كشف تقرير جديد أصدره المجلس الأعلى للحسابات عن العديد من الاختلالات التي تشوب تدبير الجبايات المحلية في المغرب و تحول دون تأدية وظيفتها في دعم التوازنات المالية للجماعات الترابية. وعلى الرغم من كون الجبايات والرسوم المحلية والتي ناهزت العام الماضي 20.2 مليار درهم تشكل العمود الفقري للجماعات الترابية غير أن أسلوب تدبيرها وإدارتها كان موضوع انتقاد مفصل من طرف قضاة ومفتشي المجلس الأعلى . وعزا التقرير مكامن الخلل في تدبير الرسوم المحلية إلى غياب نظام للحكامة قادر على تدبير الجبايات المحلية في مختلف أبعادها ، وتتجلى هذه النواقص بشكل أكبر على مستوى المصالح الجبائية للجماعات التي يظل عملها محدودا بالنظر إلى غياب سياسة جبائية بالمعنى الدقيق للكلمة، وإلى محدودية تنظيم مسار عملية التضريب وكذا إلى غياب البنيات اللازمة لتطبيق الرسوم المحلية بشكل فعال. وانتقد التقرير غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في عملية تدبير الجبايات المحلية، وفق مساطر محددة ومتفق عليها، مما يعزز بعض مظاهر القصور على مستوى الإدارة الجبائية المحلية. وأوضح المجلس الأعلى للحسابات أن تدبير الجبايات المحلية سواء تعلق الأمر بالرسوم المحلية المدبرة من طرف الدولة أو تلك المدبرة من طرف الجماعات، يعاني من عدة نواقص تطبع مجالاته الأفقية، خاصة ما يتعلق بالاستراتيجية والتنظيم والتسيير، وبصفة عامة كل الجوانب العملية المشتركة بينها ،حيث تبقى إدارة الرسوم المحلية رهينة بالبنيات التنظيمية التي تتولى تدبير الجبايات المحلية في مختلف مراحلها وكذا بأنظمة المعلومات التي توفر المعطيات الضرورية وتمنح للمستعملين الوسائل الملائمة لإرساء تدبير جبائي أكثر فعالية. وسلط التقرير الضوء على الإشكاليات التنظيمية التي تطرح بحدة أكبر عندما يتعلق الأمر بالرسوم المدبرة مباشرة من طرف الجماعات والتي تعرف عجزا بنيويا وداخليا.. واعتبر المجلس أن الاختلالات التي تشوب الرسوم المدبرة من طرف الدولة لا تشكل أمرا مستعصيا على المعالجة، بل تبقى قابلة للتحسن على المدى المتوسط إذا ما تم اتخاذ بعض الإجراءات التقويمية على مستوى البنيات المعنية والعمل على إدماج هذه الرسوم ضمن المنظومة الشاملة لتدبير الجبايات من طرف المديرية العامة للضرائب. وعاب التقرير على المنظومة الضريبية غياب بنيات تضطلع بالجوانب التشريعية والتنظيمية والتطبيقية وهو ما يشكل مصدر صعوبة في قراءة وفهم المقتضيات الجبائية.. أما على المستوى العملي، فيتجلى العجز بشكل أكثر وضوحا، فيما يتعلق بالأساليب المرصودة لتدارك الفارق، الذي ما فتئ يتفاقم، بين تنامي المادة الخاضعة للضريبة وقدرة الإدارة على معالجتها، حيث يتعين سنويا، القيام بإحصاء الملزمين بالرسم المهني، والمساكن الخاضعة للرسم على السكن ورسم الخدمات الجماعية داخل كل جماعة من طرف لجنة، معينة لمدة ست سنوات من طرف العامل، كما ينبغي إجراء إحصاء سنوي للممتلكات الخاضعة للرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، وذلك من طرف مصلحة الوعاء على مستوى الجماعة، لكن نادرا ما يتم تفعيل مسطرة الإحصاء نظرا لتعقيدها والصعوبة التي تجدها الإدارة في تعبئة الإمكانيات اللازمة لتنفيذها. كما أن هذه المسطرة غالبا ما تفتقر للفعالية لعدم شموليتها ونظرا للمعيقات المرتبطة بغياب العناوين أو الأخطاء في وضعها . وبين قضاة المجلس كيف أن الجماعات الترابية غير مؤهلة ماديا وبشريا للقيام بواجبها على مستوى إحصاء وتحيين الخرائط الجبائية وكشفوا أن 70 % من الجماعات لا تستعمل حق تصحيح أسس فرض الرسم. كما أن أكثر من 50 % من الجماعات لا تلجأ إلى فرض الرسوم بصورة تلقائية، فيما 40 % منها لا تقوم بعمليات مراقبة الإقرارات و62 % لا تقوم بعمليات الإحصاء. ويذكر أن النظام الجبائي المحلي المعمول به حاليا يخصص 17 رسما تم الترخيص للجماعات الترابية بتحصيلها، منها 11 لفائدة الجماعات الحضرية والقروية و3 لفائدة العمالات والأقاليم و3 لفائدة الجهات و 13إتاوة لفائدة الجماعات.