ارتفاع في سعر صرف الدرهم مقابل الأورو خلال أسبوع (بنك المغرب)    الصويرة : دورة تكوينية لفائدة أعوان التنمية بمؤسسة إنماء    الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لها للمشاركة في إدارة غزة    الأضواء القطبية المذهلة تنير السماء لليلة الثانية على التوالي    سقوط 63 قتيلا في يوم واحد بقطاع غزة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان والزمالك المصري    بطولة فرنسا.. مبابي يخوض مباراته الاخيرة بملعب "بارك دي برانس" بألوان سان جرمان    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    بعدما سلم نفسه.. المالكي يمثل أمام النيابة العامة    المغرب يشارك في تدريبات "الأسد المتأهب" العسكرية بالأردن    ورشة حول التربية على حقوق الانسان والمواطنة    المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.. تقديم نتائج مشروع دراسة مكتب العمل الدولي المتعلقة بالتقييم الاكتواري لمنظومة التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب    "الأسرة وأزمة القيم" بين حقوق الإنسان الكونية والمرجعية الدينية    الصين تطور أول نظام للهيدروجين السائل المركب بالسيارات من فئة 100 كيلوغرام    الخوف من القذافي وإلغاء مقابلة شارون..كريشان يكشف كواليس محاورته لزعماء دول    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل59 مرشحا للهجرة السرية    مراكش.. عرض "قفطان 2024" في نسخته الرابعة و العشرين يبرز غنى وأصالة القفطان المغربي    مذكرة توقيف تلاحق مقدم برامج في تونس    بعد إلغاء حفل توقيع رواياته.. المسلم يعد جمهوره بجولة في المدن المغربية    خريبكة .. افتتاح فعاليات المهرجان الدولي للسينما الإفريقية في نسخته ال24    دول الاتحاد الأوروبي بين مطرقة شعوبها وسنداد البيت الأبيض الأمريكي    الهلالي يشارك في الاجتماع الاستثنائي للمجلس العالمي للتايكوندو بكوريا الجنوبية..    شاب نواحي الحسيمة ينهي حياته بربط نفسه بجذع شجرة    غوتيريش يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة    البطولة الوطنية.. ترتيب أندية القسم الثاني    تحديد موعد مباراة المغرب وزامبيا في تصفيات "المونديال"    المغرب يتوفر على 6 مختبرات للكشف عن الجريمة الرقمية (مسؤول مكتب الجريمة السبرانية في الفرقة الوطنية)    مطالب بوقف "التطبيع الأكاديمي" بين المغرب وإسرائيل    عائلات المغاربة المحتجزين بتايلاند تنتقد صمت الحكومة    يوسف النصيري يوقع الهدف ال 15 له في الدوري الإسباني هذا الموسم    بعد استغلالها لمصالحه الشخصية.. الوزاني يسحب سيارة الجماعة من مستشار بالاغلبية.. ومضيان يثمن القرار    زلزال قوي يضرب إيران    مصممة أزياء: القفطان يجسد رمز عظمة وغنى تاريخ المغرب العريق    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    مطالب نقابية بإقرار منحة لعيد الأضحى    النسر الأخضر الرجاوي يحوم في سماء الملعب الكبير بأگادير ويصطاد غزالة سوس أربعة مرات    سيطرة مغربية في "الترياثلون الإيكولوجي"    مجلس الأمة الكويتي … المأزق بين السلطة التنفيذية والتشريعية    ثلاثة وزراء ثقافة يكرّمون أحمد المديني رائد التجريب في الأدب المغربي    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    طوابير تنتظر المسلم في معرض الكتاب    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارتيل الضفادع : كيف سعى إسكوبار لتركيع الحكومة الكولومبية

يحكي كتاب « كارتيل الضفادع» EL CARTEL DE LOS SAPOS القصة الحقيقية ، غير المعروفة قبل ذلك ، عن أحد أكبر كارتيلات المخدرات في العالم ، «كارتيل شمال الفاجي» EL CARTEL DEL NORTE DEL VALLE ، الذي استقى اسمه من مقاطعة VALLE DEL CAUCA والتي تقع في الجنوب الغربي لكولومبيا وعاصمتها مدينة كالي CALI .
امتلك «كارتيل شمال الفاجي» قوة وخطورة لا تقل عن «كارتيل ميدلين» الذي كان يتزعمه بابلو إسكوبار ، كما امتلك نفوذا وثروة لا تقل عن « كارتيل كالي » الذي كان يتزعمه الشقيقان هيلبيرطو وميغيل أنخيل رودريغيز أوريخويلا ، خصوصا أنه كان الوريث الذي خلفهما والذي تمكن من احتكار تهريب الكوكايين ووسع مجال نفوذه ليشمل المكسيك ، فنزويلا ، الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية ، الشيئ الذي جعل منه العدو والهدف الأول لوكالات مكافحة المخدرات ، رغم محاولات زعمائه الحفاظ على أسراره .
