بعد إلغاء موريتانيا الزيادة في رسومها الجمركية.. أسعار الخضر والفواكه مرشحة للارتفاع            برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية بولندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    جنازة الحقوقي عبد العزيز النويضي عصر اليوم في مقبرة بجماعة واد الشراط    حرية الصحافة.. المغرب يحقق تقدما كبيرا في التصنيف العالمي والصحافة المستقلة باتت مهددة بالانقراض بالجزائر    مندوبية التخطيط: ارتفاع معدل البطالة إلى 13,7 بالمائة خلال الفصل الأول من 2024    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا للشهر الثاني على التوالي    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    مراسلون بلا حدود عن 2024.. ضغوط سياسية على الاعلام والشرق الأوسط "الأخطر"    بركة يعلن عن خارطة طريق للبنيات التحتية استعدادًا لكأس العالم 2030    جدول مواعيد مباريات المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    لقجع يعلن انطلاق مشاريع مونديال 2030    ملف "اليملاحي".. "جرائم الأموال" بالرباط تقضي بعدم الاختصاص وتعيده إلى ابتدائية تطوان    بنموسى : إصلاح المنظومة التربوية الوطنية ورش استراتيجي يتطلب تعاون جماعي    انطلاق خدمات 14 مركزا للرعاية الصحية الأولية بجهة فاس مكناس    رسميا.. النادي القنيطري يتعاقد مع عبد الرحيم شكيليط خلفا للمدرب الساخي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في الذكرى 42 لتأسيسها.. الإيسيسكو تواصل النهوض برسالتها الحضارية وتلبية تطلعات دولها الأعضاء بمجالات اختصاصها    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل زعيم الحركة النقابية الوطنية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 09 - 2010

فقدت الحركة النقابية المغربية بوفاة الراحل المحجوب بن الصديق (20 فبراير 1922 17 سبتمبر 2010 ) رمزا وطنيا وقائدا تاريخيا فذا. فقد أدرك منذ اقتحامه معترك النضال النقابي في مقتبل شبابه، أولوية الكفاح في سبيل الاستقلال، وضرورة التحام الحس الوطني لدى العمال المغاربة بوعيهم الطبقي، وأنه من الخطأ كما قال « أن نأمل في إمكانية إحداث أي تغيير في أحوال العمال، طالما لم نغير النظام الاستعماري القائم ». في سنة 1946 أصبح رئيسا لمحطة السكك الحديدية بسيدي قاسم، لكنه كان في نفس الوقت ينظم الخلايا الاستقلالية في صفوف العمال وينشر مقالات صحفية باللغة الفرنسية ذات طابع سجالي مع الشيوعيين حول الحماية النقابية والحماية السياسية أو ما كان يدعو إليه من ضرورة تأسيس النقابة الوطنية في مواجهة النقابة الاستعمارية. وهو سجال كلاسيكي معروف لدى الحركات الوطنية ضد التصور الأممي التقليدي عند الحركات الماركسية. كما كان الراحل يستنكر في هذه المقالات التمييز في الأجور والحقوق الاجتماعية بين العمال الأوروبيين والعمال المغاربة، بالإضافة إلى الميز في ممارسة الحريات النقابية. ذلك أنه رغم وجود النقابات الفرنسية بالمغرب منذ عام 1930 ، وبصفة خاصة الكنفدرالية العامة للشغل التي تأسست بمبادرة من المناضلين النقابيين الشيوعيين؛ فإن العمال المغاربة لم يكن مسموحا لهم قانونيا بالانضمام إليها، فقد صدر في سنة 1936 ظهير يمنح الحق النقابي للعمال الأوروبيين، لكن نفس الظهير أوضح بأن ذلك الحق لا يشمل العمال المغاربة، بل صدر نص آخر في دجنبر 1938 يعتبر انضمام العمال المغاربة إلى النقابة الفرنسية بمثابة جنحة يعاقب عليها القانون. وبذلك بدأ نضال العمال المغاربة من أجل الحق النقابي وممارسة الحريات النقابية من دون قيد أو شرط. وكان هذا الموقف منطلق كفاحهم من أجل تكوين تنظيمهم النقابي الوطني من جهة، وتحقيق تحررهم من النظام الاستعماري من جهة ثانية. مما جعلهم يدركون، كما يقول الفقيد « أن طريق النقابية الوطنية يمر حتما بالوطنية النقابية». وقد كان الراحل جذريا في سجاله مع الشيوعيين، ويرجع ذلك إلى تشبعه القوي بالروح الوطنية وإيمانه الديني. هكذا أصبح المحجوب بن الصديق المعبر بوضوح عن الموقف الاستقلالي داخل الحركة النقابية.
