رمى ملك البلاد حجرين ضخمين في بركة السياسة الوطنية الراكدة، كل حجر يزن بلداً، وكل حجر في شكل سؤال أين الثروة؟ هكذا تساءل ملك المغرب في خطاب العرش - أين الاقتصاد؟ أضاف في خطاب ثورة الملك والشعب. بغض النظر عن المناسبتين المختارتين في طرح السؤالين الكبيرين العرش بالنسبة لسؤال الثروة، والثورة بالنسبة لسؤال الاقتصاد، فإن الموضوعين يصبان معاً في قلق واحد بشقين: سوء توزيع الثروة الوطنية وكل ما يرتبط بذلك من سياسات عمومية وموقع الفقر والتنمية في قراءة خارطة الحاضر بالمغرب، وتخلف الاقتصاد عن الوصول إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والانتقال الى دائرة الاقتصادات الصاعدة وكلا الأمرين يرتبطان في تحليل الأوضاع بمصير البلاد، وبالاستقرار المطلوب فيها لتتطور وتنتقل الى خارج دائرة الخطر والخطر، قد يعني الخطر الاجتماعي والثورات التي تنتج عن الفوارق الطبقية.. هذه العبارة التي خرجت من التداول العام حتى لدى جزء كبير من اليسار الذي استمرأ مصطلحات بلا أنياب وبلا لون طبقي كما يمكن أن تنتج عن تزعزع الثقة في النموذج الذي مازال يمثل حالة للدراسة في المنطقة وكيفما كانت أسباب ذلك، فإن حالة التساؤل، (في الخطابين الملكيين) تحملان، في ثنايا التبليغ دلالة على أن «شيئا ما لا يرام في مملكة المغرب». وقد يكون ذلك كما سبق التعبير عنه سابقا متأخرا في أجندة كان من المقرر أن ترى النور بعد 10 سنوات من العهد الجديد. ومسوغ ذلك، في تقدير المتابعة للإرادة المعلنة هو أن كل الخطوات / المعالجات الوطنية التي تمت (الماضي، الأمازيغية، المرأة، المجال..)، كلها كانت ضرورات سياسية وثقافية وديمقراطية تاريخية، للوصول إلى صلب السياسة العمومية أي كيف نصل إلى التنمية (وتجاوز مؤشراتها التي تزداد سوءا)، التي تقودنا الى اقتصاد.. «البلدان الصاعدة» هذا الحكم تعطل بما يكفي لكي يتحول الى... قلق، وشعور يشبه ما انتاب هاملت في مسرحية شكسبير بأن «شيئا ما نتن في المملكة». والنتانة تأتينا من مظاهر التفاوت الطبقي والفساد وسوء التوزيع والتفكك الاجتماعي... إلخ. يمكن المغامرة بالقول إن الملك، في سياق الوضع العام، وبالرغم من الثقة في التجربة المغربية، لا يشاطر جزءا من النخبة السياسية... طمأنينتها المفرطة، ويستشعر أن سؤال الثروة واقتصاد الفوارق، هما بؤرتان لدخول.. القلق وتسرب الخطر. إن السؤالين، الحجرين، هما بحد ذاتهما برنامج عمل كما يقول عادة علماء السياسة ومحترفوها، لكنهما في العمق جوهر الحكم اليوم، وجوهر معالجته، لأن فيهما من.. الثقل ما لا تحمد عقباه، عند نسيان كل الدلالات الواردة فيهما. لا مجال لمقارنة خطاب بخطاب، ولا درجة التفاعل الواعي بين الفاعلين الرئيسيين في السياسة العمومية، هناك فقط الحاجة لاستحضار الشعور الهامليتي، «بأن شيئا ما ما نتن في مملكة الدنمارك». ويزداد استحضار الخطر، باستحضار الوضع العام في المنطقة، والتي تتحكم فيها الاستراتيجيات الضيقة للجوار، بما فيها الانفصال.