الكتاب الذي ألفه « أندريس لوبيز لوبيز» ، والذي نشر سنة 2008 ، كشف هذه الأسرار ، خصوصا أن المؤلف كان أحد أعضاء هذا الكارتيل ، قبل أن يسلم نفسه إلى الولايات المتحدة ، ويعكف من داخل زنزانة تحت حراسة مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ، على إعادة رسم الصورة الكاملة لصعود وانهيار أخطر منظمة مافيوزية في العالم ، والتغلغل إلى أعماق هذا العالم الدموي ، حيث الثروة والسلطة تتقاسمان الأدوار ، وحيث البذخ والنساء مرادفان للانتقام والاغتيالات ، وقد ألهمت الروايات التي تضمنها الكتاب قناة تلفزية كولومبية مما دفعها إلى انتاج مسلسل هذه السنة يستقي بعضا من فصولها ، مع تغيير الأسماء والأماكن ، لاقى نجاحا ملفتا في أمريكا اللاتينية .
في هذه السلسلة جرد لأهم ما جاء في هذا الكتاب بالمعطيات والأسماء والأماكن الحقيقية التي تضمنها .
عندما قرر بابلو إسكوبار الإنتقام وتوجيه ضربة إلى كارتيل كالي ، لم يكن يدرك أنه سيرتكب خطأ قاتلا سيؤدي ثمنه غاليا ، ذلك أنه في تلك الفترة كان يخوض حربا موازية مع الحكومة ، وكان يفترض أنه إذا لم يكسب الشقيقين رودريغيز أوريخويلا إلى جانبه ، فعلى الأقل ضمان حيادهما .
ففي الوقت الذي كان إسكوبار يبني استراتيجيته على ترهيب وتخويف السلطة لتدعه وشأنه ، كان كارتيل كالي يبني استراتيجيته على إرشاء هذه السلطة وكسب ودها ، أي استعمال سلاح المال الذي لا يقهر ، عكس السلاح الناري .
سيصبح إسكوبار العدو رقم 1 للحكومة الكولومبية وللولايات المتحدة ، في الوقت الذي كان كارتيل كالي يشتغل بهدوء دون إثارة الضجيج ، وهو ما جعله يستمر على قيد الحياة لسنوات ، إذ لم تسلط عليه الأضواء إلا بعد أن تمكن فريق يتكون من نخبة الجيش والشرطة في كولومبيا ، بتأطير ودعم لوجيستيكي أمريكي ، من قتل إسكوبار . وهكذا عندما سيتم إلقاء القبض على زعماء كارتيل كالي منتصف التسعينات ، عندها فقط سيدرك الرأي العام مدى حجم التأثير الذي كان يمارسه ، حيث ظهرت وثائق تؤكد أنه كان يمول الحملات الانتخابية ويخصص رواتب خيالية لجزء هام من الطبقة السياسية الكولومبية ، بينهم رؤساء للجمهورية وأعضاء في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ورؤساء مقاطعات وعمداء مدن....إلخ
وبالعودة إلى تفاصيل الحروب التي خاضها إسكوبار ودفع حياته ثمنا لها ، يخبرنا المؤلف أنه عندما قرر توجيه ضربة انتقامية إلى كارتيل كالي ، كان في أوج المواجهة مع الحكومة الكولومبية ، ففي 18 غشت 1989 أمر باغتيال أحد أكبر زعماء الحزب الليبرالي ، لويس كارلوس غالان ، الذي كان آنذاك يخوض الحملة الانتخابية الرئاسية حيث كانت مختلف المعطيات تؤكد أنه سيفوز بها بسهولة ، ومما جلب عليه عداء زعيم كارتيل ميدلين ، خطابه العدائي ضد مافيا المخدرات .
بعد سنة من ذلك ، وبالضبط في 25 شتنبر 1990 ، كانت الخطة قد أصبحت جاهزة لتوجيه ضربة إلى كارتيل كالي . كانت الخطة تقضي بشن هجوم على مزرعة « كاندلاريا» التي كان يملكها « هيلمير باشو هيريرا» في مقاطعة « الفاجي» حيث وصلت معلومات إلى إسكوبار تفيد أنه ذلك اليوم سيكون في مزرعته وسيخوض مباراة في كرة القدم . تكلف بالعملية إثنان من رجال إسكوبار ، قاما بحمل السلاح وإخفاءه في مزرعة يملكها شخص يدعى « ليونيل» ، دون أن يدرك هذا الأخير ما كان يتم التخطيط له .
أصبحت مزرعة « ليونيل» قاعدة انطلاق للعملية ، وهناك التحق قتلة محترفون تم تأجيرهم للقيام بهذه المهمة ، وفي اليوم الموعود تم شن الهجوم على مزرعة « هيلمير باشو هيريرا» والهدف الرئيسي هو اغتيال هذا الأخير .