في مارس من سنة 1951 توجه الفقيد إلى تونس لحضور أشغال المؤتمر الوطني للاتحاد العام للعمال التونسيين، وهي وإن كانت رحلة عادية، لكنها كانت وقتذاك تحد للسلطة الاستعمارية. « وإني لا زلت أتذكر المرحوم فرحات حشاد، يقول المحجوب بن الصديق، وهو يدافع خلال المؤتمر عن استقلال الاتحاد العام للعمال التونسيين، ويعلن عن انتساب النقابية التونسية إلى الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة CISL ، فيجعل بذلك حدا لعهد الحماية النقابية بتونس» وقد سمح هذا المؤتمر للراحل بعقد لقاء مع وفد هذه المنظمة الدولية التي لم يكن قد مضى على تأسيسها سوى بضعة شهور.
في صيف نفس السنة، كان حضور المحجوب بن الصديق لافتا في التجمعات الاستقلالية التي نظمت من أجل المطالبة بالاستقلال ووضع حد لنظام الحماية، فتعرض بذلك للاعتقال، وصدر في حقه حكم بالسجن سنتين، لكنه غادر السجن قبل إنهاء مدة العقوبة، ليجد نفسه بعد فترة قصيرة أمام أحداث متسارعة، إذ أقدم غلاة الاستعماريين على اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد بتونس يوم 5 دجنبر 1952 ، وقد أصدر على إثر ذلك الاتحاد العام للنقابات الموحدة بالمغرب UGSCM نداء نشرته جريدة «العلم» يوم سابع دجنبر، تضمن دعوة إلى جعل يوم 8 دجنبر يوم إضراب عام وحداد وطني ضد جرائم النظام الاستعماري ومن أجل استقلال شمال إفريقيا. لكن سلطات الإقامة العامة واجهت إضرابا عماليا سلميا بقوة الحديد والنار، فاستشهد عشرات العمال، واعتقل المئات منهم، وقد ظهر المحجوب بن الصديق في هذه الانتفاضة كقائد بارز، وقد تعرض لتعذيب وحشي وأحيل على المحكمة العسكرية، فأكمل بذلك مساره النضالي كقائد نقابي بعد أن فرض نفسه كقائد سياسي.
وقد تميزت فترة اعتقاله بتوجيه مذكرة من خمسين صفحة إلى الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة CISL يؤكد فيها المحجوب بن الصديق أن الحركة النقابية الوطنية منطلقة بقوة من أجل تأسيس منظمة نقابية مستقلة تؤطر العمال المغاربة من أجل وضع حد نهائي للحماية النقابية والسياسية بالمغرب.
في سبتمبر من سنة 1954 أصدرت المحكمة العسكرية قرارا بعدم المتابعة في حق النقابيين، فغادر الراحل السجن من أجل تحقيق هدف العمال المغاربة في تأسيس تنظيمهم النقابي الوطني. هكذا فإن «الاتحاد المغربي للشغل» الذي كان لا يزال في طور التكوين، أعلن في بلاغ يوم 16 يناير 1955 : « أن أي حل لما كان يسمى بالأزمة المغربية، مرهون بعودة جلالة الملك محمد الخامس إلى عرشه، وبالاعتراف بالسيادة الوطنية.» وبنفس الإصرار سبق للاتحاد، وهو آنذاك منظمة محظورة، أن أكد على «أن الشعب المغربي يطالب بالإجماع بعودة ملكه ».
وقد أهاب نداء 20 مارس 1955 الذي أعلن ميلاد الاتحاد المغربي للشغل، بجميع العمال إلى التحرر من التحيزات الوخيمة والعتيقة التي هي وليدة نظام سالف، ودعاهم إلى الاتحاد حتى يتمكنوا من الكفاح من أجل: الحق في العمل، القضاء على البطالة، أجور ملائمة، الضمان الاجتماعي، عقود جماعية، توزيع خيرات البلاد توزيعا عادلا، احترام حقوق الإنسان، نظام ديموقراطي.
يعتبر المحجوب بن الصديق أن تأسيس الاتحاد المغربي للشغل كان حدثا تاريخيا عظيما، ذلك أن تأسيس تنظيم عمالي بالنسبة لكل حركة نقابية أصيلة ليس تحقيقا لرغبة فردية أو رهان حزبي أو قرار إداري، بل هو استجابة لضرورة تاريخية. فهو نتاج مسلسل تاريخي نضالي وجماهيري دام سنوات وقدمت خلاله الطبقة العاملة المغربية أروع الأمثال في التضحية والفداء، وهو بالإضافة إلى ذلك يمثل الانتصار وكسب أول معركة في سبيل التحرر الوطني.
وبتأسيس الاتحاد المغربي للشغل أنهى المحجوب بن الصديق الشوط الأول من نضاله النقابي والسياسي، وحاز تقدير إخوانه وخصومه، وكسب، وهذا هو الأهم، ثقة العمال المغاربة، وتوطدت مكانته التاريخية كزعيم للحركة النقابية الوطنية.
عضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.