حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن التجربة الديمقراطية؟    بوريطة يمثل الملك محمد السادس في تخليد الذكرى ال 25 لعهد عاهل مملكة الأشانتي    أردوغان: نتنياهو بلغ مستوى يثير غيرة هتلر    رئيس نهضة بركان يخرج بتصريح مثير قبل انطلاق مواجهة الزمالك    التنس: المغرب يتوج بطلا لإفريقيا لأقل من 14 سنة ذكورا وإناثا ويتأهل لبطولة العالم    بونو يُفحم إعلاميا جزائريا حاول استفزازه    وفاة خمسة تلاميذ غرقا بأحد شواطئ الجزائر    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الدولي للأركان بأكادير    معرض الكتاب.. لقاء يحتفي بمسار الأديب أحمد المديني    أسعار الطماطم تقفز بأسواق المغرب .. ومهنيون: تراجع الإنتاج وراء الغلاء    "أسبوع القفطان".. فسيفساء من الألوان والتصاميم تحتفي بعبق الزي المغربي    "كوكب الشرق" أم كلثوم تغني في مهرجان "موازين" بالرباط    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    اليوتوبر إلياس المالكي يمثل أمام النيابة العامة    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب سواحل المكسيك    الدرهم يرتفع بنسبة 0,44 في المائة مقابل الأورو    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35034 منذ اندلاع الحرب    مغاربة يحاولون الفرار بمطار روما بعد هبوط إضطراري لطائرة قادمة للمغرب    تجرى على مستوى بنجرير وأكادير وطانطان وأقا وتفنيت تنظيم الدورة ال 20 من تمرين «الأسد الإفريقي» ما بين 20 و31 ماي    الأضواء القطبية المذهلة تنير السماء لليلة الثانية على التوالي    الحسيمة تحتضن مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي    الصويرة : دورة تكوينية لفائدة أعوان التنمية بمؤسسة إنماء    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل59 مرشحا للهجرة غير النظامية    عرض "قفطان 2024" في نسخته الرابعة و العشرين بمراكش    الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لها للمشاركة في إدارة غزة    المغرب الفاسي يبلغ نصف النهائي بفوزه على المغرب التطواني    هدفان لإبراهيم دياز والنصيري في الجولة 35 من الليغا    الفيلم السينمائي "ايقاعات تامزغا " لطارق الادريسي في القاعات السينمائية    بطولة فرنسا.. مبابي يخوض مباراته الاخيرة بملعب "بارك دي برانس" بألوان سان جرمان    ورشة حول التربية على حقوق الانسان والمواطنة    الصين تطور أول نظام للهيدروجين السائل المركب بالسيارات من فئة 100 كيلوغرام    مذكرة توقيف تلاحق مقدم برامج في تونس    "الأسرة وأزمة القيم" بين حقوق الإنسان الكونية والمرجعية الدينية    بعد إلغاء حفل توقيع رواياته.. المسلم يعد جمهوره بجولة في المدن المغربية    المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.. تقديم نتائج مشروع دراسة مكتب العمل الدولي المتعلقة بالتقييم الاكتواري لمنظومة التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب    الهلالي يشارك في الاجتماع الاستثنائي للمجلس العالمي للتايكوندو بكوريا الجنوبية..    عائلات المغاربة المحتجزين بتايلاند تنتقد صمت الحكومة    غوتيريش يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة    بعد استغلالها لمصالحه الشخصية.. الوزاني يسحب سيارة الجماعة من مستشار بالاغلبية.. ومضيان يثمن القرار    مطالب بوقف "التطبيع الأكاديمي" بين المغرب وإسرائيل    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    مطالب نقابية بإقرار منحة لعيد الأضحى    سيطرة مغربية في "الترياثلون الإيكولوجي"    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشكيلي بن اسماعيل .. من أجل تأصيل الاشتغال على ذاكرة السرد المغربي المعاصر

