يظهر أن جامعة كرة القدم لم تعد مجرد جمعية رياضية تابعة بمنطق القانون لوصاية وزارة الشباب والرياضة، بل تحولت في عهد الحاكم الجديد فوزي لقجع إلى مؤسسة مستقلة بقوانينها الخاصة ومواردها وماليتها الذاتية، وأصبح بإمكان رئيسها ومسيريها رفعها إلى مصاف مؤسسات الدولة الرسمية وفي مقدمتها وزارة أوزين ووزارة حصاد وغيرهما. إذ ما معنى أن يترك لرئيس الجامعة كامل حرية التصرف في تدبير ميزانية ضخمة جدا كالتي تتوفر عليها صناديق جامعته؟ وما معنى أن يسمح الرئيس نفسه بالتوقيع على اتفاقية شراكة بينه كممثل للجامعة وبين الحكومة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة ووزارة الاقتصاد المالية ووزارة الداخلية بخصوص مشروع تأهيل البنيات التحتية الذي رصد له غلافا ماليا بلغ مليار ونصف درهم؟ وما معنى أن يوافق الرئيس على أن تساهم جامعته بمبلغ كبير وصل ل مائة مليون درهم للمساهمة في إنجاز المشروع علما أن تطوير البنية التحتية وتأهيلها يظل من اختصاص الدولة والحكومة؟ والحديث يجرنا إلى لغة الأرقام والمال، يبدو أن الأمور اختلطت على رئيس الجامعة الذي أصبح لا يميز بين مهامه في وزارة المالية وبين مسؤوليتة في تدبير جمعية رياضية, فلنعيد طرح مجموعة من الملاحظات وقف عليها المتتبعون بعد مرور حوالي 120 يوما من تولي فوزي لقجع رئاسة الجامعة الكروية، وأولى تلك الملاحظات والتي تبدو أساسية ومثيرة، تتعلق بطريقة تدبير وصرف أموال الجامعة، والتي يبدو من خلال الأسلوب المعتمد في تدبيرها، أن الرئيس لقجع « معندوش كبدة على فلوس الكورة» .. الرئيس منذ توليه الرئاسة، سال مداد قلمه فائضا لا تخيفه الأرقام المدونة على الشيكات ولا ترهبه كثرة الأصفار المسترسلة يمينا. فبمجرد انتخابه بأيام معدودة، قرر الرئيس التعاقد مع مجموعة من الأطر التقنية الوطنية للإشراف على تدريب المنتخبات الوطنية، ولأن البلجيكي كان يتقاضى أزيد من 300 مليون كراتب شهري، فقد أصر لقجع أن يظل نفس الرقم حاضر كل نهاية شهر، لكنه هذه المرة سيكون موزعا على عدد أكبر من المدربين وليس على مدرب واحد.. فمن 50 مليون للزاكي، إلى 30 أو 40 لفاخر، مرورا بملايين لبنعبيشة وجريندو وبودربالة وحجي وشيبا aوفوهامي، وصولا إلى ثلاثي الإدارة التقنية الوطنية حرمة الله ولاركيت ومورلان بأكثر من 100 مليون سنتيم لهم، وقرابتها لمساعديهم. صحيح، أطرنا التقنية تستحق كل خير، وتستحق أن توفر لها كل الإمكانيات بما فيها المالية لتشتغل في ظروف وشروط جيدة، لكن أن يفتح لقجع « الروبيني» بمثل هذه الطريقة ويسمح لنفسه بتوزيع المال هنا وهناك بكل هذا السخاء، في الوقت الذي لا يجد فيه مدربون وأطر وطنية أخرى أدنى شروط الاشتغال على المستوى القاعدة في الأندية وفي مراكز التكوين، فالأمر يتطلب مراجعة طريقة تدبير مثل هذه الملفات، وإعداد أسلوب جديد يكون عادلا في توزيع وتدبير « ثروة» الجامعة وميزانيتها. الأمر نفسه ينطبق على المنح وعلى أموال دعم الأندية التي تعتبر ركيزة الممارسة الكروية والتي بدون حضورها لا تبقى أية جدوى من وجود الجامعة, فأندية الهواة مثلا تعيش الفقر المدقع، والقليل الذي تتوصل به من الجامعة لا يعينها على تحمل تكاليف السفر لأكثر من ثلاث رحلات أو أربعة خارج معاقلها، وكان من الضروري كما يحدث في البلدان المتقدمة كرويا أن يتم التركيز على أقسام الهواة والقاعدة ومنحها أفضل الشروط وأحسن الوسائل. لقد اتضح أن جامعة الكرة تتوفر على إمكانيات مالية هامة وضخمة جدا، والمفروض أن يتم تدبيرها بطريقة عادلة يستفيد منها كل المتدخلين والفاعلين بشكل عادل ومتساوي وكل حسب دوره ومردوده. في السياق نفسه, لن يختلف اثنان حول حجم الثروة الضخمة التي تتمتع بها كرة القدم الوطنية, والتي تساهم في رفع أرقامها مجموعة من المؤسسات والشركات الاقتصادية الوطنية, لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الجانب هو كيف يتم توزيع كل هذه الخيرات القادمة من مؤسسات القطاع العام على أنديتنا الوطنية؟ في هذه النقطة بالذات يغيب مرة أخرى منطق العدالة والمساواة إذ في الوقت الذي تنعم فيه أندية بالمال الوفير من مؤسساتنا الاقتصادية الوطنية, تحرم العديد من الأندية من ذلك وتضطر لانتظار ما تجود به الجماعات المحلية من صدقة لكي تواصل استنشاف هواء الاستمرار والوجود.