غريب أمر عدد من الأساتذة, خاصة أساتذة الثانوي الإعدادي والتأهيلي، حين يقترب موعد نهاية السنة الدراسية، كما هو الحال حالياً. هذه الفئة تراها تلهف وراء ساعات إضافية خارج النطاق المعروف أو المتداول طيلة السنة، حيث أصبح أساتذة المواد العلمية المطلوبون مع العد العكسي لاقتراب موعد الامتحانات الإشهادية التي تخص السلكين الإعدادي والتأهيلي، إلى درجة أصبح العديد منهم يملؤون كراسي بعض المقاهي التي يقصدونها مع جماعة من التلميذات والتلاميذ على شكل موائد مستديرة, غالباً ما تتضمن امتحانات سابقة ينجزها مجموعة من التلاميذ، ليتدخل ذاك الأستاذ إما لتوضيح طرق الإنجاز، ثم التصحيح ,ومن خلاله تكون مراجعة لبعض دروس تلك المادة. ومن حين لآخر، يولع الأستاذ سيجارته ويتلذذ بفنجان قهوته السوداء التي قد يكرر طلبها لمرات حسب درجة ضغط المجموعة التي تحيط به غير بعيد عن هذه المائدة المستديرة تجد مثيلاتها. والجديد في المواسم الأخيرة أن بعض نساء التعليم سلكن نفس الطريقة، حيث أنهن اقتحمن المقاهي لنفس الغرض، إلا أن شريحة أخرى اختارت فضاءات تابعة للأعمال الاجتماعية لنساء ورجال التعليم، هذه الأخيرة التي تحولت منذ أسابيع إلى مجمع تلاميذي، فتراها تغص بهم منذ الصباح، ويتناول معظمهم وجبة الفطور ثم الغذاء بنفس الفضاء، ويخيل لكل من قصد قاعات هذه الفضاءات, (»فضاء الحرية بعين الشق وفضاء الهمداني بالحي الحسني)« أنه دخل عن طريق الخطأ إلى إحدى قاعات المراجعة أو قاعات متعددة الاختصاصات. هذا الفضاء هو الآخر تم غزوه من طرف أساتذة الساعات الإضافية المؤدى عنها. وإذا كانت هذه الظاهرة التي أصبحت في تزايد ,موسماً بعد موسم, بين أخذ ورد فيما يتعلق بردود الأفعال لبعض المتتبعين الذين منهم من يقبلها على مضض، مادام التلاميذ المعنيون يستفيدون منها، مستغلين شغف تلك الشريحة من الأساتذة لجمع عدد كبير من دخل تلك الساعات. ومنهم من يعتبرها استغلالا للظروف من طرف هؤلاء الأساتذة، مادامت تلك المساعدات التي تقدم للتلاميذ مؤدى عنها، فإن هناك سلوكاً آخر يقدم عليه بعض الأساتذة اعتبره المتتبعون للشأن التعليمي بالسلوك البعيد كل البعد عما هو تربوي أو أخلاقي. وهو حين تحمل مجموعة من الأساتذة فروض تلاميذهم إلى المقاهي والشروع في تصحيحها. وغالباً ما يصبح ذلك الأستاذ غير وحيد في جلسته هاته، ويحيط به أكثر من شخص من أصدقائه أو معارفه أو أبناء حيه، وتصبح الطاولة المخصصة للمشروبات كلها أوراقاً متناثرة هنا وهناك. وغالباً ما يتجرأ أحد مرافقي ذلك الأستاذ ويحمل ورقة فرض التي تحمل اسم صاحبها ويبدأ في الاطلاع عليها وهو سلوك غير أخلاقي . إلا أن ما هو أغرب وأخطر، وهو حين يجد الأستاذ صاحب هذه الأوراق فرضاً صاحبه لم يكن موفقاً في العديد من الأجوبة يحملها ويقدمها لجلسائه ساخراً , أو يبدأ في قص سيرة صاحبها وعائلته وهذه الظاهرة هي الأخرى أصبحت منتشرة حتماً في المقاهي الموجودة بالأحياء الشعبية أو تلك القريبة من المؤسسة التعليمية التي يدرس فيها حضرة الأستاذ أو قريبة من حيه ومن غير المستبعد أن بعض آباء التلاميذ الموجودة فروضهم بين يدي ذاك الأستاذ يوجدون في نفس المقهى، بل في العديد من الأحيان يتقدم أحدهم ليهمس في أذن الأستاذ »اتهلَّى راه ابني يدرس عندكم«. هذه السلوكات سببها أن هذا النوع من الأساتذة ,إما أنهم متأخرون في تقديم الفروض لتلاميذهم. وبالتالي يجدون أنفسهم مضطرين لوضع مجموعة من الفروض متقاربة زمنياً، مما يجعلهم تحت ضغط الزمن، لأنهم مطالبون بإدخال نقط المراقبة المستمرة وإدخالها عبر نظام »مسار« قبل الامتحانات الإشهادية. ورغم كل الإكراهات، تبقى هذه السلوكات غير تربوية وغير أخلاقية بالمرة.