أفادتنا مصادر جد مطلعة أن تمديد عمل قضاة المجلس الأعلى للحسابات بوجدة، جاء على خلفية الملفات المرتبطة بمجموعة من الملفات التي حامت حولها الشبهات ، ولعل أهمها الرخص الاستثنائية المسلمة لمنعشين عقاريين بعينهم دون غيرهم بالجهة الشرقية ، وأن تحقيقات في ملفات من العيار الثقيل يشتم من ورائها صفقات مشبوهة قد يكشف تدقيق البحث بشأنها عن شبكة وسطاء تنسج خيوطها بين الدارالبيضاء والرباط ووجدة. فالأخبارالمتسربة تفيد بأن مدينة وجدة عرفت خلال السنوات الماضية، جرائم عقارية بامتياز تحت غطاء قانوني باسم الرخص الاستثنائية، والذي قد يكشف خباياه في المستقبل القريب، خاصة وأن الأمر يتعلق بمساحات شاسعة من الأراضي تمت تجزئتها بالقرب من سوق مرجان والسعيدية في ظروف أقل مايمكن أن يقال عنها ، إنها استثنائية وتحوم حولها الشبهات. قضاة المجلس الجهوي للحسابات بوجدة قاموا أيضا بالافتحاص والتدقيق في مجموعة كبيرة من الصفقات التي أنجزتها شركة العمران في العديد من مدن الجهة الشرقية ، وبحسب ما أفادتنا به مصادرنا ، فإن ثقل الملفات المفتحصة وتعدد الصفقات التي قدر البعض مبالغها بالملايير، خاصة تلك المتعلقة بمشاريع التهيئة الحضرية ، قد تشكل مفتاح سر الصعود القوي لمقاولات بعينها وفوزها بالصفقات، وهو الأمر الذي ، في حال لم تتدخل يد الرقيب، سيفجر ملف فساد من الحجم الكبير بالجهة الشرقية قد يطيح برؤوس عديدة. مجموعة من المتتبعين لملفات الفساد المالي بالجهة الشرقية، شككوا في إمكانية متابعة المسؤولين عن هذا النزيف العقاري الذي طبع المدينة والجهة الشرقية عموما، مستندين إلى تصريحات المسؤولين عن هذا الوضع بكون هناك جهات نافذة على مستوى المركز تشكل غطاء يحميهم من كل متابعة. هذا الوضع ، وهذه التعليقات، تدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات، فهل يكفي أن تتم إزاحة السيد والي الجهة الشرقية وتعيين آخر للقول بأن ملف التجاوزات التي عرفتها من قبل قد تم طيه وفتحت صفحة جديدة للتعامل مع الوضع؟ وهل يمكن قبول أن يفلت المتلاعبون بقطاع التعمير والبناء من المتابعة والمساءلة بشأن ما اقترفوه من جرائم شوهت النسيج العمراني تحت يافطة الاستثناء؟ أسئلة مشروعة ومنطقية تشكل، بحق ، مقدمة لفتح ملف الرخص الاستثنائية والتي شكلت ممرا آمنا لمجموعة من المسؤولين في الإدارة الترابية ببلادنا للاغتناء غير المشروع. أسئلة من المنتظر أن نجد إجابات شافية عنها في حال قام قضاة المجلس الأعلى للحسابات بمهامهم على أحسن وجه. لقد تم رصد اختلالات خطيرة في مجال الرخص الاستثنائية استدعت البحث عن صيغ جديدة للتعامل معها، لكن الصيغ الجديدة لايمكن بأي حال من الأحوال، أن تجعلنا نغمض أعيننا عن حجم التجاوزات المسجلة ونوقع شهادة إبراء ذمة لكل من تحكم وتجبر وتلاعب ب «الاستثناء» بالجهة الشرقية لأجل الاغتناء. الأخبار الواردة من مدينة وجدة تفيد بأن الأموال المحصلة من «الصفقات الاستثنائية» تقدر بالملايير وليس بالملايين و بأن تحقيقا نزيها في الأمر سيكون كفيلا بأن يكشف عن عناصر «المافيا الاستثنائية» والتي بعد أن تأكدت من حصانتها واختبأت وراء هذا الإسم أو ذاك ، شرعت في الترخيص «استثنائيا» لهذا المقاول أو ذاك ، وكل شيء بثمنه بطبيعة الحال! إنها لعبة الرخص الاستثنائية ، والتي فعلت فعلتها في مدينة وجدة، لعبة أتقنوها جيدا إلى درجة أنهم أصبحوا خبراء في إيجاد التخريجات المناسبة لجعل المنعش يتحلل من التزاماته ، ينتعش وينعش في آن واحد. منهم من يفضل الانتعاش عقاريا ، حيث يتكفل المنعش بتحمل فاتورة مشاريعه في المدن الأخرى بعيدا عن الشبهات، وآخرون يفضلونه «كاش»، لكن من دون ترك أي أثر. الأمر لايحتاج إلى توضيح أو تبيان، فالرائحة أقوى من أن تختفي مع تعدد أسماء ملاك العقارات الجدد للتمويه. الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية لقطع الطريق على هؤلاء الذين ينتعشون من كل مقاول ومنعش عقاري، الأمر يحتاج إلى سن قانون «من أين لك هذا؟». سؤال بسيط للغاية يطرح على المسؤول وزوجته وأبنائه وأحفاده وأصهاره وأصدقائه وخلانه، سؤال لن يجرؤ أكيد على الإجابة عنه من دأب على الانتعاش مع كل مشروع. ولنا عودة للموضوع بالتفصيل .