استطاع الباحث الدكتور مصطفى يعلى أن يحقق قيمة مضافة لرصيد الكتابات الإبداعية السردية التي راكمها المغاربة على امتداد العقود الطويلة للقرن الماضي، وذلك بمبادرته بإصدار عمل بيبليوغرافي تصنيفي جامع استهدف التوثيق لجل الأعمال الأدبية التي خلفها المغاربة في مجالات القصة والرواية وعموم الأجناس المرتبطة بهما. ويمكن القول إن الكتاب الصادر تحت عنوان « السرد المغربي 1930/ 1980بيبليوغرافية متخصصة «، في ما مجموعه 175 صفحة من الحجم الكبير، وذلك سنة 2002، قد نجح في سد جزء كبير من الثغرة المنهجية التي ظلت تعتري مجال البحث العلمي ومنطلقاته المرتبطة بمظان القاعدة البيبليوغرافية الضرورية لكل عمل أكاديمي ينشد « الجديد « ويسائل رصيد « المنجز «. ومعلوم أن التصانيف البيبليوغرافية تعتبر منطلقات لا يمكن تجاوزها عند وضع الأرضية التمهيدية للبحث وللتنقيب، أو لنقل إنه مدخل تأسيسي تنهض عليه النواة الصلبة لكل بحث يتوخى المصداقية والنزاهة الأكاديمية. لذلك، فإنه يستحق أن يكون مجالا مركزيا للاشتغال وأن تخصص له كل المجهودات، الفردية والجماعية، الذاتية والمؤسساتية، من أجل سبر أغواره وتيسير مظانه وتعميم فوائده. ولعل أهم دليل على ذلك، نزوع قطاعات عريضة من باحثي المغرب المعاصر، وفي مختلف مجالات البحث الأكاديمي، نحو إعطاء هذا المجال كل ما يستحقه من عناية ومن اهتمام. وقد ترجم المهتمون ذلك بإصدار أعمال رائدة لأسماء لها وزنها في مجالات تخصصها، استطاعت أن تقدم خدمة جليلة لأجيال الباحثين ولعموم المهتمين، مثلما هو الحال مع العمل الذي كان قد أنجزه المفكر المغربي الفقيد عبد الكبير الخطيبي حول حصيلة السوسيولوجيا المغربية، أو مع تجربة المؤرخ إبراهيم بوطالب في الرصد البيبليوغرافي الكولونيالي حول تاريخ المغرب، أو مع الدكتور سعيد علوش في حصيلة الدراسات الأدبية الجامعية المغربية، أو مع عبد الرحمان طنكول في بيبليوغرافيته الشاملة عن الأدب المغربي، أو مع إدريس كرم في بيبليوغرافيا الأدب الشعبي المغربي ...
في إطار هذا الأفق العام للتنقيب وللتوثيق وللتقييم، استطاع الدكتور مصطفى يعلى أن يكتسب قصب السبق في مجال التجميع البيبليوغرافي ل « ذاكرة « فن القصة المغربية الحديثة، ليس فقط من موقعه كممارس متميز لهذا الفن، ولكن - أساسا - من موقعه كباحث جامعي متخصص في تشريح بنية القول القصصي وفي رصد مظاهر إبدالات أدواته وخطاباته وأنساقه المميزة على امتداد عقود القرن 20. ولقد لخص سقف هذه الأبعاد العامة المميزة في كلمة مركزة، قال فيها : « في غياب بيبليوغرافية وطنية حقيقية متصفة بالتكامل والمواكبة، وبعد سنوات انتظارية طويلة كان فيها العمل البيبليوغرافي مؤجلا عامة، استجد بين الباحثين المغاربة بدرجات متفاوتة، ومن غير استراتيجية محددة وبمعزل عن أي احتضان مؤسساتي، حس تلقائي مشترك وغواية متعطشة خلال الأعوام القليلة الماضية، اجتذبا اهتمامهم بضرورة الخروج من ورطة الفقر التي يعاني منها المشهد البيبليوغرافي، وإغناء مكتبتنا بالبيبليوغرافيات الضافية في مختلف الحقول، ربما تلبية لدافع تذليل الصعاب التي تواجه الباحث فيما يتعلق بالوقوف على مصادره ومراجعه، الأساسي منها والثانوي، ادخارا للوقت والجهد معا، وربما نشدانا لحصر تراكم التراث الوطني في الإبداع والفن والفكر وصونه من الضياع. وهكذا أملت هذه الاعتبارات على بعض المهتمين استجابة حماسية جعلتهم يتطوعون لوضع محاولات بيبليوغرافية أولية قطاعية أو شاملة لتغطية الميادين الموالية بما يشبه المغامرة وليس المشروع طبعا ... « ( ص. 7 ).
