار الأخيرة المتبقية نحو المحطة الأخيرة في المسلسل الإنتخابي لتفاجئ الطبقة السياسية بفتح المنظومة القانونية الإنتخابية، مما لم يكن يساعد في السابق على تجويد وتحسين هذه القوانين، لأن الزمن التشريعي لم يكن يساعد على ذلك وكان يقع التسرع للانتهاء من دراسة هذه القوانين في ظروف يطبعها الارتجال. والحقيقة فإن الاعتماد على هذه المنهجية لم يكن من قبيل الصدفة بل كان يندرج في سياق مخطط مدروس يفضي إلى نتائج متحكم فيها ومضبوطة. اليوم، حينما تنتظر الحكومة و خصوصا وزارة الداخلية كل هذا الوقت لتفاجئ المغاربة قبل أيام قليلة بتقديم مشروع قانون يتعلق بانتخاب مجلس النواب وتطلب من النواب السرعة في الإنجاز وهي التي لم تسرع في الإنجاز، وستواصل الضغط على المؤسسة التشريعية بكل ما أوتيت من قوة بتبرير أن عامل الوقت يضغط مما سيشكل إكراها حقيقيا على المسطرة، وبذلك فإن المغاربة يجدون أنفسهم أمام الماضي الأليم الذي يعاندون اليوم من أجل تجاوز مخلفاته. وهذا ما يشكل هاجسا مخيفا لانتخابات قادمة بدأت تلوح مؤشرات حقيقية على أنها ستكون مخدومة بطريقة (ديمقراطية جدا).