15 ماي 2005 كانت لحظة متميزة في مسيرتنا الاجتماعية و الاقتصادية والجمعوية، خطاب ملكي أسس لأول مبادرة في مجال التنمية البشرية على صعيد عالمنا العربي و الإسلامي، جاءت ضمن رؤية شمولية و شكلت قوام مشروع مجتمعي يهدف إلى تمكين المواطن من استثمار أنجع لمؤهلاته و قدراته، وإلى تحسين أوضاعه الاجتماعية و الاقتصادية فكانت انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الأولى و التي شملت العديد من مجالات التنمية الاجتماعية و مست البنى التحتية لعدد من المناطق و الجماعات المهمشة التي كانت تعاني ضعفا و خصاصا كبيرين في التجهيزات الأساسية و في المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي ، كما مكنت عددا كبيرا من المواطنين و العاطلين من الانخراط الفعلي فيها عبر العديد من المشاريع المدرة للدخل، فكانت بحق «ثورة» في مجال المبادرة الحرة وفي التنمية البشرية التي انخرط فيها الجميع بروح وطنية ومسؤولية أخلاقية على الرغم من تسجيل بعض الانزلاقات و الاختلالات التي تم رصدها في عدد من المشاريع بسبب العقلية السائدة التي تحكمت في مسار حاملي المشاريع وجمعيات الريع، ثم تأتي المرحلة الثانية التي كان لإقليمجرادة شرف إعطاء انطلاقتها من طرف جلالة الملك بنفس وقوة جديدين لتستمر المسيرة التنموية وتبدأ معها رحلة إثبات الذات من طرف النسيج الجمعوي الذي جعل ضمن أولوياته الانخراط الفعلي والعملي في هذا الورش الكبير الذي ساهم في تغيير حالات عدد من استفادوا من حسنات المبادرة، وإذا كان إقليمجرادة قد شهد انطلاقة شطرها الثاني فإن استفادة الجمعيات و حاملي المشاريع كانت متفاوتة بين مدينة و أخرى، وهو الأمر الذي جعل عددا من الجمعيات تحظى بعدد كبير من المشاريع على الرغم من فشل بعضها، وجمعيات بلا شيء وهو الأمر الذي كان سائدا في مرحلة سابقة من عمر المبادرة، زيادة على ذلك غياب التأطير والتوجيه والمواكبة من طرف المصالح المشرفة على تتبع مشاريع المبادرة، وهو الأمر الذي تنبه إليه العامل الجديد ، الذي أكد في عدد من اللقاءات على أنه لن يسمح بتكرار نفس السيناريوهات التي كانت سائدة من قبل وأنه سيعمل بكل مسؤولية على افتحاص المشاريع السابقة بما يتطابق مع روح وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومدى انضباط الجمعيات المستفيدة لأهدافها، وهو الأمر الذي ينتظره الجميع، لأنه دون مراجعة للأخطاء السابقة فلن نتمكن من تحقيق الغايات المتوخاة من المبادرة. والأهم من هذا وذاك، الحفاظ على موارد مالية عامة لن نسمح بأي حال من الأحوال أن يتم هدرها بمشروعات فاشلة و غير ذات قيمة. هو إذن تحدّ جديد يفرض نفسه بقوة مع سلطة إقليمية تعرف أكثر من غيرها متطلبات ساكنة الإقليم، كما تعرف جيدا أوضاع شبابه الاجتماعية.