أصبحت مطالب العديد من الجهات السياسية والاجتماعية والحقوقية، تلوح في أفق إجراء تغييرات شاملة، وتعديلات تتمشى مع التحولات المجتمعية المغربية الحديثة، نظرا لما أسفرت عنه مدونة الأسرة من اختلالات عملية خلال تجربة دامت قرابة عشرون سنة. هذه الاختلالات اختلف بشأنها العديد من الفاعلين حول ما إذا كانت في الحقيقة "أزمة نص أم أزمة تجربة عملية"، نظرا لعدة ثغرات كشفها مراقبون في المجال الأسري، وعلى رأسها أزمة تزويج القاصرات وحضانة الأطفال بالإضافة إلى تعدد صور التطليق وأيضا النفقة وغيرها من الإشكاليات المطروحة بقوة في المشهد الاجتماعي المغربي.
في هذا السياق، قالت خديجة الروكاني، محامية بهيئة الدارالبيضاء وناشطة حقوقية، إن "مدونة الأسرة تطرح مجموعة من الإشكاليات لا من الناحية النظرية أو التطبيقية على المستوى العمل القضائي"، مشيرة إلى أنه "لابد من إجراء تغيير شامل لهذه المدونة لعدة أسباب، وأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعلن سنة 2003 على وضع قانون جديد للمدونة، مبني على المساواة بين الرجل والمرأة وكذلك على مفهوم جديد للزواج والتوازن بين مكونات الأسرة".
وأضافت خديجة الروكاني، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المادة 4 من المدونة أعطت تعريفا للزواج بأبعاد نبيلة وأخلاقية وأيضا أنها نصت على أن المسؤولية مشتركة بين الزوجين"، موضحة أنه "نجد في مجموعة من مقتضيات الأسرة تضرب في عمق هذا النص القانوني".
"من بينها المادة المتعلقة بالولاية عن الأبناء التي تعتبر حقا مطلقا للأب، وأن أغلب القضايا الإستعجالية بالمحكمة الإجتماعية بمدينة الدارالبيضاء ترفعها الأمهات ولها صلة بهذا الموضوع، سواء من المطلقات أو المتزوجات"، تقول المتحدثة، مضيفة أن "هذا السلاح يمتلكه الزوج في أخذ جميع القرارات المتعلقة بمسار الطفل، وهذا يعتبر ظلما كبيرا وضرب للمساواة، لأن الولاية في الحقيقة يجب أن تكون مشتركة بين الزوجين وأن في حالة الطلاق من يملك مسؤولية الحضانة هو الذي يجب أن يتوفر على هذا الأمر".
وزادت: "من بين الإشكالات الأخرى نجد النفقة وأن المعدل المحكوم به في هذا الإطار هو 400 درهم، هو معدل هزيل جداً نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي تعرفها أغلب الأسر المغربية، لذلك يجب إجراء تغيير طفيف على المبلغ المحدد للنفقة، علما أنه هناك خروقات من طرف الرجال أثناء تقديم التصريحات إلى المحكمة فيما يتعلق بالاجر الذي يقبضه".
ولفتت الروكاني إلى أنه "هناك حلول يجب الأخذ بها وأيضا هناك اجتهادات قوية مع الاعتماد على الخبرة القضائية، وأن القانون ينص على أخذ بعين الاعتبار الوضعية السابقة لكن لم تحقق العدالة الأسرية"، مبرزة على أنه في إطار "النفقة يمكن استخدام أو تفعيل مؤسسة المساعدة الاجتماعية التي يمكنها إجراء أبحاث ميدانية، وأيضا استقصاء الحقيقة من طرف الجيران أو المدرسة التي يدرس فيها الطفل".
وبخصوص ظاهرة الطلاق قالت المحامية، إن "مساطر الطلاق والتطليق تتضمن العديد من الإشكالات كالطلاق الخلعي باعتباره مسطرة متجاوزة لأنها قائمة على التمييز والابتزاز وأصبح الطلاق الاتفاقي كافي لحل المشكل"، مشددة على أنه هناك "مساطر عديدة للتطليق، كالتطليق للضرر والغيبة والايلاء والهجر، لم تعتمد في المحاكم ولم تمارس من طرف الجهات المختصة في ذلك".
أما بخصوص الحضانة اعتبرت المتحدثة نفسها أن أسباب "إسقاط الحضانة فيها تمييز بين الزوج والزوجة، والأم إذا تزوجت تسلب منها الحضانة، أما الأب إذا تزوج حتى 4 مرات تبقى الحضانة قائمة، وهذا يشكل تمييز كبير بين الطرفين إضافة إلى التحايلات التي أصبحت ترتبط بحرية المرأة".
وشددت خديجة الروكاني أن "أسوء مادة في مدونة الأسرة من ناحية التطبيق، وهي المادة 40 والتي تنص على اقتسام الممتلكات، التي تتضمن تحايلات في الشق التطبيقي بسبب غياب انسجام في المنظومة التشريعية".
وخلصت المتحدثة عينها إلى أنه "نطالب بإلغاء المقتضيات القانونية التي تنص على التعدد، لأنه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، مثال دولة تونس التي تمنع تعدد الزوجات لأن من أفشل المؤسسات الإجتماعية في العالم هي مؤسسات الزواج".