ولتنظيم مجال بحثه، حرص الدكتور مصطفى يعلى على تقسيم مضامين عمله بين إثنتي عشر مادة تصنيفية أو تحليلية، إلى جانب تقديم تمهيدي وخاتمة تركيبية ولائحة رصيد المصادر والمراجع المساعدة والتي وجهت عمل الباحث أثناء مختلف مرحل تنقيباته. وقد خصص القسم الأول لرصد واقع المشهد البيبليوغرافي في المغرب، ثم انتقل في القسم الثاني لعرض مضامين بيبليوغرافيا القصص الشعبية ودراستها بالمغرب، وخصص القسم الثالث للتعريف ببيبليوغرافيا القصص المغربية المتفرقة والممتدة بين سنتي 1933 و1980. وفي القسم الرابع، توقف المؤلف عند بيبليوغرافيا المجاميع القصصية المغربية لمرحلة ما بين سنتي 1947 و1980، واستعرض - في القسم الخامس - نتائج تنقيباته في بيبليوغرافيا الفن الروائي بالمغرب خلال مرحلة ما بين سنتي 1930 و1980، وهو نفس العمل الذي غطاه القسم السادس بالبحث وبالتجميع بخصوص حصيلة النقد القصصي بالمغرب بين سنتي 1937 و1980. وفي الأقسام الموالية، اهتم المؤلف بإثارة قضايا كبرى لها علاقة بموضوع بحثه، من قبيل الجدال البيبليوغرافي الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية إثر سطو مثير كان قد تعرض له الباحث مصطفى يعلى خلال فترة سابقة حول قضايا ذات صلة بالبيبليوغرافيا المغربية الخاصة بالسرد المغربي. كما نشر تعريفا هاما باستبار حول الأدب المغربي المعاصر كان قد أنجزه فرناندو دي أغريدا، ثم مادة تأملية عميقة في إحدى تجارب العطاء الإبداعي الوطني التي اختزلتها سيرة عبد القادر السميحي، والتي قدمها المؤلف تحت عنوان « عبد القادر السميحي : نواة بيبليوغرافية «.
وفي كل ذلك، ظل الدكتور مصطفى يعلى حريصا على تدقيق النظر في كل محاور عمله، سلاحه في ذلك رؤية علمية ثاقبة، وأدوات إجرائية وفعالة في اقتحام مجاهل الموضوع، وقدرة هائلة على تطويع ممكنات صبره، بحثا عن النصوص وضبطا لتواريخها وتوثيقا لظروف نشرها. وبالنسبة لمنطقة الشمال، فالمؤكد أن الكتاب يقدم مادة خامة غزيرة، يمكن أن تشكل رافعة لكل جهود البحث في تطور حقول العطاء الذهني الذي راكمه رواد المنطقة من أدباء ومبدعين على امتداد العقود الطويلة للقرن الماضي. باختصار، فالكتاب يشكل خير أداة لوضع الأرضية الضرورية للانطلاق في جهود التوثيق لعطاء التراث الذهني ولخصوبة التاريخ الثقافي الوطني، في شقيهما المرتبطين بفنون السرد الروائي والقصصي بمعناهما الحصريين، في انتظار إنجاز أعمال شبيهة يمكن أن تغطي باقي مجالات الإبداع الرحبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.