يوم الاثنين الماضي، وبالملعب البلدي لمدينة برشيد، والمشهد: مباراة في كرة القدم بين يوسفية برشيد وشباب المحمدية برسم الدورة 25 من بطولة القسم الوطني الثاني.. أمطار غزيرة حولت محيط الملعب لبرك مائية، وأكوام هائلة من الغيس والطين.. لا مكان للاحتماء من تهاطل المطر.. قليلون من أسعفهم الحظ للعثور على مكان شبه مناسب لتتبع المباراة.. في نفس المشهد، زميلان صحافيان يقفان بمحاذاة أرضية الملعب، يحملان هاتفيهما النقالين، وينهمكان في وصف أطوار المباراة لمحطتيهما الإذاعيتين.. حماس الزميلين، وانصهارهما في مواكبة كل تفاصيل اللقاء، أنساهما سوء أحوال الطقس، وتبلل ملابسهما، ووقوفهما فوق أكوام الغيس والطين.. عديدون تابعوا معاناة الزميلين، ورأفوا من حالهما، تحديا كل شروط العمل غير الملائمة وغير الاحترافية، ونقلوا عبر الأثير أطوار مباراة حاسمة من المؤكد أن متتبعين لم تسعفهم مختلف الأسباب للحضور، كانوا يضعون آذانهم على المذياع لمعرفة تفاصيل المباراة. شد مشهد الزميلين اهتمام عدد كبير من متابعي تلك المباراة، وسرعان ما تحول النقاش حول مجريات اللقاء الكروي، فيما بين الشوطين، إلى نقاش حول ظروف اشتغال الواصفين الرياضيين.. تحدث البعض عن أنه أمر عادي يترجم مقولة الصحافة مهنة المتاعب.. وتطرق آخرون إلى كون تلك المتاعب يغطيها مقابل مالي ورواتب سمينة تؤدى للواصفين الرياضيين.. وتكلم البعض عن ضرورة تحسين شروط العمل، متسائلا كيف يتم الاعتماد على هاتف نقال لنقل تفاصيل الحدث الرياضي؟ عدد كبير من من استفزته معاناة الزميلين في ملعب برشيد، لا يدرك أن المعاناة الحقيقية التي يواجهها متعاونو ومراسلو المحطات الإذاعية الخاصة، تتجلى في تبخيس تلك المحطات الدور الهام الذي يطلع به الزملاء الواصفون. فجل تلك المحطات، تتجاهل عن عمد، إيلاء متعاونيها ما يستحقون من اهتمام، على مختلف المستويات، فما يتقاضاه الواصفون المتعاونون مثلا، لا يرق لمستوى ما يقدمونه من خدمات لمحطاتهم الإذاعية.. فتات وتعويض هزيل جدا لا يوازي ما يتم تقديمه.. غياب التأمين والحماية، وكذا غياب فرص التكوين أو إعادة التكوين، أو التكوين المستمر.. أضف إلى ذلك، معاناتهم مع ما تشهده أغلب الملاعب الرياضية.. تهاطل الأحجار والقنينات فوق الرؤوس، السب والقذف، الركل والدفع والاحتقار والإهانات والوعيد والتهديد.. وفي كثير من المحطات تحضر الرقابة والمنع، وفرض آراء وضيوف، وإرغام الواصف الرياضي لهذا التوجه أو ذاك، حتى لو غاب الاقتناع.. تعددت المحطات الإذاعية الخاصة، ومعظمها اعتمد على توجه رياضي، أصبحت جزء ومكونا في المنظومة الإعلامية الوطنية، وأضحى لها حضورا وازنا في المشهد الرياضي الوطني.. هذا الأخير، رسمت له استراتيجية متفق عليها أساسها اعتماد الاحتراف.. فهل ترقى محطاتنا الإذاعية لمفهوم الاحترافية لمواكبة هذا التطور الرياضي المنشود؟ الأكيد، أن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك، تبدأ باعتماد «الاحترافية» في تغطية الحدث الرياضي، وتبدأ أساسا عبر توفير محيط احترافي لاشتغال الزملاء الصحافيين من مختلف مواقعهم ومستوياتهم!