في تطور مثير، اختار القائد الإقليمي للوقاية المدنية بخنيفرة إجبار العاملين والموظفين بالثكنة على توقيع ما أسماه ب «تكذيب ما جاء في مقال صدر بالجريدة»، مع الاستفسار حول هوية وحياة مراسل الجريدة، ومحاولة الوصول إلى مصدر أو مصادر المعطيات المنشورة ضمن المقال الذي استقبله العاملون ب «ارتياح صامت» بقدر ما أثار وسط الإدارة شبه حالة تأهب مبالغ فيها. وكان على المسؤول المذكور أن يأخذ بعين الاعتبار كون مضمون المقال لم يأت إلا من منطلق الغيرة على القطاع دون «مزايدات»، وليس «تسييس» الموضوع باللجوء إلى «التحريض على توقيع بيان» بمؤسسة مشروطة بالإبقاء عليها بعيدا عن لغة البيانات تحت التهديد النفسي والأسلوب الاستخباراتي، نظرا للقيود المفروضة على نظام القطاع، والتي لا تسمح للعاملين به لا بالنقابة ولا التحزب ولا حتى بتأسيس جمعية تدافع عن حقوقهم العادلة وتحترم جهودهم وخدماتهم التي يبذلونها في سبيل إنقاذ الحياة والإنسان والممتلكات. وأكدت مصادرنا، التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها لانعدام الضمانات، أن عدم التوقيع على «التكذيب» يعني الطرد من العمل، أو تحديد هوية المصادر التي «سربت» وضعية الثكنة ومعاناة العاملين إلى جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، علما بأن نظام القطاع، تضيف مصادرنا، عوّد الجميع على تأديب ومعاقبة كل من يرفع صوته أو طالب بحقوقه التي تعترف لأفراد الوقاية المدنية بكرامتهم، وكان على «القبطان» عدم حجب مكامن الداء تماشيا مع تطلعات البلاد إلى حياة أفضل، سيما أن المقال لم يتناول سرا مهنيا ولا المشاكل المألوفة لنساء ورجال الوقاية المدنية، ولا ملفات القائد الإقليمي بين خريبكة وخنيفرة، ولا الاعتمادات والميزانيات، ولا سيارة الدولة، بل لم يستعرض إلا صوت من لا صوت لهم، أي معاناة وظروف أفراد الوقاية المدنية بثكنة من المفروض التفكير في نقلها إلى موقع آخر مناسب وتجهيزها. ويشار إلى أن جريدة «الاتحاد الاشتراكي» سبق لها أن نشرت، في عددها الصادر يوم الخميس 24 أبريل 2014، مقالا تحت عنوان: «متى يتم إطفاء معاناة أفراد الوقاية المدنية بخنيفرة؟»، تم فيه الكشف عن ظروف عمل أفراد الوقاية المدنية، والضغوط النفسية والعملية التي يقاسونها ليلا ونهارا وتصيبهم بالإحباط والاكتئاب، وما يتعرضون إليه من ألفاظ حاطة بالكرامة من طرف قائدهم الإقليمي، وحرمانهم من الاستفادة من إجازاتهم السنوية، ووضعية اشتغالهم في ظروف تفتقر للشروط المطلوبة وحق الاستراحة، إلى جانب الأحوال المتردية التي تعرفها الثكنة على مستوى التجهيزات والزي الموحد والمرافق الصحية وغرف النوم والاستحمام وأدوات الطعام والحلاقة، وكيف يضطر العاملون إلى إبداع وسائل يدوية الصنع للنوم والأكل عليها، وما يسترون به نوافذ غرفهم، إلى باقي أبسط الضروريات. وبينما علمت «الاتحاد الاشتراكي» بدخول جهات أمنية على الخط، رأى العديد من الملاحظين والمتتبعين أن السلطات المعنية والإقليمية كان عليها فتح «تحقيق مفاجئ» في وضعية ثكنة الوقاية المدنية بخنيفرة والعاملين بها، وهو ما كان ينتظره المراقبون ممن يخشون اليوم من «ضياع البوح بالحقيقة» بسبب واقع الخوف من إجراءات التأديب والعقاب والطرد والتنقيل التعسفي أو فقدان مصدر العيش في ظروف معنونة بالعطالة وانعدام البديل.