بعد أقل من أسبوع على الصورة القاتمة التي رسمها أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط حول الاقتصاد الوطني ، قدم عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب بدوره تقريرا سلبيا إلى جلالة الملك خلص فيه إلى أن الاقتصاد الوطني مازال يعاني من العديد من المعيقات التي تجعله رهين التقلبات الظرفية، معتبرا أنه في سنة 2014 ظل الاقتصاد في مستوى نمو منخفض، مع غياب بوادر ملموسة لوجود حيوية شمولية من شأنها خلق الثروة وفرص الشغل ، حيث دعا الوالي إلى «ضرورة تقييم السياسات العمومية وهي الممارسة التي لاتزال غير متجذرة في نمط التدبير والحكامة ببلادنا» . وأكد الجواهري أن «اقتصادنا مازال رهينا بالظروف المناخية، كما أن ما تم إنجازه من تقدم لاستعادة التوازنات قد تحقق إلى حد كبير بفضل عوامل ظرفية». وفي ضوء هذه النتائج تساءل الجواهري عن مدى نجاح الاستراتيجيات القطاعية المتعددة، التي تم إطلاق معظمها منذ أكثر من 5 سنوات في بلوغ أهدافها وإحداث التضافر والزخم اللازمين لإطلاق تحول هيكلي حقيقي للاقتصاد، وتسريع وتيرة النمو. وقال والي بنك المغرب» إن البطء الذي يميز اليوم الدينامية الاقتصادية، على الرغم من الإرادة المعلنة والجهود المبذولة، يسائلنا جميعا في مسبباته وانعكاساته على التنمية البشرية، ويعد من الإشكاليات التي أعرب جلالة الملك عن انشغاله بها في خطاب العرش لسنة 2014». واعتبر الوالي أن «قطاع التربية والتكوين أكثر المجالات التي تبرز فيها بشكل مثير للقلق، الفجوة القائمة بين الطموحات والإنجازات الملموسة. فالتدهور المستمر الذي يشهده هذا القطاع يشكل عقبة رئيسية أمام مسار التنمية ككل، وواقعا يبعدنا عن الطريق نحو الارتقاء إلى مصاف الدول الصاعدة الذي طالما طمحت إليه بلادنا.» وأضاف الجواهري أن فشل مختلف محاولات الإصلاح يستدعي اعتماد أسلوب العلاج بالصدمة، حيث يتعين على جميع الأطراف المعنية أن تتجاوز مصالحها الفئوية وتعي أن ما يوجد على المحك اليوم هو مستقبل البلاد. وأشار الجواهري إلى ضعف مردودية الاستثمار برمته على الرغم من أن المغرب يسجل أعلى معدلات الاستثمار في العالم إلا أن النتائج تبقى أقل بكثير من الانتظارات، سواء من حيث النمو أو فرص الشغل. وأوضح الوالي أن معدل النمو غير الفلاحي الذي كان يصل إلى 4.8 في المائة كمتوسط بين 2000 و2008 تراجع إلى 3.1 خلال العامين الماضيين. ونبه الجواهري إلى ارتفاع البطالة في المناطق الحضرية، لاسيما في أوساط الشباب ولئن كان الجزء المهم المخصص للبنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية قد يفسر التأخر الطويل في تحصيل عوائد الاستثمار، وجب الإقرار بأنه قد تم الحفاظ على هذا الأخير في مستوى مرتفع منذ ما يزيد على عشر سنوات. وانتقد والي البنك المركزي ضعف مردودية الاستثمارات الأجنبية، إذ على الرغم من ارتفاع تدفقها على المغرب خلال السنوات الأخيرة إلا أن ضعف مساهمتها في التشغيل والنمو يطرح العديد من الاستفهامات. كما نبه إلى أن تحويل أرباح الشركات المستثمرة في المغرب إلى الخارج بدأ يؤثر بشكل ملموس على ميزان الأداءات بعدما ناهز في العام الماضي 15 مليار درهم، في حين وصلت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 36.5 مليار درهم، ولذلك دعا الجواهري إلى ضرورة تقييم ما يمنح لهذه الشركات المستثمرة من تحفيزات لتحديد كلفتها وفائدتها والتأكد من مدى إسهامها ، وأعطى مثالا بقطاع السيارات الذي على الرغم من النجاح الذي حققه في مجال التصدير إلا أن تأثيره وإسهامه في الاقتصاد الوطني مازال محدودا بسبب ضعف معدل اندماجه.