محمد سكري المتعدد والأبدي، فشلت كل كلمات رفاقه ومحبيه في نادي حلقة أصدقاء ديونيزوس في استعادته إليهم، جامعيون، مخرجون، شعراء، نقاد، و مسرحيون من كل الأطياف تبادلوا رثاء بطعم العزاء الشخصي لفقدان الراحل محمد سكري ملح الكلام، المستمر دائما، الرجل الجميل الذي سيحيى مرتين، والذي أوصى بتواصل الجمال والمحبة بين الصحب، وفعلا كانت وصيته بين أهله الذين تنادوا إلى الموعد، بل كلهم جاؤا في الموعد. كثيرون بدوا عاجزين عن قول أي كلام، وآخرون استعانوا بأموات، وخاصة من الشعراء، وبمقاطع منتقاه، علها تفي بالغرض، ولكن بدا أن حتى هذا الاختيار فشل في القبض أو ملامسة محمد سكري، فالرجل كان هو دائما، ولم يكن آخر. تحول الممثل إلى مغني، والشاعر إلى قاص، والراوئي إلى شاعر.. تبادل أبناء الحياة امتهان الحرف الفنية والثقافية. كل حاول استجداء محمد سكري حتى يمنحهم تلك الابتسامة المنتصبة على وجهه، كلهم كان يطلب أن يسامحه سكري، كلهم يود أن يقول«معذرة»، لأن الكل كان يتحدث، وفي نفسه مرارة، لأنه لم يقم بشيء ما كان واجبا تجاه سكري، ما هو هذا الشيء، أكيد وحده سكري الذي جمع أحباءه مساء الأربعاء الماضي. يعرف هذا الأمر جيدا، يعرف أن سكري لم يترك سكري لأي أحد، بلا ترك نطفة قابلة للحياة في ضمير كل عشاق الحرية أولا وأخيرا، سواء كانت سينما أو مسرح أو صحافة وحتى بذخ العيش والحياة.