أكد مدير الأكاديمية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان، صباح يوم الثلاثاء 26 يونيو 2012، خلال الندوة الصحفية التي تم تنظيمها قبل الإعلان الرسمي عن نتائج الدورة الأولى لامتحانات الباكالوريا برسم سنة 2012، أنه تم تسجيل 113 حالة غش مصرح بها، 96 منها بواسطة الهاتف النقال، دون ضبط الأعداد الأخرى التي قد تكون كثيرة، بعدما تطورت هذه الظاهرة التي حولت بعض المقاهي بالحاضرة الإدريسية، منذ صباح الأول الثلاثاء 12 يونيو الجاري، إلى محطات استقبال وإرسال، حيث تم تجنيد عناصر مختصة للإجابة عن أسئلة المواد المسربة لامتحانات الباكالوريا بمختلف الوسائل الحديثة والمبتكرة (الحَمَام، كرة المضرب...) وإرسالها عبر الهواتف النقالة تحت الطلب. حالة تحيلنا من جديد، إلى نتائج السنة الماضية التي أفسدتها ظاهرة الغش المستفحلة بشكل ملفت للنظر، حيث تم استعمال وابتكار أساليب جديدة، في ضعف نظام تكثيف المراقبة، مما جعل أسرا بأكملها تجند ماديا ومعنويا وتوظف أجهزة ومعدات من الجيل الثالث وتسخر البعض للإجابة عن أسئلة امتحانات الباكالوريا، بعد تسريبها والحصول عليها من تلاميذ باعوا ضميرهم لمن يسدد أكثر بعدما فقدوا الأمل في النجاح، أو من خلال بعض المواقع الإلكترونية التي واكبت الحدث. وكلما اقتربت امتحانات الباكالوريا إلا وتكثف الاجتماعات وتصدر مذكرات داخلية وأخرى علنية وتتخذ تدابير وإجراءات يقال كفيلة بتعزيز مصداقية هذه الشواهد، ويسوق أن الإدارة عازمة على تشديد آليات المراقبة وضبط الغش من خلال منع المرشحات والمرشحين -وبشكل قطعي- من إحضار الهاتف المحمول أو الحاسوب المحمول بكل أشكاله أو اللوحة الإلكترونية وكل ما يرتبط بها من معدات، أو أي وسيلة أخرى من وسائل قد تستعمل في العملية، سواء داخل فضاء مركز الامتحان أو قاعات إجراء الاختبارات، ومعاقبة كل مرشحة أو مرشح ضبطت بحوزته وسائل الغش والخداع المذكورة. كما قامت الوزارة، في السياق ذاته، بتأمين شهادة الباكالوريا بطابع تأمين خاص يعدم كل إمكانية تغيير معطيات هذه الوثيقة أو تزويرها، طبقا للظهير الشريف رقم 1.58.060 الصادر بتاريخ 25 يونيو 1985 في شأن زجر الغش والخداع في المباريات العمومية. دار لقمان أصبحت أسوأ من حالها، باعتبار أن ظاهرة الغش هي قاسم مشترك بين عدد من المستفيدين (الإدارة، المدرس، المراقب، التلميذ)، الذين يسعون من خلالها إلى إخفاء الإخفاق والفشل، إلى جانب المحسوبية والرشوة والوساطة والعلاقات المشبوهة، بالإضافة إلى الفساد السياسي والإداري المستشري، حيث الإدارة تغض النظر حتى تحتل الصفوف الأولى بالنسبة لعدد الناجحين. ويتميز الأستاذ بقدرته الوهمية في صناعة كفاءات الغد، ويستفيد المرشح من معدلات خيالية تمكنه من ولوج المؤسسات الجامعية العليا المختصة. وبهذا، يرى المهتمون أن استئصال ظاهرة الغش، بات يتطلب علاجا عاجلا بعد القيام بدراسات معمقة للوقوف أكثر على الدوافع والمسببات الحقيقية للغش في الامتحانات على وجه الخصوص، كما أن الوزارة ملزمة بإعادة النظر في الهالة التي تعطى للامتحانات، مما يؤثر بشكل سلبي على المتعلم، مما يستوجب التفكير في الإصلاح عن طريق إعادة النظر في المنظومة التربوية جملة وتفصيلا، مع تقليص المقررات الدراسية وتوفير الظروف المناسبة للتدريس وغيرها من الإجراءات. إن ظاهرة الغش في الامتحانات الإشهادية أصبحت تقلق كل القائمين على المنظومة التربوية، حيث إن كل الطرق التربوية والوسائل الردعية التي اعتمدت -لحد الآن- لم تستطع القضاء عليها، بل لم تفلح حتى في الحد منها أو كبح جماحها؛ وذلك راجع لعدة أسباب نذكر منها على سبيل المثال أن ظاهرة الغش لاتقتصر على الامتحانات الإشهادية، وإنما هي ظاهرة عامة انتشرت كالورم الخبيث في أعماق المجتمع بمختلف شرائحه، ومستوياته، وفئاته، وطبقاته. عموما إن ظاهرة الغش متعددة الأوجه والمجالات، ترتفع مؤشراتها وتنخفض كما يحدث في المعاملات التجارية، حيث التاجر الرابح هو الذي يتقن الغش، سواء في نوعية البضاعة وجودتها، أو في تزوير الفواتير والتهرب من الضرائب بحجة أن معمله أو شركته أو مؤسسته لم تحقق أي ربح خلال سنة بكاملها؛ وبذلك فهو غير مطالب بدفع أي سنتيم كضريبة على الأرباح. يحدث هذا أمام أعين أبنائه الذين هم تلاميذ مقبلون على امتحان ما من الامتحانات الإشهادية والذين أدركوا أن أباهم تاجر أو رجل أعمال ناجح، لأنه يتقن الغش في المعاملات التجارية أو في التهرب من الضرائب. إن محاربة الغش هي مسألة وعي اجتماعي شامل، وعي خلال تربية الأسرة لأبنائها، تربية تنبني على الصدق والاعتماد على النفس. وتربية المجتمع لمختلف شرائحه، تربية تركز على الوعي بالتكافل والتعاون والتآزر ونبذ الأنانية وحب الذات، تربية تركز على تقوية الشعور بالوطنية واعتبار حب الوطن قبل حب الذات وحب الأنا؛ وبذلك يمكن القيام باستئصال جذري لسرطان الغش. أما غير ذلك من الحلول، فستظل عبارة عن مسكنات لجسم عليل ليس إلا... وقد حصلت جهة فاس على المرتبة الثانية بخصوص النتائج المحصلة عليها خلال الدورة الأولى لامتحانات الباكالوريا بنسبة 56,22% بعد جهة الساقية الحمراء وواد الدهب التي تجاوزت النسبة فيها 60%.