توجه المهاجمون إلى الملعب وبدأوا إطلاق النار ، لكنهم لم يستطيعوا تمييز « باشو» من بين المشاركين في المباراة ، وفي الحقيقة ، لم يكن باستطاعتهم ذلك لأن الرجل كان يتابع المباراة من المدرج ولم يكن مشتركا فيها .
قتل في الهجوم 13 شخصا من رجال « باشو» واثنين من رجال إسكوبار ، وعندما وصلت الشرطة كان المهاجمون قد انسحبوا إلى مزرعة « ليونيل» ، أما باشو الذي لم يصب ، فقد أخرجه رجال الشرطة من المزرعة وهو متخفي حتى لا يتعرف عليه الصحفيون الذين حلوا بعين المكان لتغطية الحدث ، وبالتالي لن يعلم إسكوبار بخبر نجاته .
أحدث الهجوم ضجة في كولومبيا ، وسلطت عليه الأضواء وعندها عرف « ليونيل» خطورة ما قام به حين قبل بجعل مزرعته ملجأ للمهاجمين ، لكن لم يكن بمقدوره إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ، ولم يتبقى له سوى التشبت بأمل أن لا يصل الخبر إلى زعماء كارتيل كالي .
غير أن القتلة الذي استأجرهم إسكوبار لم يكونوا ملتزمين بقانون الصمت كما هو شأن عناصر الكارتيل ، وبالتالي بدأ الخبر ينتشر ، وسيتأكد منه « باشو» بطريقة لا تترك مجالا للشك ، ذلك أنه كان يملك مخبرين بشركات الهاتف ، وعن طريقهم توصل بتفاصيل المكالمات التي كان يجريها رجال بابلو إسكوبار وكيف وأين تم إخفاء الأسلحة ، وهكذا سيتم اختطاف « ليونيل» وإخضاعه لتعذيب قاسي جعله يعترف بكل ما حدث ويعطى الأسماء الكاملة والمكان الذي كانت فيه الأسلحة ، معلومات مكنت كارتيل كالي من إحباط أول محاولة لاختراقه . أما « ليونيل» فقد لاقى مصيره المحتوم ، حيث أمر « باشو» بقتله ورمي جثته في نهر « الكاوكا» .
إذا كان من السهل إطلاق شرارة حرب ، فإن توقع نتائجها صعب ، هكذا كان الأمر بالنسبة لحروب إسكوبار ، فالحرب التي شنها على الدولة كانت مكلفة ماديا وبشريا للطرفين ، وهي الفترة التي عرفت في كولومبيا ب« سنوات الإرهاب» .
لم يكن إسكوبار يخشى الاعتقال ، لكنه كان يرتعد خوفا من النتيجة الحتمية لاعتقاله : ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
زعيم كارتيل ميدلين كان بمقدوره حتى لو اعتقل داخل كولومبيا أن يواصل حياته المعتادة بنفس البذخ والرغد ، وأهم من ذلك ، مواصلة الإشراف على شؤون إمبراطوريته ، وهو ما لن يتسنى له لو رحل إلى الولايات المتحدة التي كانت تتعقبه من أجل جرائم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد ، عكس كولومبيا التي لم تكن عدالتها تتوفر على أدلة قاطعة على نشاطاته الإجرامية .
في تلك الفترة ، كان الدستور الكولومبي يسمح بترحيل المواطنين الكولومبيين إلى دول لها معها معاهدة في هذا الشأن من أجل محاكمتهم ، وعلى رأسها الولايات المتحدة ، وهكذا طلب إسكوبار من رئيس الجمهورية آنذاك ، سيزار غافيريا ، تعديل هذا البنذ الدستوري مقابل أن يسلم نفسه ويعترف ب«بعض» الجرائم التي تسمح للعدالة بمتابعته ، لكن غافيريا رفض ، مما دفع بإسكوبار إلى شن « حرب شوارع» ضد الحكومة .
تفاصيل هذه الحرب كثيرة ومؤلمة ، حيث خلفت العديد من الضحايا الأبرياء ، وهي وحدها تكفي لتأليف العديد من الكتب ، لكن الأساسي هنا ، في هذا الكتاب الذي خصصه المؤلف ل« كارتيل شمال الفاجي» ، هو أنها كانت السبب في انهيار كارتيل ميدلين الذي يعتبر « كارتيل شمال الفاجي» وريثه .
بدأت السيارات المتفخخة تنفجر تباعا في بوغوطا ، أما في ميدلين ، معقل إسكوبار ، فقد أصبح تعقب رجال الشرطة والقضاة والصحافيين واغتيالهم هواية إسكوبار المفضلة ، كما قام باختطاف عشرة صحافيين مشهورين في البلاد ، بينهم « ديانا تورباي» ابنة رئيس سابق للجمهورية من أصل لبناني ، خوليو سيزار تورباي أيالا ، وهي القصة التي ألهمت الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز وخصص لها رواية بعنوان « قصة اختطاف» ، وكان إسكوبار يسعى من خلال كل هذه الأعمال الوحشية لتركيع الحكومة ، وهو ما سيحصل ....لبعض الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.