في إطار برنامجها التكويني، نظمت الشبيبة الاتحادية بتنسيق مع مكتب الفرع بأبي الجعد ، لقاء تأطيريا مساء يوم السبت 11 فبراير 2017 ، حول موضوع» الشباب والمواطنة وسؤال التنمية» أطره الأستاذ سعيد المسكيني كاتب فرع الحزب وعضو لجنته الإدارية ، وهو اللقاء الذي سير فقراته المهدي المنصور منسق الفرع المحلي للشبيبة الاتحادية. في معرض تدخله أكد ذ. سعيد المسكيني على « أهمية الموضوع وراهنيته، بل وضرورته الوجودية في حياة الأمم والشعوب. فلا يمكن اليوم تصور مجتمع لا يتمتع فيه المواطنون والمواطنات بالكرامة و العدالة الاجتماعية، انطلاقآ من التجسيد الفعلي والعميق لمفهوم المواطنة الذي هو ثقافة للتسامح واحترام الآخر والمشاركة السياسية في الحياة العامة من موقع التدبير العمومي، أو من موقع الرقابة الشعبية والاعلامية المواطنة والمسؤولة». كما أكد على «أن المواطنة الكاملة، هي التي يتكامل فيها التمتع بالحقوق و أداء الواجب، فكيف لدولة لا توفر خدمات اجتماعية من صحة وتعليم وشغل ان تكفل كرامة المواطن، وفي مقابل ذلك كيف لمواطن مستنكف عن أداء واجباته الضريبية تجاه وطنه باعتبار الضريبة آلية من اآليات التمويل العمومي الوطني، ان يحتج على عدم تحقيق شروط العيش الكريم من امن وصحة وبيئة وتعليم ؟ « و تطرق العرض أيضا ، إلى «التطور التاريخي لمفهوم الديمقراطية باعتبارها سيرورة تراكمية عبر كل الأزمنة، بدءاً من الديمقراطية في اليونان وروما وكل التجارب التاريخية.. فالفرنسيون مثلا ، يضيف ذ. المسكيني، كادوا أن يكفروا بنظامهم الديمقراطي وهو ما يفسر عدد الجمهوريات الفرنسية.. وهو ما نعيشه اليوم على المستوى الوطني من خلال الوثيقة الدستورية ل 2011 التي تؤكد في مجموعة من مقتضياتها على ثقافة المواطنة والمشاركة، بدءاً من الفصول 6، 12، 13 و14 وكذلك الفصل 33 و170 الذي يؤكد على إحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، مهمته الأولى ان يشكل قوة اقتراحية وإطارآ للمساهمة في صناعة السياسات العمومية في مجال الشباب والعمل الجمعوي. لكن كل هذا يظل دون جدوى لأن الحكومة السابقة ظلت تتردد في اخراج القوانين التنظيمية لتنزيل مقتضيات وجوهر هذه النصوص الدستورية.» «فمن هو هذا المواطن؟ و ما هي مرتكزات المواطنة المسؤولة والفعالة؟ يتساءل ذ. المسكيني ليجيب عن ذلك، بأن المواطنة أصبحت اليوم من أكثر المفاهيم ذات الحمولة العاطفية والقانونية والسياسية الأكثر تداولا، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل و حتى الكوني، انطلاقآ مما يسمى بالمواطنة الكونية أو ما يعرف بكونية حقوق الإنسان، حيث أن الفرد المواطن هو ذلك العنصر المنتج والمشارك والمتفاعل مع كل قضايا الشأن العام محليا ، جهويا ووطنيا . فالمواطنة لا تستقيم مع ثقافة الحياد واللامبالاة وعدم الانخراط في كل القضايا التي تهم الوطن والمواطن».» أما عن أهم مرتكزات المواطنة فهي دمقرطة النظام السياسي، والاعلام الحر والنزيه ، والعمل الجمعوي الحي والشريك في المشروع التنموي والتعبئة المستدامة ، إضافة إلى بناء ثقافة وطنية مؤطرة بحس التسامح والاشراك وعدم الاقصاء و وضع حد لكل من يحاول أن يحول الوطن إلى دائرة للاتباع بمرجعيات محافظة، ولاؤها الأساسي للجماعة قبل الوطن ومؤسساته الدستورية». كما تساءل المحاضر عن الاختلاف بين الوطنية والمواطنة، ليؤكد « أن الأولى هي مفهوم يجيب عن علاقة انتماء وهوية، في حين أن المواطنة، مظهر يجيب عن سؤال المشاركة، فإذا كانت الجنسية كرابط قانوني، تضمن الانتماء، فإن رابطة المواطنة تضمن الانتماء السياسي بمعناه العام ( خطاب المواطنة = خطاب المشاركة». وفي ختام تدخله، تطرق كاتب الفرع المحلي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأبي الجعد، إلى الأضلاع الاساسية للمواطنة، التي لخصها في ثلاثة عناصر» المجال وسؤال المواطنة؛ الإنسان وسؤال المواطنة؛ السلطة وسؤال المواطنة». هذه الكلمات المفاتيح التي تشكل الأبعاد الأساسية لمفهوم المواطنة، إضافة لتطرق العرض إلى أهم المرجعيات التي تؤطر حس المواطنة، من قبيل المرجع التاريخي والثقافي والاجتماعي والسياسي والقانوني. في ختام العرض فتح باب النقاش، حيث تميزت التدخلات بحس عال وفهم عميق، وأشار المتدخلون إلى الفراغ الثقافي والتربوي وطنياً، إضافة إلى أهمية ومحورية المنظومة التربوية باعتبارها أحد المداخل الاساسية لبناء منظومة مواطنة قادرة على استيعاب كل المغاربة، بعيداً عن الخطاب الدعوي أوالانتصار لثقافة الفئوية أو التعصب الفكري والعرقي الهوياتي...، كما أكد بعض المتدخلين على ضرورة تحمل الشباب لمسؤولياتهم في التفاعل والتعاطي مع الشأن العام، باعتبار أن ذلك واجب أساسي من أجل المساهمة الفعلية والحقيقية في صناعة القرار الوطني في كل أبعاده وتجلياته.